اليمن .. حساب الاحتمالات في المخرجات المفترضة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل
بقلم عمر الطـيبي
صنعاء -يضع اليمنيون هذه الأيام، أيديهم على قلوبهم، في انتظار ما ستؤول اليه أشغال مؤتمر الحوار الوطني الشامل: هل سينجز المهمة التي أنيطت به، وهل سينهي أشغاله في الموعد المحدد لذلك؟ أم سيكون مآله الفشل، مع كل ما يعنيه ذلك من فتح مستقبل البلاد على مضمرات المجهول. لقد حددت الالية التنفيذية للمبادرة الخليجية، مهمة المؤتمر، الذي انطلقت أشغاله منتصف مارس الماضي، في وضع “مخرجات” متوافق عليها لأسس معالجة الازمة اليمنية، وصوغ عقد اجتماعي جديد تبنى على أساسه الدولة المنشودة، على ألا يتجاوز تاريخ وضع هذه الخلاصات (اختتام المؤتمر) يوم 18 شتنبر الجاري.
وتكتسي الخلاصات التي يفترض أن يتوصل اليها المؤتمر،أهمية ،خاصة بالنظر لكونها ستشكل الارضية التي ينطلق منها وضع الدستور الجديد للبلاد، ومن ثم الشروع في بناء هياكل الدولة الديموقراطية الحديثة.
لكن ،رغم ما قطعه المؤتمر من أشواط في التوافق على العديد من النقاط، فإن أشغاله ما زالت تراوح المكان بالنسبة لنقطتين أساسيتين في سجل الخلاف بين فرقاء الازمة اليمنية هما: “القضية الجنوبية”، والامر يتعلق بملف مزمن بسبب ما عرفه من تفاعلات، بدءا من قيام الوحدة بين شطري اليمن، ثم من محاولة انفصال الجنوب، وما تبع ذلك من حرب انهزم فيها الانفصاليون، ثم ما ترتب عن كل ذلك من آثار إنسانية -نفسية واقتصادية وسياسية لدى الطرفين ما تزال مفاعيلها مستمرة حتى الان.
وقد وجد أعضاء المؤتمر أنفسهم، بخصوص هذه النقطة أمام طروحات ومواقف، لا سبيل الى التوافق عليها البتة، إذ تتراوح في حديها الأقصى بين موقف مطالب بانفصال الجنوب انفصالا ناجزا وتاما، وآخر لا يرى سبيلا لحل هذه القضية غير دمج الجنوب في دولة يمنية مركزية موحدة، تضمن الحقوق لكافة أبنائها.
أما ثاني النقاط الخلافية التي لم يحسم المؤتمر فيها بعد، وهي على علاقة مباشرة بالقضية الجنوبية، فهي قضية “شكل الدولة” المنشودة، وهل ستكون دولة مركزية، أم فدرالية؟ وإذا كانت فدرالية فهل ستكون من إقليمين، شمالي وجنوبي، أم من عدة أقاليم؟
إن المسار الذي اتخذته أشغال المؤتمر، ورغم عودة ممثلي الحراك مؤخرا اليه، بوساطة من مساعد الأمين العام الأمم المتحدة ومستشاره الخاص جمال بنعمر، ألقى بظلال من الشك حول قدرة المؤتمرين على التوصل الى النتائج المرجوة، وفي حدود الزمن المتبقي على موعد 18 شتنبر.
غير أن ذلك لا يمنع، والحال هذه، من رصد توقعات متباينة في تقديراتها لمآل الحوار لدى المعنيين والمتتبعين للشأن اليمني، بين متفائل بإنجاز المؤتمر لمهمته، ومتشائم يجزم بفشله في وضع مخرجات تفي بغرض السير بالعملية السياسية الى شاطئ الامان.
ولعل أبرز حجج من يرجحون احتمال نجاح المؤتمر، تأكيدهم على أن أربع فرق، من فرق المؤتمر الـتسع هي “فريق الحكم الرشيد”، و”فريق التنمية”، و”فريق الهيئات المستقلة”، و”فريق الامن والجيش” أنجزت مهمتها ووضعت مخرجاتها بنسبة 100 في المئة.
وأن ثلاث فرق هي “فريق الحقوق والحريات”، و”فريق العدالة والانتقالية”، و”فريق صعدة”، أنجزت مهمتها بنسبة 90 في المئة.
ويرى أصحاب هذا الاحتمال أن استئناف ممثلي الحراك الجنوبي مشاركتهم في أشغال المؤتمر، وتوافقهم مع الأعضاء الاخرين داخل “فريق الجنوبية” على تشكيل لجنة مصغرة (8+8 مناصفة بين الشمال والجنوب)، وتكليفها بموافاة الفريق برؤية توافقية لهذه القضية في أسرع الاوقات، تعكس في حد ذاتها رغبة الجميع في مسابقة الزمن، للوصل بالمؤتمر الى غايته المنشودة.
ولعل أفضل تلخيص لهذه الرؤية ،هو ما أكده مصدر مطلع ومتتبع جيد للموضوع، في رده على سؤال لوكالة المغرب العربي للأنباء بخصوص ما يدفعه الى الاقتناع بحتمية نجاح المؤتمر، حينما قال “هو واقع أنه لم يعد لأعضاء المؤتمر من خيار آخر غير النجاح في المهمة المنوطة بهم”، قبل أن يستطرد “حتى لو اضطروا، الى تمديد تاريخ الاختتام لمدة، لا تتعدى في أقصى تقدير، أسبوعا أو أسبوعين”.
وفي المقابل يرى من يرجحون احتمال فشل المؤتمر، أنه لا يمكن لأعضائه أن ينجزوا في 6 أيام ما لم يستطيعوا إنجازه في 6 أشهر، وحجتهم في ذلك هي ثقل الإرث اليمني من حروب وصراعات أدت الى تجذر انعدام الثقة ورسوخها في العلاقة بين الفرقاء السياسيين.
ويرون أيضا أن ما يزيد من احتمالات فشل المؤتمرين، اشتغالهم تحت ضغط واقع متفجر بالصراعات والمواجهات القبلية والطائفية في العديد من مناطق البلاد، بدفع من قوى إقليمية متنفذة، وكذا شق الكثيرين عصى الطاعة على الدولة من خلال تفجير أنابيب البترول وقطع التيار الكهربائي عن المدن.
ويشيرون في هذا الصدد أيضا الى تزايد عمليات القتل ومحاولات الاغتيال السياسي في الفترة الأخيرة، والتي شملت ضباط جيش وأمن وشخصيات اعتبارية، وكان من بين هذه العمليات محاولة اغتيال رئيس الوزراء، ووزير الاعلام مؤخرا.
وإذ يرى أصحاب هذا الرأي أن هدف هذه العمليات هو إفشال الحوار الوطني تحديدا، فإنهم لا يخفون توجسهم من أن يؤدي فشل المؤتمر الى انتكاسة كبيرة في المسار السياسي للبلاد.
وانطلاقا من القول المأثور ان “ما لا يؤخذ كله لا يترك جله”، فانه يوجد من بين الملاحظين والمتتبعين للشأن اليمني ،من يتحدث عن خيار ثالث يقول بإمكانية دفع أعضاء المؤتمر والفاعلين السياسيين اليمنيين نحو سيناريو يقوم على توافق الفرقاء بالحد الأدنى، على النقاط الخلافية، وبما يسمح بالقول بنجاح أشغال المؤتمر، وتجنب وقوع الأسوأ.
وتتحدث جهات معنية في هذا الصدد عن توجه للاتفاق على مرحلة انتقالية جديدة، تستهدف استعادة الثقة بين الأطراف المتصارعة، وتتيح تجريب المواطنين التعايش داخل دولة فدرالية، لفترة تتراوح بين 3 و5 سنوات، يلتقط اليمنيون خلالها أنفاسهم، ويحققون الحد الأدنى من التنمية والاستقرار، ومن ثم الانتقال الى بناء الدولة اليمنية المنشودة.
ويرون في هذا السياق أن الدخول في مرحلة انتقالية جديدة يتطلب من بين ما يتطلب، التمديد للرئيس هادي، لما أثبته الرجل المنحدر من الجنوب، من قدرة على اقناع اليمنيين بأنه رئيس للجميع، وللجهد الذي بذله خلال توليه الرئاسة من أجل التغلب على صعاب الحكم، ثم لغياب شخصية تحظى بالإجماع، ويمكنها لعب دور البديل الرئاسي.
ويعزز أصحاب هذا السيناريو رأيهم بالقول ان القوى الإقليمية والدولية التي دفعت باتجاه تنفيذ المبادرة الخليجية، وبذلت في ذلك الجهد والمال، وحتى العمل العسكري ضد القاعدة في جنوب البلاد، لن تقبل بأن يتحول اليمن الى مستنقع للصراعات، وملاذا آمنا للمتطرفين من كل الأصناف، لذلك ستدفع المتحاورين وبكل قوة الى القبول بالحد الأدنى من التوافق، وبالتالي إنجاح المؤتمر.
اقرأ أيضا
فيينا.. المغرب يسلط الضوء على خبرته في مجال الأبحاث النووية
يسلط المغرب، من خلال جناح مخصص يحتضنه مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الضوء على المساهمة البارزة للمؤسسات المغربية في مجال الأبحاث النووية وتكوين الأطر الإفريقية في استخدام التطبيقات النووية لأغراض سلمية.
حجز مجموعة من الحيوانات البرية والزواحف كانت موجهة للبيع بشكل غير مشروع في كل من الناظور ومراكش (مصدر أمني)
في إطار العمليات الأمنية الرامية لمكافحة الجرائم الماسة بالأحياء البرية والغابات، وحماية الأصناف الحيوانيّة المهددة بالانقراض، تمكنت عناصر الشرطة في كل من الناظور ومراكش بتنسيق مع مصالح الوكالة الوطنية للمياه والغابات، اليوم الثلاثاء، من حجز مجموعة من الحيوانات البرية والزواحف التي كانت موجهة للبيع بشكل غير مشروع.
الاستثمار في الشباب ضرورة ملحة لمستقبل الصناعة المغربية (السيد مزور)
أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء، ضرورة الاستثمار في الشباب لضمان مستقبل مزدهر للصناعة المغربية.
أخبار آخر الساعة
-
فيينا.. المغرب يسلط الضوء على خبرته في مجال الأبحاث النووية
-
حجز مجموعة من الحيوانات البرية والزواحف كانت موجهة للبيع بشكل غير مشروع في كل من الناظور ومراكش (مصدر أمني)
-
الاستثمار في الشباب ضرورة ملحة لمستقبل الصناعة المغربية (السيد مزور)
-
أكادير تستضيف الاجتماع التشاوري الجهوي الأول حول خارطة طريق التجارة الخارجية 2025
-
مجلس المستشارين يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي
-
انضمام الاتحاد الإفريقي لمجموعة ال20، فرصة لتسريع مسلسل التنمية في إفريقيا (سفير)
-
التعاون الأمني مع المغرب “كان حاسما” في تفكيك خلية إرهابية (الشرطة الإسبانية)
-
تمكين النساء: اختتام مشروع “دارنا” بمكتسبات مهمة