آخر الأخبار
فؤاد جسوس .. قصة شغف بنقل كنوز شعر الملحون إلى لغة موليير

فؤاد جسوس .. قصة شغف بنقل كنوز شعر الملحون إلى لغة موليير

الخميس, 3 أكتوبر, 2013 - 10:02

الرباط – بعيدا عن الأضواء، وبشغف الباحث الغيور على ثقافته الوطنية، يخوض فؤاد جسوس مغامرة متفردة في حقل التأليف الأدبي والفني بالمغرب، تتمثل في نقل كنوز فن الملحون، من أشهر قصائده وآثار شيوخه، إلى لغة موليير.

“أنطولوجيا شعر الملحون المغربي” مشروع رائد في مجال التوثيق الفني والترجمة الناقلة لعيون الثقافة المغربية الشعبية، لم ينل ما يستحقه من اهتمام لدى الإعلام والمؤسسات المعنية بالتراث الثقافي الوطني، جاء ثمرة مجهود شخصي بذله هذا الإطار البنكي المتقاعد الذي لم يخطط يوما لاقتحام عوالم الثقافة الشعبية المغربية من باب فن الملحون، وهو الذي لم يكد يعرف شيئا عن روائعه وقصائده، حتى الشهيرة منها، وهو على أعتاب خريف العمر، لكن الصدفة لها كلمتها الحاسمة أحيانا.

كان فؤاد جسوس بصدد تأليف رواية بعنوان “محاكمة الزمن”، واقتضت حبكة النص التوقف عند حالة شمعة تذوب بتوالي الدقائق، فكان الاحتكاك الأول بقصيدة “الشمعة” الشهيرة للشيخ محمد الشريف بن علي، من خلال النسخة التي أدتها مجموعة “جيل جيلالة”، ومن ثم انطلقت مغامرة بلا ضفاف في متون هذا النمط الشعري التقليدي.

يتذكر جسوس، في حديثه لوكالة المغرب العربي للأنباء، كيف توطدت علاقته بهذا الجانب من التراث الثقافي الشفهي، من خلال حضوره عام 2002 لمهرجان فن الملحون بفاس، إذ أقدم إثر ذلك على إنجاز عينات من الترجمة الفرنسية لبعض القصائد، وكان استحسان بعض الممارسين والباحثين للتجربة، خير تحفيز على المضي بعيدا في هذا المجال.

مشروع نقل الملحون إلى الفرنسية رسالة في اتجاهين – يقول جسوس – إنه موجه للشباب المغربي الذي فاته تذوق جمالية نصوص شعرية راقية اللغة والمعنى، ولجمهور الأدب من الأجانب، لاطلاعه على كنوز فريدة تستحق اعترافا كونيا بقيمتها الإبداعية، وإخراجها من رف المحلية.

تتضمن أنطولوجيا شعر الملحون المغربي، التي صدرت بدعم من “جمعية 12 قرنا في حياة مملكة”، تجميعا ل63 قصيدة مترجمة إلى الفرنسية، مع تقديم الأصل العربي، تحيل إلى 32 شاعرا، من القرن 15 وحتى اليوم. في سياق نفس الاهتمام، صدر للمؤلف “الملحون المغربي في لغة موليير” في عدة أجزاء (بالفرنسية) وكتاب “الحراز في المتخيل المغربي” (بالفرنسية).

مفتونا بشعرية الملحون، يقول مؤلف الأنطولوجيا، إن النصوص التي اشتغل عليها تكشف عظمة وبلاغة العامية المغربية، وتقدم شعرا يضاهي العوالم الإبداعية للغات العالمية، انطلاقا من اطلاعه على روائع الشعر الفرنسي والانكليزي. أما عن تيمات هذا النمط الشعري، فيسجل جسوس أن مشايخ الملحون طرقوا مختلف الأبواب. حكم الحياة وأسرار الدهر في نصوص سيدي قدور العلمي، وشجون لا تخلو من أبعاد سياسية على غرار قصيدة “النحلة” للتهامي المدغري، التي قدمتها مجموعة “ناس الغيوان” وابتهالات إيمانية خالدة مثل “الفياشية” ليحيى الشرقي، ونقد اجتماعي للتحولات كما في قصيدة وثقت لظهور السيارة في بدايات القرن الماضي.

ومن أهم خلاصات مشروعه البحثي، يشير فؤاد جسوس إلى أن الملحون قدم من خلال قصيدة “الحراز” فكرة متقدمة عن وضعية المرأة، وأبدع صيغة خاصة لعلاقة العشق، “فعلى خلاف المصير المأساوي للعشاق في النصوص الكلاسيكية الأوروبية، ينتهي العاشق المغربي إلى اللقاء بمحبوبته في شعر الملحون”.

باحثون فرنسيون اهتموا بشعر الملحون قبل زهاء القرن، لكن الكاتب المغربي، الذي يردد بانتشاء إيقاعي مقاطع من النصوص التي ترجمها، لاحظ أن محاولاتهم اتسمت بالنقل الحرفي، في حين أن الخلفية الثقافية والاجتماعية مكنته من إنجاز ترجمات تنقل نص وروح هذا الشعر، دون تضحية بعمقه التعبيري.

البحث في الملحون ما يزال ملعبا فارغا، حسب الباحث الذي يذكر مع ذلك إسهامات قيمة قام بها جيل سابق من الباحثين من قبيل محمد الفاسي وعباس الجراري وأحمد سهوم، وهو أمر يدعو إلى الأسف لهجران واجهة مشرقة للثقافة المغربية الشعبية، سواء من قبل الباحثين، أو المؤسسات المعنية التي “لا تشجع المبادرات الرامية إلى الاحتفاء بهذا التراث وتثمين إبداعاته”.

(نزار الفراوي)

اقرأ أيضا

ميناء طنجة المتوسط.. حجز أزيد من 19 ألف قرص طبي مخدر (مصدر أمني)

الأربعاء, 27 نوفمبر, 2024 في 13:01

تمكنت عناصر الأمن الوطني والجمارك العاملة بميناء طنجة المتوسط، صباح اليوم الأربعاء، من إجهاض محاولة للتهريب الدولي للمخدرات والمؤثرات العقلية، وحجز ما مجموعه 19 ألفا و50 قرصا طبيا مخدرا، كانت على متن شاحنة للنقل الدولي قادمة من إحدى الدول الأوروبية.

مغارة الحمام بتافوغالت ببركان.. كنز أثري وعلمي يستهوي الباحثين

الأربعاء, 27 نوفمبر, 2024 في 12:39

ظلت مغارة الحمام، التي تقبع بين جبال بني يزناسن، الواقعة بجماعة تافوغالت بإقليم بركان، تستهوي الباحثين، خلال السنوات الماضية، بما تحتويه من كنوز أثرية وعلمية، قبل أن يكتشفوا بها أقدم استخدام للأعشاب الطبية في العالم.

تحالف الحضارات.. “تحت قيادة جلالة الملك، لم يقتصر المغرب على الإشادة بالحوار، بل جسده على أرض الواقع” (السيد بوريطة)

الأربعاء, 27 نوفمبر, 2024 في 11:27

أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، أن المغرب، من خلال خياراته وأفعاله، يرسم مسارا متميزا وتجربة فريدة، تمثلان مصدر إلهام لتحالف الحضارات وأعضائه، مسجلا أنه “تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لم يقتصر المغرب على الإشادة بالحوار، بل جسده على أرض الواقع”.