رضوان احدادو مسرحي تطواني سبر اغوار أب الفنون تأليفا وتوثيقا وممارسة

تطوان – يجسد المسرحي التطواني رضوان احدادو نموذجا حقيقيا لعاشق أب الفنون، وهو الذي أفنى نحو 60 سنة من عمره في العطاء الابداعي في هذا المجال، وسبر أغواره تأليفا وتوثيقا وممارسة، فضلا عن ريادته المسجلة بإنشاء أول مجلة مسرحية مختصة في المغرب مطلع الاستقلال سنة 1956.

ويجمع المهتمون بالمسرح وطنيا على أن رضوان احدادو أغنى النظرية الاحتفالية بمنهجه على واجهتين الأولى تتعلق بالكتابة عن المسرح المغربي في منطقة شمال المغرب، وثانيها كتابة النص المسرحي الاحتفالي، وقد ساهم توزع وتنوع إنتاجه الغني في مجالات القصة والمسرحية والبحث والتوثيق المسرحيين في اغناء المكتبة المغربية، التي تعززت رفوفها بإبداع العشرات من النصوص والكتابات المسرحية على اختلاف مواضيعها ومنها الإذاعية والركحية، التي تعد مرجعا حقيقيا في مجال التأليف عامة وفي المسرح على وجه التحديد.

ويصعب تحديد مسار رضوان احدادو ،الذي أغواه عالم السياسة أيضا لمدة طويلة قبل ان يتفرغ للإبداع و “لا شيئ غير الإبداع” ،كما يقول، لكثرة اهتماماته وانشغالاته المسرحية والابداعية الكثيرة كعضو باتحاد كتاب المغرب منذ سنة 1965 وعضو مؤسس للمسرح الأدبي بتطوان سنة 1960 وعضو مؤسس للجمعة الوطنية لمسرح الهواة بالمغرب والنقابة الوطنية لمحترفي المسرح، ومؤطر وطني لعدة ورشات في مجالات مسرحية مختلفة وعضو بالعديد من لجن التحكيم في مهرجانات مسرحية وطنية وعربية.

ويقول رضوان احدادو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، ان علاقته الأولى بالمسرح تعود إلى فترة كان فيها تلميذا بالمدرسة الابتدائية في أربعينيات القرن الماضي، حيث كان المسرح ضمن أنشطتها الأساسية و”هناك كانت بداية العشق، هذه البداية التي تواصلت ممتدة الى يومنا هذا وعمري يناهز 72 سنة، وعملت بالمسرح كاتبا وممثلا ومخرجا وملقنا حتى أكون دائما قريبا من المسرح، الذي دونه لا يمكن أن يكون هناك طعم لهذه الحياة” .

ورغم أن اسم رضوان احدادو غير متداول بشكل كبير في الوسط الثقافي الواسع، إلا أن إبداعاته ،بشهادة رجال المسرح والمهتمين، تبقى مرجعا أساسيا ليس فقط في مجال التأريخ والتوثيق المسرحيين، بل وأيضا في إصدار العديد من النصوص المسرحية التي توج البعض منها بجوائز وطنية وعربية ،ومن بينها ” البحر يحترق ” (1979) و”الأرض والزيتون” (1979) و”في انتظار زمن الجنون ” (1986) و”أهل المدينة الفاضلة” (1998) و”زمن مضى ..ولم يمض” (1999) و”البحث عن متغيب” (2001) و”الحافلة رقم 3″ (2002)، وغيرها كثير، منها ما طبع ومنها ما لم يطبع إلى حد الآن وأعمال أخرى معدة للنشر تختلف بين الدراسات المسرحية والنقد والابداع المسرحيين.

وليس من السهل ضبط التجربة الإعلامية والتوثيقية لرضوان احدادو، التي حظيت كتاباته باهتمام خاص من منابر أدبية وملاحق مغربية وعربية أمثال “الآداب ” من لبنان و”الفكر” من تونس و”الأقلام” من العراق و”البيان” من الكويت و”مسرحنا” من مصر ، أولا لأنها تعود الى زمن بعيد وانطلقت قبل حصول المغرب على الاستقلال أمام غياب التوثيق المسرحي العلمي، وثانيا لتشعب اهتمامات احدادو وكتاباته الغزيرة.

ويعود الفضل لرضوان احدادو في إماطة اللثام عن أحداث طبعت تاريخ فن المسرح والتعريف بأعلام المسرح المغربي وأسماء طالها النسيان أو لم يلتفت إليها احد، مما أثمر نشر كتابات قيمة منها “الحركة المسرحية بمدينة طنجة ” (1991) و”ثريا حسن رائدة مسرحية من شموخ ” (2005) و”محمد الدحروش ..مسيرة” (2006).

وعن إحداثه لأول مجلة مسرحية في المغرب على عهد الاستقلال وبالضبط في سنة 1956، وهي مجلة (المسرح الأدبي)، التي جاءت بعد مجلة (الأنوار) ،التي كان يصدرها في أربعينيات القرن الماضي بتطوان المرحوم أحمد المدينة كأول مجلة على الصعيد الوطني متخصصة في المسرح إطلاقا، يؤكد رضوان احدادو أن علاقة المسرح والإعلام “علاقة تكامل، بحيث أن كل طرف يكمل الآخر ويتوخيان معا كل من موقعه دعم الثقافة الوطنية وإبراز مختلف تجلياتها، إبداعا ونقدا، وتعريف الاجيال اللاحقة بالموروث الثقافي الوطني الذي يعد المسرح احد أعمدته الأساسية”.

وقد نشرت لرضوان احدادو على مدى عشر سنوات الاخيرة في الباب التوثيقي والإعلامي حوالي 700 حلقة في مجلة أسبوعية عن ذاكرة المسرح في الشمال أغنت الحقل المعرفي المغربي ونفضت الغبار عن لحظات تاريخية غير مطروقة من قصة المسرح. رضوان احدادو ذاكرة مسرحية حية وعطاء إبداعي سخي يعاند جبروت الزمن.

(عبد العزيز حيون)