سيدي قاسم.. المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في صلب دينامية دعم التمدرس
(علي رفوح)
سيدي قاسم – بفضل الوسائل المالية والبشرية المعبأة وجودة الاستهداف المعترف لها بها والتي تعتبر سر نجاحها، تتموقع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية اليوم باعتبارها فاعلا أساسيا في دينامية دعم التمدرس بإقليم سيدي قاسم.
إذ أن النهوض بتمدرس ذي جودة بالنسبة للأجيال الصاعدة، يرتقي إلى مصاف الأولويات ضمن عمل المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تتمحور حول أربعة برامج إرادية، اثنان منها جديدان (الثالث والرابع) وينكبان على أبرز أسباب التأخير الحاصل في مجال التنمية البشرية.
وبالفعل، فإن البرنامج الرابع الموجه للتقصي بشأن أحد أبرز أسباب العجز في مجال التنمية البشرية، يهم “الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة”، والذي يتضمن، من بين محاور أخرى، التعليم الأولي وتحقيق التفتح والتفوق المدرسي.
الهدف من هذين التيمتين يتمثل في تعميم التعليم الأولي في المناطق القروية المعزولة، بشراكة مع قطاع التربية الوطنية، وتوفير الظروف الضرورية للنجاح الدراسي وتحقيق التفتح لدى الطفل والمراهق، من خلال الوقوف على عوامل الهدر المدرسي الذي يفاقم مخاطر التهميش في صفوف العديد من الشباب.
في هذا الإطار، يتم التركيز على العالم القروي الذي يطرح، بالنظر لخصوصياته، العديد من التحديات المرتبطة بانعدام المساواة في الولوج إلى التعليم، خاصة في صفوف الفتيات.
ومن أجل رفع هذا التحدي ضمن إقليم يهيمن عليه الطابع القروي، تولي اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بسيدي قاسم، أهمية كبرى لهذا المحور الحيوي بالنسبة لمستقبل المغرب. وفي هذا الصدد، تظهر الأرقام حجم الجهد المبذول.
فقد تم تخصيص غلاف إجمالي قدره 46 مليون و392 ألف درهم، تبلغ مساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ضمنه ما مجموعه 34 مليون و241 ألف مليون درهم، وذلك من أجل دعم قطاع التربية في الإقليم، برسم السنة الدراسية 2021-2022.
ويستفيد من المشاريع المبرمجة في هذا الإطار، والممولة بشكل مشترك مع صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية الذي يساهم ب12 مليون و151 ألف درهم، أي 26 بالمائة، مقابل 74 بالمائة بالنسبة للمبادرة الوطنية، ما مجموعه 123 ألفا و903 مستفيد، وفق معطيات للجنة الإقليمية للتنمية البشرية بسيدي قاسم.
ويهيمن التعليم الأولي، من بين هذه المشاريع، على ميزانية تبلغ 15 مليون و209 آلاف درهم، تضطلع بها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بشكل كامل، متبوعا بالنقل المدرسي، الذي يتطلب غلافا ماليا قدره 14 مليون و671 ألف درهم، 2.6 مليون درهم منها مساهمة من المبادرة الوطنية.
وبخصوص السكن المدرسي، وخاصة دور الطالب والطالبة، التي يتجاوز عددها 32، أوضح رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم سيدي قاسم، محمد جراح، أنه تم تأهيل عدة وحدات في الإقليم، مؤكدا أن هذه المؤسسات تساهم في محاربة الهدر المدرسي، خاصة في صفوف فتيات الوسط القروي.
وأضاف، في تصريح للقناة الإخبارية لوكالة المغرب العربي للأنباء (إم 24)، أن دعم التعليم الأولي في العالم القروي يشكل محورا رئيسيا، موضحا أنه تمت برمجة أكثر من 160 وحدة على مستوى الدواوير التابعة للإقليم، وذلك منذ إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وبرسم سنة 2021، يتابع المتحدث، فقد تمت برمجة 50 وحدة للتعليم الأولي، باستثمارات إجمالية تفوق 15 مليون درهم.
وحسب المعطيات ذاتها، فقد عرفت مشاريع النقل المدرسي استفادة 3000 من التلاميذ، وهمت تلك المتعلقة بالدعم المدرسي 1000 مستفيد، والصحة المدرسية 2000 مستفيد، ودار الطالب (ة) 690 مستفيد.
هذه المساهمة الكبيرة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية كان لها أثر إيجابي على مؤشرات التعليم بالإقليم.
فحسب المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بسيدي قاسم، محمد آيت وادف، فقد تم تنفيذ البرنامج المتعلق بالتعليم الأولي بنجاح على مستوى الإقليم، بفضل الجهود الكبيرة المبذولة بمعية الشركاء، خاصة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وأوضح، في تصريح مماثل، أنه تمت حتى الآن تهيئة وتجهيز 53 قسما للتعليم الاولي، في حين تم بناء وتجهيز 114 قسما آخر، وهو ما يمثل نسبة 85 بالمائة من تعميم التعليم الاولي، مضيفاً أن الاقليم بذلك يتجاوز المعدل الوطني (74 بالمائة).
ومن بين المؤشرات الأخرى التي كشف عنها المسؤول، هناك النقل المدرسي، حيث يتوفر الاقليم على 176 حافلة نقل مدرسية، يستفيد منها حوالي 16700 طالب، وهو أحد أكبر أساطيل الحافلات المدرسية في جهة الرباط – سلا – القنيطرة.
وقد تم تعزيز هذا الاسطول بدخول 35 حافلة جديدة حيز الخدمة، تم تسليمها أمس الثلاثاء، من قبل عامل إقليم سيدي قاسم، الحبيب ندير، وتم اقتناء هذه الحافلات بفضل تمويل مشترك من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية، لفائدة 24 جماعة قروية.
ويستفيد من برنامج “تيسير” لدعم الأسر المعوزة من أجل خفض تكاليفها وضمان ظروف تعليمية جيدة لأبنائها، 76 ألف تلميذ بالتعليم الابتدائي والاعدادي و47 ألف أسرة. ويتوفر الاقليم على 14 داخلية، بالإضافة إلى مقاصف على مستوى المرحلة الابتدائية، بالإضافة إلى دور الطلاب.
فضلا عن الأرقام، فإن الأثر البشري لهذه البرامج والمشاريع لا يقدر بثمن بالنسبة للسكان. ويعتبر فضاء التعليم الاولي في جماعة زيرارة (إقليم سيدي قاسم) خير مثال على ذلك. إذ تبعث هذه المؤسسة الواقعة في منطقة قروية، الأمل في تحقيق انطلاقة ناجحة في حياة أطفال هذه المنطقة.
تبرز لطيفة شملال، مربية، ان هذه المؤسسة تستقبل أكثر من 160 طفلاً ما بين 4 و5 سنوات، يؤطرهم أربعة إلى خمسة مربيات يتدخلن في مرحلة مهمة من حياة الطفل، يبني خلالها شخصيته، وينمي قدراته، ويستعد للالتحاق بنجاح بالتعليم الابتدائي.
وأوضحت “نشاطنا يعتمد على طرق بيداغوجية تفاعلية، مثل التربية من خلال اللعب أو بيداغوجية الخطأ”، مشيرة إلى أن “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية زودتنا بالمواد البيداغوجية اللازمة وبمساحة مناسبة تساعدنا على العمل والأداء”.
مثال آخر على المزايا التي تقدمها برامج المبادرة الوطنية على مستوى الاقليم: دار الطالبة بجماعة دار الكداري، والتي تستضيف 60 مستفيدة من الجماعات القروية المجاورة.
وقال رئيس جمعية دار الطالبة الكداري، محمد كداري، لوكالة المغرب العربي للأنباء “لا نريد أن يقتصر دورنا على الإقامة والمطعمة، بل يشمل أيضا ترسيخ القدرات المعرفية والفكرية للمستفيدات اللاتي يلتحقن بمؤسستنا في سن 12 عامًا ويغادرنها بعد حصولهن على شهادة البكالوريا في سن 18 أو 19 سنة”.
ونوه بأن نسبة نجاح المستفيدين في البكالوريا تناهز حاليا من 100 بالمائة، بفضل إجراءات الدعم والمواكبة والعديد من الخدمات الأخرى، مثل دروس الدعم، فضلًا عن البنيات المتاحة لهم مثل قاعة الإعلاميات متعددة الوظائف ومساحات الدراسة.
فبين أسوار هذه الفضاءات والمؤسسات، هناك رجال ونساء يؤمنون إيمانا راسخا بأن مستقبل الأمم يبنيه الإنسان، ويزرعون في هذه الأرض الخصبة والواعدة، المتمثلة في الأجيال الشابة، القيم والمعرفة التي تهيؤهم لبناء مجتمع قوي ومزدهر.
اقرأ أيضا
أديس أبابا: انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية
تم انتخاب الناشطة في مجال حقوق الإنسان لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية، التي تم إطلاقها هذا الأسبوع في أديس أبابا تحت رعاية إدارة السلام والأمن التابعة للاتحاد الإفريقي.
الأيام الإفريقية للموارد البشرية بالجديدة .. المهاجرون الأفارقة يضطلعون بدور أساسي في تنمية القارة (جلسة)
أكد المشاركون في ندوة نظمت، اليوم السبت بالجديدة، في إطار الدورة ال 22 للأيام الأفريقية للموارد البشرية (JARHs Morocco 2024)، أن المهاجرين الأفارقة ( أفارقة العالم) يضطلعون بدور أساسي في تنمية القارة.
المهرجان الدولي للسينما والهجرة بوجدة يطفئ شمعته الـ12
افتتحت، مساء أمس الجمعة، بمسرح محمد السادس بوجدة، فعاليات الدورة الـ12 للمهرجان الدولي للسينما والهجرة، الذي تنظمه جمعية التضامن للتنمية والهجرة إلى غاية 25 نونبر الجاري.
أخبار آخر الساعة
-
أديس أبابا: انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية
-
الأيام الإفريقية للموارد البشرية بالجديدة .. المهاجرون الأفارقة يضطلعون بدور أساسي في تنمية القارة (جلسة)
-
المهرجان الدولي للسينما والهجرة بوجدة يطفئ شمعته الـ12
-
الدار البيضاء : حفل تكريم لروح الفنان الراحل حسن ميكري
-
المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية (السيد بنسعيد)
-
تطوان .. افتتاح فعاليات الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان الوطني للمسرح
-
استعراض تجربة الشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجيستيكية في دمج الرقمنة في قطاعي النقل واللوجستيك بالمنتدى الدولي والمعرض الإفريقي لوسائل النقل
-
الجماعات الترابية.. الجمعية المغربية لرؤساء المجالس الجماعية وجمعية المنتخبين الفرنسيين توحدان جهودهما لتعزيز التعاون اللامركزي