جلالة الملك محمد السادس يضطلع بدور ريادي في خدمة القضايا العادلة

(عبد الغني عويفية)
الرباط – حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس، منذ اعتلائه عرش البلاد، على اتخاذ العديد من المبادرات الرامية إلى تعزيز قيم السلام والتعايش عبر العالم، والتي جعلته يضطلع بدور ريادي في خدمة القضايا العادلة على الصعيد الدولي.
فقد تمكن جلالة الملك بفضل رؤيته المتبصرة بخصوص جملة من القضايا وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة، إلى جانب التزامه بتعزيز علاقات التعاون مع البلدان الشقيقة والصديقة، من جعل المغرب نموذجا للاستقرار في محيط دولي يتسم بالاضطرابات وأجواء عدم اليقين.
وقد تجسدت رؤية جلالته لمغرب قوي وموحد، على مستوى قضية الوحدة الترابية للمملكة، من خلال تقديم مخطط الحكم الذاتي الموسع بالأقاليم الجنوبية سنة 2007، كمبادرة جريئة تمكنت من تكسير الجمود الذي هيمن على هذه القضية، وفتح آفاق جديدة لتسويتها.
ويعكس مخطط الحكم الذاتي، الذي حظي بإشادة ودعم القوى العالمية الكبرى، الإرادة الصادقة للمغرب لتفعيل اتحاد المغرب العربي، الذي أصبح اليوم ضرورة استراتيجية وتعبيرا عن طموحات شعوب المنطقة للوحدة والتعاون وتعزيز المبادلات التجارية.
كما تجسدت حكمة جلالة الملك في النداءات التي وجهها جلالته من أجل إعادة فتح الحدود مع الجزائر. وتعبر هذه اليد الممدودة للجزائر عن الإرادة الملكية لبناء مستقبل مشترك مع الجارة الجزائر، على الرغم من إصرارها على إذكاء التوتر بالمنطقة المغاربية عبر دعم انفصاليي (البوليساريو).
ولم يغفل الملاحظون الدوليون هذه الرؤية الملكية لمغرب عربي موحد وفي منأى عن التهديدات الإرهابية التي تتنامى في منطقة الساحل المجاورة، حيث اعتبروا أن المغرب يشكل نموذجا للاستقرار والحكمة السياسية.
على صعيد آخر، انكب المغرب، القوي بإنجازاته ومكتسباته وموقعه الاستراتيجي، على تعزيز تجذره الإفريقي من خلال التعبير عن إرادته لتعزيز التعاون جنوب – جنوب.
وتؤكد الجولة، التي قام بها جلالة الملك في مارس الماضي للسينغال وكوت ديفوار والغابون، هذه الرؤية الملكية لقارة إفريقية متضامنة، وهي الرؤية التي حظيت بإشادة قادة وزعماء القارة.
ودفع الالتزام الراسخ للمغرب من أجل تنمية إفريقيا والدفاع عن القضايا العادلة، العديد من السياسيين والمثقفين، إلى إطلاق نداء من أجل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، معتبرين أنه لا يمكن الحديث عن اتحاد إفريقي حقيقي في غياب المغرب.
واعتبروا أن المغرب، الذي يعد أحد البلدان المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية (التي أصبحت في ما بعد الاتحاد الإفريقي)، قادر على الاضطلاع بدور رئيسي في تنمية إفريقيا، بفضل مستواه التنموي المتقدم، وتجربته وقدرته على القيام بأدوار الوساطة والمصالحة.
وتضع السياسة الإفريقية المتجددة للمغرب، التي تعززت من قبل جلالة الملك منذ اعتلائه العرش، المملكة في موقع ريادي كفيل بجعل إفريقيا تتموقع في قلب تنمية الاقتصاد العالمي.
كما تجلى الدور الريادي لجلالة الملك على الصعيد العالمي من خلال اعتماد سياسة متضامنة وفاعلة لتحقيق الاندماج السياسي والاقتصادي في المنطقة العربية.
وتؤكد الجولة التي قام بها جلالة الملك خلال هذه السنة لأربع دول بمجلس التعاون الخليجي، (العربية السعودية والامارات العربية المتحدة وقطر والكويت إضافة إلى الأردن)، توجه المغرب كفاعل رئيسي صوته مسموع على الصعيدين الدولي والإقليمي.
وعلاوة على تعزيز الشراكة والتحالف الاستراتيجي بين المغرب وبلدان الخليج في جميع المجالات، تميزت هذه الجولة الملكية بزيارة تاريخية لجلالته لمخيم الزعتري (الأردن) الذي يحتضن اللاجئين السوريين.
وتعبر هذه الزيارة، الأولى من نوعها لرئيس دولة للاطمئنان على جرحى النزاع السوري، عن الحس الإنساني لجلالة الملك الذي يحرص دائما على العناية بالأشخاص الذين يوجدون في وضعية هشة.
ويتجلى الدور الريادي لجلالة الملك وحرصه على خدمة القضايا العادلة في الموقف الثابت للمغرب، ودعمه اللامشروط للقضية الفلسطينية، والدفاع بقوة عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
وفي هذا السياق، اتخذ صاحب الجلالة ، رئيس لجنة القدس، العديد من المبادرات لدى الأطراف الدولية المؤثرة من أجل دفع إسرائيل إلى الامتثال للشرعية الدولية، والوفاء بالتزامتها تجاه الفلسطينيين.
كما قدم أمير المؤمنين، في العديد من المناسبات، هبات للأسر المعوزة بالقدس، والتي أشرفت وكالة بيت مال القدس الشريف على توزيعها.
وتأتي هذه المواقف التي التزم بها المغرب ودافع عنها على الدوام لتعزيز الدور الريادي الذي يضطلع به صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خدمة القضايا العادلة، التي تشكل إحدى أولويات السياسة الخارجية للمملكة.