العلاقات المغربية – المالية قائمة على قاعدة متينة أساسها الإسلام السني المتسامح والمنفتح
(بقلم: عبد الرحيم الحداد)
الرباط- ينتظر أن تشهد العلاقات المغربية – المالية ، المستندة إلى موروث تاريخي مشترك غني، نقلة أكيدة ، بفضل الزيارة التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذا البلد .
والواقع أن العلاقات القائمة بين المملكة المغربية وجمهورية مالي، تتسم بالعمق والاستمرارية والاحترام المتبادل وتطابق وجهات النظر حول القيم المشتركة، وهو ما يجد تفسيره في ارتباط البلدين والشعبين بموروث مشترك، ازداد غنى مع مرور الزمن، وذلك بفضل الروابط التاريخية المبنية على الانتماء للإسلام السني المتسامح والمنفتح.
وفي هذا الصدد، فإن الزيارة التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمالي، لحضور حفل تنصيب الرئيس المالي الجديد إبراهيم أبوبكار كيتا، الذي فاز برئاسة البلاد عقب الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية التي جرت أطوارها في 11 غشت الماضي، تشكل تجسيدا حيا لعمق وديمومة ومتانة الصلات التاريخية التي تجمع بين البلدين، وذلك اعتبارا لكونها قائمة على قاعدة مشتركة للقيم التي تنهل من تمسك البلدين، منذ عدة قرون، بالإسلام السني، كما يعكسه المذهب المالكي المطبوع بالمرونة واليسر ، والمنفتح على عدد من العادات المحلية التي لا تتنافى مع العقائد الدينية الأساسية.
وهكذا، لطالما طبعت التفاعلات الخصبة التاريخ المشترك للبلدين، والتي تتجلى بصماتها الحية في نهلهما من نفس منابع المعرفة الأصيلة، التي تأسست في البيئة الصحراوية، من تخوم الصحراء المغربية ودرعة، حتى أعماق منطقة الساحل ، مرورا بتومبوكتو وغاوو وشنقيط.
وكانت هذه المرحلة هامة من تاريخ إمبراطورية مالي التي بلغت أوجها في زمن خلفاء مؤسس هذه الإمبراطورية سوندجاتا كيتا (1222)، لاسيما أثناء حكم مانزا موسى (1312)، كما يدل على ذلك بهاء مسجد دجينغاريبير، الذي صممه المهندس الأندلسي – المغربي أبو إسحاق السهلي (ابتداء من سنة 1325).
وتتحدث الكتابات التاريخية، لاسيما تلك التي تعود للمفكرين ابن خلدون وابن بطوطة، عن الإشعاع الحضاري لهذه الإمبراطورية، وعن أصول هذا الازدهار الذي قام بفضل العلاقات الخصبة، التي تم ربطها مع الفضاء الحضاري المغربي، الذي مر بدوره من دينامية خلاقة أكيدة، لاسيما في مجال العلوم الدينية، وذلك تحت حكم الدول المغربية المتتالية الموحدية والمرينية والسعدية والعلوية.
ويحرص البلدان على تثمين هذا الموروث الحضاري المشترك، الذي تظل آثاره جلية، إن من خلال الموروث المعماري، والمعالم الدينية، أو بنيات نشر المعرفة وتقوية العقيدة (المدارس الدينية، أضرحة الأولياء، الطرق الصوفية). ويشهد على ذلك التقليد المغربي المحمود، الذي تحرص المملكة على التمسك به ، تحت رعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي يتمثل في السماح لدفعات متتالية من الطلبة الماليين ومن منطقة الساحل والصحراء، بالقدوم لاستكمال دراستهم بالمغرب في مختلف التخصصات، لاسيما العلوم الدينية. وذلك على غرار المشاركة المنتظمة لمفكرين وعلماء مرموقين من مالي وباقي دول الساحل والصحراء في الدروس الحسنية الرمضانية، التي يترأسها أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تشكل بوتقة للمعرفة والعلوم وصرحا يكرس انتماء بلدان المنطقة للمرجعية الدينية المشتركة القائمة على الإسلام السني والمذهب المالكي، الداعي للاعتدال والوسطية ، بعيدا عن كل تشدد أو غلو.
ومن هذا المنطلق، فإن البلدين يسلكان بثبات السبيل المثالي نحو التحصن من كل الانزلاقات الطائفية، التي لا تتماشى مع التراكمات المعرفية الغنية، التي تعد ثمرة بحث مضني مكن من إغناء الموروث والتقليد الديني لبلدان المنطقة. وهو ما يشكل سدا منيعا في وجه تيارات منحرفة، تسعى إلى أن تفرض، على شعوب ذات تقاليد غنية ومتشبعة بالعلوم الدينية الأصيلة، نماذج طوباوية صيغت في قطيعة مع الأسس التي ينبغي الامتثال لها في كل مقاربة أكاديمية ذات مرجعية أصيلة.
اقرأ أيضا
فيينا.. المغرب يسلط الضوء على خبرته في مجال الأبحاث النووية
يسلط المغرب، من خلال جناح مخصص يحتضنه مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الضوء على المساهمة البارزة للمؤسسات المغربية في مجال الأبحاث النووية وتكوين الأطر الإفريقية في استخدام التطبيقات النووية لأغراض سلمية.
حجز مجموعة من الحيوانات البرية والزواحف كانت موجهة للبيع بشكل غير مشروع في كل من الناظور ومراكش (مصدر أمني)
في إطار العمليات الأمنية الرامية لمكافحة الجرائم الماسة بالأحياء البرية والغابات، وحماية الأصناف الحيوانيّة المهددة بالانقراض، تمكنت عناصر الشرطة في كل من الناظور ومراكش بتنسيق مع مصالح الوكالة الوطنية للمياه والغابات، اليوم الثلاثاء، من حجز مجموعة من الحيوانات البرية والزواحف التي كانت موجهة للبيع بشكل غير مشروع.
الاستثمار في الشباب ضرورة ملحة لمستقبل الصناعة المغربية (السيد مزور)
أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء، ضرورة الاستثمار في الشباب لضمان مستقبل مزدهر للصناعة المغربية.
أخبار آخر الساعة
-
فيينا.. المغرب يسلط الضوء على خبرته في مجال الأبحاث النووية
-
حجز مجموعة من الحيوانات البرية والزواحف كانت موجهة للبيع بشكل غير مشروع في كل من الناظور ومراكش (مصدر أمني)
-
الاستثمار في الشباب ضرورة ملحة لمستقبل الصناعة المغربية (السيد مزور)
-
أكادير تستضيف الاجتماع التشاوري الجهوي الأول حول خارطة طريق التجارة الخارجية 2025
-
مجلس المستشارين يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي
-
انضمام الاتحاد الإفريقي لمجموعة ال20، فرصة لتسريع مسلسل التنمية في إفريقيا (سفير)
-
التعاون الأمني مع المغرب “كان حاسما” في تفكيك خلية إرهابية (الشرطة الإسبانية)
-
تمكين النساء: اختتام مشروع “دارنا” بمكتسبات مهمة