القضية البيئية في صلب انشغالات صاحب الجلالة الملك محمد السادس

حميد أقروط

نيروبي  –  وعيا بحجم الرهانات والتحديات البيئية التي يواجهها المغرب، على غرار باقي بلدان العالم، جعل صاحب الجلالة الملك محمد السادس من القضية البيئية خيارا استراتيجيا في طليعة توجهات السياسات التنموية بالمغرب.ولعل ما يعكس هذا الخيار عدد المؤسسات والهيئات التي تم إنشاؤها بمبادرة من صاحب الجلالة والتي أنيطت بها مهمة السهر على النهوض بالشأن البيئي.
وتعتبر مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة التي تترأسها صاحبة السمو الملكي الأميرة للاحسناء وميثاق البيئة والتنمية المستدامة الذي يتضمن مبادئ التنمية المستدامة من بين الآليات الموجهة للحفاظ على البيئة.
ينضاف إلى ذلك ، سن مقتضيات قانونية تهم الحفاظ على الغابات والمياه والطاقات المتجددة، وكذا تدبير النفايات، وهو ما مكن المغرب من تصدر الساحة الدولية في مجال حماية البيئة والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.
وجاءت هذه المبادرات الهامة لتجسيد التوجهات السامية لصاحب الجلالة الرامية إلى إدراج المقاربة البيئية في برامج التنمية المستدامة والتأكيد على أن المملكة   طورت، ومنذ وقت طويل، وعيا بيئيا مؤسساتيا، تنفيذا للرؤية المتبصرة لجلالة الملك.
وبالفعل ، مافتئ صاحب الجلالة يوصي باعتماد حكامة دولية متضامنة وجيدة من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي وعلى البيئة والتصدي للعديد من التحديات، من بينها التغيرات المناخية.
وانطلاقا من هذه الروح التضامنية، أقام المغرب شراكات مثمرة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، من خلال إبرام اتفاق في العاصمة الكينية نيروبي بين مؤسسة محمد السادس والبرنامج الأممي.
ويشهد على هذه الجهود المبذولة حضور صاحبة السمو الملكي الأميرة للاحسناء في فبراير الماضي وبدعوة من المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة السيد أكيم ستاينر، للدورة ال27 لمجلس إدارة المنتدى الوزاري العالمي للبيئة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وتعززت هذه السياسة بتطوير ووضع العديد من البرامج في مجال الطاقات المتجددة، خاصة المشروع الهام للطاقة الشمسية وآخر للريحية ، وسيمكنان من خلق أزيد من 50 ألف منصب شغل.
كما تم مؤخرا إطلاق مشروع بناء محطة الطاقة الشمسية ورزازات، نقطة ارتكاز مشروع طموح سيمكن المملكة من التموقع كقطب عالمي لإنتاج الطاقات المتجددة في أفق 2020.
أكثر من ذلك، يعمل المغرب على توليد 42 من الطاقة الكهربائية من الطاقات المتجددة لبلوغ 15 في المائة من النجاعة الطاقية في أفق 2020 .
وكانت المملكة، خلال الدورة ال11 لمؤتمر أطراف اتفاقية التنوع البيولوجي التابع للأمم المتحدة ، قد دعت المجتمع الدولي إلى التزام الحكامة الجيدة بهدف التشجيع على التضامن، على أعلى مستوى، وتوحيد جهود كافة الشركاء بغية ضمان الحماية الفعلية للتنوع البيولوجي.
وليبرهن على انخراطه التام في الجهود الدولية للنهوض بالتنوع البيولوجي، اتخذ المغرب المبادرات الضرورية للمصادقة على بروتوكول ناغويا، الذي سبق أن اعتمده المجلسان الحكومي والوزاري.
على صعيد آخر، أظهر المغرب حرصه الدائم على  تعزيز التعاون مع البلدان الإفريقية لرفع التحدي البيئي وتطوير نموذج اقتصادي حيث الرفاه المادي لا يرافقه بالضرورة تنامي المخاطر البيئية واستنزاف الموارد والتفاوت الاجتماعي.
وكانت المملكة قد وضعت رهن إشارة البلدان الإفريقية التجربة الغنية التي راكمتها لعقود في مجال البيئة والتنمية المستدامة بهدف النهوض بالتعاون جنوب -جنوب الذي دعا إليه على الدوام صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ويعكس هذه القناعة مكتب مؤتمر الوزراء الأفارقة المكلفين بالأرصاد الجوية الذي تم إحداثه بناء على اقتراح من المملكة باعتباره آلية موجهة إلى تشجيع تطوير الأرصاد الجوية وتطبيقاتها في القارة. وقد تم انتخاب المغرب عضوا في هذه الهيئة وفي المجموعة الخاصة “تاسك فورص” المكلفة باقتراح الجوانب المؤسساتية وأساليب عمل المؤتمر الوزاري الإفريقي حول الأرصاد الجوية.
ويتمثل الهدف الرئيسي من هذه المبادرات في تأهيل البلدان الإفريقية لمواجهة التهديدات المتنامية التي تفرضها التغيرات المناخية على التنمية بالقارة الإفريقية.