آخر الأخبار
التدبير التشاركي للمنتوج الغابوي بالجهة الشرقية.. مقاربة جديدة للمساهمة في التنمية السوسيو-اقتصادية المحلية

التدبير التشاركي للمنتوج الغابوي بالجهة الشرقية.. مقاربة جديدة للمساهمة في التنمية السوسيو-اقتصادية المحلية

الإثنين, 5 أغسطس, 2013 - 12:18

جرادة – يشكل التدبير التشاركي للمنتوج الغابوي بالجهة الشرقية للمملكة مقاربة جديدة انتهجتها المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر في السنوات الأخيرة للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد المحلي، من خلال الاستغلال العقلاني للموارد الطبيعية وضمان تأهيلها واستدامتها.

ومن شأن هذه المقاربة، التي تمثل قيمة مضافة هامة، أن تساعد الساكنة المحلية على الرفع من دخلها الفردي عن طريق منحها حق الأفضلية في جني المنتوج واستفادتها بشكل مباشر من الأرباح الناتجة عن استغلالها للموارد الطبيعية، وذلك عبر انخراطها في تعاونيات أو إنشائها لمقاولات صغيرة تساهم في التنمية السوسيو- اقتصادية على الصعيد المحلي، في إطار عقد شراكة يتم بموجبه توزيع الأدوار والمسؤوليات بين الطرفين.
وفي هذا الإطار، تشكل تعاونية (بني يعلا زكارة) بإقليم جرادة نموذجا حيا لهذا التدبير التشاركي المندمج للمنتوج الغابوي بالجهة الشرقية، حيث مكنت اتفاقية الشراكة الموقعة سنة 2005 بين المندوبية السامية والتعاونية في مجال استغلال نبتة إكليل الجبل (أزير) من أن تؤسس لأسلوب جديد في سياسة الانفتاح والشراكة مع الساكنة القروية.
وبموجب هذه الاتفاقية، التي تم تفعيلها سنة 2006، تستفيد التعاونية البالغ عدد منخرطيها 54 شخصا، من استغلال مساحة تفوق 20 ألف هكتار على ثلاث مراحل لمدة تسع سنوات، مقابل تفعيل البرنامج السنوي للتنمية الغابوية، الذي رصد له أزيد من 122 ألف درهم، ويروم تحقيق عدة أهداف من بينها إنتاج الشتائل وأغراس “الأزير” وإصلاح المسالك الغابوية ومراقبة الحرائق وترميم علامات التحديد الغابوية وتشذيب محيط المساحات المشجرة.
وأكد رئيس تعاونية (بني يعلا زكارة)، الطيب رزوقي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن التعاونية، التي يرتكز نشاطها الأساسي على الثروات الغابوية بمنطقة جرادة، وخاصة نبتة “أزير” وتقطير زيوتها الطيارة، تساهم في التنمية القروية عبر خلق فرص للشغل بنسبة تصل إلى 2000 يوم عمل موسمي في السنة وتحسين المستوى المعيشي للساكنة وحماية التنوع البيئي.
وأضاف أن التعاونية، التي تتوفر على قدرة إنتاجية تصل إلى 2200 طن سنويا، عرفت مرحلة انتقالية جد هامة بفضل دعم مختلف المتدخلين المؤسساتيين والمحليين والمنظمات الدولية الذين عملوا على تأهيلها ومواكبتها كي تستجيب للمعايير الدولية لأنظمة التصديق، بالإضافة إلى اقتناء وتركيب وحدة حديثة لاستخراج زيت النباتات العطرية والطبية وتهيئة مختبر لتحليل المنتوجات وغرفة للتسويق.
وأشار إلى أن التعاونية أصبحت تعتمد وسائل عصرية في عملية تجفيف أوراق “أزير” وإنتاج الزيوت الطيارة، عبر استعمال تقنيات حديثة معقلنة في عملية التقطير، الأمر الذي ساعدها على التوفر على شهادة العلامة المميزة للجودة المصادق عليها من طرف المؤسسة المعتمدة لهذا الغرض، وهو ما سيمكنها من الرفع من الإنتاج وتحسين الجودة.
من جانبه، أكد محمد الخلوفي رئيس مصلحة الشراكة للمحافظة على الموارد الطبيعية وتنميتها بالمديرية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالجهة الشرقية، أن الطريقة القديمة المعتمدة في تدبير عملية جمع وبيع “الأزير” للمستغلين عن طريق السمسرة العمومية، لم تمكن الساكنة المحلية من الاستفادة بشكل منصف من الأرباح الناتجة عن مداخل هذا المنتوج الحيوي، الأمر الذي ساهم في تراجع التنوع البيولوجي وضعف الإنتاجية وأصبح يهدد التوازن الإيكولوجي في ظل ضعف فرص الشغل وتراجع الثقة بين إدارة المياه والغابات والمنتفعين، فضلا عن تواضع التواصل والاندماج لدى الفاعلين.
واعتبر أن التسيير التشاركي المندمج للموارد الطبيعية يمكن من استقطاب اهتمام ذوي الحقوق وكسب ثقتهم للانخراط في تنفيذ هذه المقاربة الجديدة الرامية إلى تحسين دخل الساكنة المحلية واستفادتها مباشرة من الأرباح الناتجة عن استغلال هذه الموارد، بالإضافة إلى بناء منشآت جديدة واقتناء تجهيزات وأدوات حديثة واكتساب الكفاءة والقدرة على تدبير المشروع، الذي يعمل على الرفع من مردودية المنتوج الغابوي وقيمته المضافة، وكذا إعادة استثمار جزء من مداخيل الاستغلال في تنمية القطاع.
وقال إن وجود تعاقد تشاوري وتشاركي لتسويق وتطوير قطاع “الأزير” ومشاريع الشراكة مع مختلف الفاعلين في إطار التنمية البشرية، يشكل إطارا مهما للنهوض بالشراكة وتمكين المتعاونين من تدبير تدخلاتهم التنموية والتعاقد مع المنتفعين والفاعلين، وذلك من خلال توزيع الأدوار والمسؤوليات على جميع الأطراف.
وذكر في هذا الصدد أن الطريقة الجديدة في استغلال قطاع “الأزير” برهنت على نتائج مهمة في ما يخص تنمية الغطاء النباتي لهذه المادة الحيوية خاصة على مستوى الانتاج، مشيرا إلى أنه يتم إنتاج وبيع 80 طنا من الورق اليابس لهذه النبتة و200 لترا من الزيوت الطيارة سنويا بقيمة تقدر ب مليون و400 ألف درهم، وكذا توفير 21 ألف يوم عمل من خلال استغلال وتقطير هذه المادة.
واعتبر أن هذه التجربة الرائدة بالجهة الشرقية، الرامية إلى المساهمة في التنمية المحلية وضمان استدامة استغلال قطاع “الأزير”، وكذا إبراز أهمية هذه المقاربة الجديدة بالنسبة للساكنة، شملت خمس تعاونيات غابوية أخرى وقعت المديرية معها سنتي 2011 و2012 اتفاقيات في نفس الإطار وتهم تعاونيات (لمريجة) و(قدم الأطلس) و(الأفق) بمنطقة ايت سغروشن بإقليم فكيك و(الأمل) و(الإصلاح) بغابة عياط بإقليم تاوريرت، بالإضافة إلى تعاونية أخرى سادسة تعمل في مجال صيد السمك بسد (مشرع حمادي) في إطار شراكة بين المديرية والجماعة القروية لمشرع حمادي للاستغلال العقلاني لهذا المنتوج السمكي والمحافظة على استدامته.
وبدورها، تعتبر تعاونية (مجد المرأة) للنساء القرويات بالمنطقة الشرقية نموذجا آخر لهذا التدبير التشاركي في مجال استغلال وإنتاج مادة الحلفاء، حيث وقعت التعاونية سنة 2008 اتفاقية مع مندوبية المياه والغابات ومحاربة التصحر لاستغلال 830 هكتار (600 قنطار) من هذه المادة الحيوية في منطقة لبخاتة بجرادة بهدف المساهمة في تنمية المرأة القروية وتشجيع منتجات الصناعة التقليدية المحلية وضمان الاستدامة والتدبير التشاركي العقلاني لهذا المورد الطبيعي.
وأكدت رئيسة التعاونية، صحراوي لطيفة في تصريح للوكالة أن التعاونية شرعت بداية من هذه السنة في استغلال مادة الحلفاء عبر إنتاج “مظلات الشمس” بتمويل من تعاونية (المستقبل) كمنتوج جديد، إلى جانب منتجات أخرى محلية تستخدم هذه المادة في الاستعمالات المنزلية (كالحصائر والأطباق وغيرها).
وأضافت أنه يتم في إطار استغلال هذا المنتوج، التركيز على اليد العاملة المحلية التي تتوفر على خبرة وكفاءة في المجال، مشيرة إلى أنه بالرغم من أهمية هذه المادة وتواجدها بكثرة في المنطقة الشرقية، إلا أن التعاونية تعاني مشكل أسعار وتسويق المنتوج، وإن كانت تحاول تجاوز ذلك عبر تأهيل المنتوج وتجويده، وكذا الانفتاح على الأسواق المحلية والوطنية.
يذكر أن الجهة الشرقية للمملكة التي يمتد مجالها الغابوي على مساحة 5ر2 مليون هكتار وتقدر نسبة الغطاء النباتي فيها ب 32 في المائة، تزخر بمؤهلات هامة في مجال الأعشاب الطبية والعطرية، حيث يوجد حوالي 800 صنف من هذه النباتات منها نبتة “أزير” التي تمتد مروجه على مساحة 400 ألف هكتار تنمو تحت ظروف مناخية صعبة بأقاليم جرادة وفكيك وتاوريرت، حيث تنتج حوالي 44 ألف طن سنويا من المادة الخضراء ويوفر استغلالها نحو 80 ألف يوم عمل للساكنة القروية.
ويتميز المجال الغابوي بالمنطقة بهشاشة أنظمتها البيئية نتيجة للظروف المناخية الصعبة وتوالي سنوات الجفاف وانعدام التوازن بين القدرة الاستهلاكية التي تصل إلى 600 ألف متر مكعب سنويا من حطب التدفئة والقدرة الإنتاجية للمنظومة الغابوية التي لا تتجاوز 200 ألف متر مكعب بالإضافة إلى الارتباط الأحادي للساكنة بالموارد الطبيعية وضعف تنظيمها.

(الحسين لعوان)

اقرأ أيضا

طوكيو: السيد زيدان يسلط الضوء على المؤهلات التي يزخر بها المغرب كوجهة مميزة للاستثمارات

الثلاثاء, 26 نوفمبر, 2024 في 13:55

أبرز الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، كريم زيدان، بطوكيو، المؤهلات التي يزخر بها المغرب كوجهة مميزة للاستثمارات وفرص الأعمال.

البرتغال.. انطلاق أشغال المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات بمشاركة المغرب

الثلاثاء, 26 نوفمبر, 2024 في 12:59

انطلقت، اليوم الثلاثاء ببلدة كاشكايش البرتغالية، أشغال المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات، وذلك تحت شعار “متحدون في السلام: استعادة الثقة وإعادة تشكيل المستقبل”، بمشاركة المغرب.

الرباط .. تقديم كتاب “إسماع صوت إفريقيا .. أعظم مقتطفات خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس”

الثلاثاء, 26 نوفمبر, 2024 في 10:23

تم، يوم الاثنين بالرباط، تقديم كتاب “إسماع صوت إفريقيا : أعظم مقتطفات خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس”، لمؤلفه بيتر بانيين أنمان، وذلك خلال حفل احتضنه متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر.