آخر الأخبار
رمضان في الولايات المتحدة مناسبة للتطهر الروحي وتوثيق الصلات بين الجالية المسلمة ومجتمع الاستقبال

رمضان في الولايات المتحدة مناسبة للتطهر الروحي وتوثيق الصلات بين الجالية المسلمة ومجتمع الاستقبال

الإثنين, 5 أغسطس, 2013 - 11:28

واشنطن – لا توحي شوارع واشنطن بأن هناك شهرا اسمه رمضان، فالمطاعم والمقاهي مفتوحة على مصراعيها، وهذه سيدة تحتسي قهوة الصباح، وهذا شاب يدخن سيجارة قرب موقف للحافلات. وحدهم أبناء الجالية المسلمة يستشعرون أجواء رمضان بكل روحانياتها، وإن تسللت إلى أنوفهم نكهات القهوة في طريقهم إلى قضاء حوائجهم.

على أن الأمر خلاف ذلك، ولو بشكل نسبي على مستوى ولاية فيرجينيا، بالنظر إلى الأعداد الكبيرة للجاليات المسلمة المقيمة هناك، وكذا لعدد المساجد الموجودة بهذه الولاية المتاخمة للعاصمة الأمريكية واشنطن، فضلا عن العديد من الكنائس التي أضحت تستقبل المسلمين لممارسة طقوسهم الدينية، لاسيما التراويح الرمضانية، وهو ما يمثل رسالة قوية للتسامح والتعايش والاحترام الذي يجمع بين أتباع مختلف الديانات.

فما أن يبدأ العد التنازلي لأذان صلاة المغرب، حتى تتحول المساجد إلى “مطاعم”، تتقاطر عليها أعداد كبيرة من المسلمين باختلاف أصولهم، العربية الإفريقية والأسيوية والأمريكية، لتناول وجبة الإفطار، في عرس اجتماعي فريد تسوده المحبة والتسامح والتراحم.

وتمثل موائد الرحمان إحدى أبرز السمات التي تميز شهر رمضان في الولايات المتحدة الأمريكية، التي يقدر عدد المسلمين بها بنحو ثمانية ملايين نسمة، كما أنها تشكل، إلى جانب أنشطة إرشادية أخرى، أبرز مظاهر الاحتفاء برمضان، خصوصا وأنها غير موجهة فقط للفئات الفقيرة، وإنما هي مفتوحة في وجه الجميع.

وحسب سمير أبو عيسى، المدير التنفيذي لمركز دار الهجرة الإسلامي، الذي يوجد بمدينة “فولس شيرش” بمنطقة فيرجينيا، فإن هذا المركز يقدم خدمات متعددة لجالية إسلامية متنوعة تضم نحو 32 جنسية، من المغرب العربي، ومن دول أخرى إفريقية وأسيوية.

ويبدي أبو عيسى، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، ارتياحه لأجواء التراحم والتماسك والتفاعل التي تسود خلال شهر رمضان المعظم بين أفراد الجالية الإسلامية، مشيرا إلى أن ما يقارب 700 إلى 900 شخص يتناولون يوميا وجبة الإفطار بالمسجد، وهذا فقط بفضل المساعدات والهبات التي يتقدم بها أفراد الجالية.

وأضاف أن هذه المساعدات لا تقتصر فقط على توفير الإفطار، وإنما تمتد لتقديم أطعمة لنحو 150 شخصا يوميا تنقل إلى بيوتهم، مستطردا أن المركز الإسلامي لدار الهجرة يتوفر على بنك للطعام يوزع أطعمة غير مطبوخة ل170 عائلة أسبوعيا إلى غاية تمكنها من إعالة نفسها.

وأكد في هذا السياق أن الجالية المسلمة بهذه المنطقة ترتبط بوشائج قوية ونموذجية، ويتراوح عدد المصلين خلال التراويح الرمضانية ما بين ألف وألف و500 شخص، وهذا أيضا بفضل الأئمة المشرفين على المسجد، الذين يسهرون على توجيه النصح والإرشاد للجاليات الإسلامية التي تتردد على المسجد، وكذا كفاءة مقيمي الشعائر سواء على مستوى حفظ القرآن الكريم وضبط قواعده أو الصوت الحسن والتمكن من القراءات القرآنية.

وفي سياق متصل، أبرز الشيخ المغربي عبد الله مرحوم، إمام المسجد ومقيم الشعائر الرمضانية، أن رمضان في أمريكا الشمالية يمثل فرصة طيبة لتجديد وتعزيز روح الأخوة والصداقة بين أفراد الجالية المغربية والجالية المسلمة وغير المسلمة عموما، في أجواء يسودها الانفتاح والاعتدال، معتبرا أن وجبات الإفطار التي تجمع مختلف الشرائح من المجتمعات الإسلامية تساعد بشكل كبير على الانفتاح على الثقافات والتعرف على عادات وتقاليد أمم أخرى.

وبالنسبة للشيخ مرحوم، الذي تألق بشكل كبير خلال الليالي الرمضانية لهذه السنة، بالنظر إلى حفظه لكتاب الله عز وجل وضبطه لمختلف القراءات القرآنية، التي تجعل المصلي يتدبر ويتمعن مضامين القرآن الكريم، فإن تجربته كإمام انطلقت بهيوستن بولاية تكساس، قبل أن ينتقل إلى بوسطن ثم فيرجينيا، في تجربة غنية التقى خلالها مع العديد من العلماء والأئمة الذين لهم قدم راسخة في العلم.

وعبر عن سعادته لأن رمضان ذاع صيته في أمريكا، حيث أصبحت وسائل الإعلام المحلية تتحدث عن أجوائه وتنشر مواعيد الصيام للجاليات المسلمة، كما أن الرئيس الأمريكي أصبح يحرص على أن يبعث بالتهاني بحلول هذا الشهر العظيم للجاليات المسلمة، بل يقيم حفل إفطار بالبيت الأبيض، تحضره مختلف أطياف المجتمع الأمريكي، للتعبير عن دعمه وتشجيعه للأمريكيين المسلمين في ممارسة معتقداتهم الدينية بكل حرية.

وأكد الشيخ مرحوم أن رمضان مناسبة أيضا بالنسبة للجالية المسلمة لتصحيح مجموعة من السلوكيات في الممارسة الدينية، وكذا التفاعل مع المجتمع المحلي، مؤكدا أن البرامج والأنشطة الإرشادية والدعوية التي تنظمها جل المراكز الإسلامية بالولايات المتحدة ساهمت بشكل كبير في تعزيز صورة الإسلام، وإبراز السلوكات والأخلاق الطيبة للمسلمين.

وأعرب عن فخره لتمثيل المغرب بالخارج في المجال الديني، معتبرا أن التجربة التي راكمها بالولايات المتحدة ستساعده حتما عندما يعود يوما إلى المغرب.

أما أبو بكر أبي السرور، وهو مواطن مغربي مقيم بأمريكا منذ أزيد من 34 سنة، فأكد أن شهر رمضان شكل على الدوام مناسبة للجالية المغربية للتراحم والتماسك وفعل الخير وتوطيد العلاقات بين بعضها البعض، وكذا مع باقي الجاليات المسلمة الأخرى، مشيرا إلى أنه على الرغم من الحنين الذي يتنامى لدى بعض المغاربة إلى الأجواء الرمضانية بالمغرب، فإنهم يحاولون التغلب على هذا الشوق ما استطاعوا عبر خلق أجواء رمضانية تشبه نظيرتها في البلد الأم.

ولاحظ أبي السرور، وهو موظف سابق بالبنك الدولي، أن خصوصيات رمضان أصبحت لحظة مثيرة وقوية في الولايات المتحدة، حتى أن وسائل الإعلام الأمريكية أضحت تنشر مواعيد بدء الصيام، وكذا بعض المواد الصحفية الخاصة بالشهر من عادات وتقاليد المسلمين وأشهر الأكلات التي تنتشر في أوساط الجالية الإسلامية.

وهكذا، فإن رمضان أصبح محط اهتمام حتى الأمريكيين من غيرالمسلمين، الذين يرغبون في التعرف على الصيام ومنافعه الصحية والروحية وعلى العبادات الإسلامية، وهو ما يعزز وضع وصورة الإسلام في هذا الجزء من العالم.

(بقلم: عادل بلمعلم)

اقرأ أيضا

طوكيو: السيد زيدان يسلط الضوء على المؤهلات التي يزخر بها المغرب كوجهة مميزة للاستثمارات

الثلاثاء, 26 نوفمبر, 2024 في 13:55

أبرز الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، كريم زيدان، بطوكيو، المؤهلات التي يزخر بها المغرب كوجهة مميزة للاستثمارات وفرص الأعمال.

البرتغال.. انطلاق أشغال المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات بمشاركة المغرب

الثلاثاء, 26 نوفمبر, 2024 في 12:59

انطلقت، اليوم الثلاثاء ببلدة كاشكايش البرتغالية، أشغال المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات، وذلك تحت شعار “متحدون في السلام: استعادة الثقة وإعادة تشكيل المستقبل”، بمشاركة المغرب.

الرباط .. تقديم كتاب “إسماع صوت إفريقيا .. أعظم مقتطفات خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس”

الثلاثاء, 26 نوفمبر, 2024 في 10:23

تم، يوم الاثنين بالرباط، تقديم كتاب “إسماع صوت إفريقيا : أعظم مقتطفات خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس”، لمؤلفه بيتر بانيين أنمان، وذلك خلال حفل احتضنه متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر.