في معرض بالرباط: المنصوري الإدريسي يحلق في “ملكوت اللون بين الحلول والتعالي”
بقلم ليلى الشافعي
الرباط – استقبل جمهور رواق باب الرواح مساء أمس بالرباط جديد أعمال الفنان التشكيلي محمد المنصوري الإدريسي الذي قدم لوحات تحت شعار فلسفي عميق “ملكوت اللون بين الحلول والتعالي”.
وتعكس عشرات اللوحات أجسادا بشرية وحيوانية وكائنات هلامية قد تنتمي إلى لا وعي الرسام، تندغم جميعها بشكل لافت داخل ألوان ساخنة وحارة يطغى عليها الأحمر والأصفر والبرتقالي والأزرق، تقفز حيوية وانطلاقا.
يقول الفنان محمد المنصوري الإدريسي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، توضيحا لشعار المعرض، إن اختياره ليس وليد الصدفة ولا يدخل في سياق الترف الفكري الذي ينجذب له البعض، بل هو اختيار جمالي له ما يؤسسه فنيا ووجوديا، فمفهوما “الحلول” و”التعالي” هما اصطلاحان فلسفيان لهما حمولة صوفية.
واعتبر أن توظيفه لهذين المفهومين توظيف جمالي استتيقي وليس ميتافيزيقيا، فاستثمارهما يندرج في مساءلته الطويلة والدائمة لتجربة اللون ولعوالمه الآسرة.
وأضاف أن ما يقصده بملكوت اللون في لحظة الكمون أو المحايثة هو محاولة النفاذ إلى هذا الملكوت في ذاته، باعتباره يجد بلاغته الشعرية في ذاته وليس في الإحالة إلى العالم أو الواقع أو الموضوعات، مشيرا إلى أن ملكوت اللون في لحظة التعالي يحيل إلى لعبة التحرر من قبضة الواقع الموضوعي المشخص، والدفع بتجربة اللون إلى خلق عالمها الطيفي الخاص العاري من الإحالات الواقعية والممتلئ بنوع من الانطباعية الخلاقة.
وعن تفسيره لاختيار الألوان الحارة، قال إن فكرته كانت هي التعبير عن طبيعة الإنسان المغربي الحارة على جميع المستويات، سواء في حب العائلة أو حرارة الصداقة أو الجوار، فضلا عن رغبته الواعية في عدم استعمال ألوان رمادية وسوداء يستعملها الغرب، وذلك حتى لا يسقط في الاغتراب الفني.
وحول تحوله من التشخيص إلى التجريد، قال إنه تجاوز مدرسة الرسم والتشخيص منذ فترة، واقتصر على إحالات مقصودة تبدو ضبابية في لوحاته يوجهها إلى نفسية المتلقي الذي يعتبر هو من يصنع موضوع اللوحة مشيرا إلى أن التشخيص أصبح أمرا متجاوزا وغير مرغوب فيه، على اعتبار وجود آلات تضاهي ما يمكن أن يقوم به الإنسان، من برامج إلكترونية ثلاثية الأبعاد ومن فوطوشوب …الخ.
وعن التقنية التي يستعملها في فنه، قال إنه يستعمل تقنية البصمات، يبدأ ببسط اللون على اللوحة، ثم يضع البصمات مستعملا أي شيء تقع عليه يداه، من ثوب أو أوراق الشجر أو إسفنج، أو أيه مادة أخرى، وبعد ذلك يبدأ التدخل الشخصي للفنان.
وقال الصحافي والباحث في فلسفة الجماليات عبد اللطيف بوجملة في دليل المعرض، “شيء واحد جوهري يستعصي على الفهم في عود الطيف في حركته المضجرة: الضوء وقد صار ألوانا. ما يستعصي على الفهم هو إبراز وإظهار وإجلاء ما يختفي وما يتوارى في منتوج الصانع. فمقومات المعلم الذي يقوم على حركة الطيف المتعبة إلى حد التراخي لا تشكل انطلاقا من موادها “الأولية”: القماش والأصباغ وتقابلاتها ومنازلها أو المواد المختلفة والأدوات (…) ومثل “الحرفي الصباغ” يستعمل الفنان الأصباغ مع فارق في الدرجة: فإن كان الحرفي الصباغ يستعمل أصباغه لتستهلك، فإن الرسام يستعملها لكي لا تستعمل أو تستهلك، بل لكي تثبت وتنفي ولكي تكشف وتخفي كل أسرارها”.
ومن جهته اعتبر الكاتب والباحث في فلسفة الجماليات محمد الشيكر أن تجريدية محمد المنصوري الإدريسي تنهض على حمولة رمزية فائقة، تحيل على ذاتها، وآلياتها البلاغية أكثر مما تحيل على أي معادل موضوعي كائنا ما كان مشيرا إلى أن لمسة المنصوري الساحرة تتمثل في قدرته الاستثنائية على نقل عين المشهد من صعيد الرؤية البرانية، المتسربلة بتفاصيل العالم العيني إلى صعيد الرؤيا الجوانية المأهولة بالرموز والبلاغات والشعريات.
وأضاف أن “أنامل المنصوري تخلق عالما جديدا هو عنوان للتولد والتخلق، فيه تطالعنا كائنات هلامية شبيهة بالمضغ ونسوغ الولادة والتشكل، وفي تضاعيفه تستوي الأجساد وأطياف الأجساد، كما لو فاض عنها رحم أنطولوجي معطاء”.
تجدر الإشارة إلى أن الفنان محمد المنصوري الإدريسي الذي تلقى تكوينا أكاديميا مهما، خاصة بفرنسا، قد ساهم منذ 1977 في معارض جماعية وفردية في عدد من البلدان أهمها اليابان وفرنسا وقطر وإسبانيا والصين والبرتغال، كما شارك سنة 2012 في تمثيلية المغرب في الدورة الخامسة للثنائي الدولي للفنون ببيجين بالصين وفي سنة 2011 في معرض الفنانين التشكيليين العرب المشهورين بالصين أيضا.
ومن بين ما صدر للمنصوري، الرئيس المؤسس لجمعية الفكر التشكيلي بالرباط: “أقوال في ورشة الفنان” و”مقتطفات لمصطفى القصري” عن منشورات كوبيرنيطو، و”باتجاه سبل الفريد: الإبصار مع الصوفيين” منشورات وزارة الثقافة.
اقرأ أيضا
السيد أزولاي: المغرب جعل من السلام والتنوع المحرك المركزي لحداثته وريادته
أكد مستشار صاحب الجلالة، السيد أندري أزولاي، اليوم الثلاثاء في كاشكايش، أنه في عالم يعاني من “الإنكار والإقصاء ونبذ الآخر” جعل المغرب من ثراء تنوعه “المحرك المركزي” لحداثته الاجتماعية.
فيينا.. المغرب يسلط الضوء على خبرته في مجال الأبحاث النووية
يسلط المغرب، من خلال جناح مخصص يحتضنه مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الضوء على المساهمة البارزة للمؤسسات المغربية في مجال الأبحاث النووية وتكوين الأطر الإفريقية في استخدام التطبيقات النووية لأغراض سلمية.
البرتغال.. السيد بوريطة يتباحث مع نظيره البرتغالي على هامش المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات
تباحث وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الثلاثاء بكاشكايش البرتغالية، مع وزير الشؤون الخارجية البرتغالي، باولو رانجيل.
أخبار آخر الساعة
-
السيد أزولاي: المغرب جعل من السلام والتنوع المحرك المركزي لحداثته وريادته
-
فيينا.. المغرب يسلط الضوء على خبرته في مجال الأبحاث النووية
-
البرتغال.. السيد بوريطة يتباحث مع نظيره البرتغالي على هامش المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات
-
الحكومة تواصل تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية وتنفيذ سياسات اجتماعية منصفة ومستدامة (السيد أخنوش)
-
حجز مجموعة من الحيوانات البرية والزواحف كانت موجهة للبيع بشكل غير مشروع في كل من الناظور ومراكش (مصدر أمني)
-
الاستثمار في الشباب ضرورة ملحة لمستقبل الصناعة المغربية (السيد مزور)
-
أكادير تستضيف الاجتماع التشاوري الجهوي الأول حول خارطة طريق التجارة الخارجية 2025
-
مجلس المستشارين يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي