ياسين عدنان : “الشعر الذهني يصيبني بالدوار .. أفضل القصيدة حرة رشيقة”

ياسين عدنان : “الشعر الذهني يصيبني بالدوار .. أفضل القصيدة حرة رشيقة”

الأربعاء, 20 نوفمبر, 2013 - 12:04

تونس- قال الشاعر المغربي ياسين عدنان إن الأسئلة الجمالية التي تشغله باستمرار تتمحور حول النزول بالقصيدة إلى أرض الشعر مع الحفاظ على بريقها وألقها الشعريين.

وأوضح عدنان، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش الملتقى الأورو-مغاربي الأول للأدباء، الذي انتظم مؤخرا في تونس، أن “الشعر الذهني يقتلني. الشعراء الذين يغلقون على أنفسهم داخل المعاجم أو داخل معامل لتكرير الشعر انطلاقا من أفكار الآخرين وكتبهم يصيبونني بالدوار”، مضيفا “لذلك أفضل القصيدة حرة طليقة. أفضلها رشيقة تحمل بعضا من قسمات مبدعها. فيها بعض من نبض الحياة وتعكس مزاج صاحبها وتعطي فكرة عن آماله وأوهامه ورؤاه”.

واعتبر صاحب “دفتر العابر” أن الثابت في المشهد الثقافي في المغرب هو الإنتاج. فالمغاربة يشتغلون بجدية، في صمت ولكن بالكثير من الجدية، في مختلف مجالات الإنتاج الفكري والأدبي”، في المقابل أبرز أن المتحول في هذا المشهد هو “درجة الاهتمام بهذا الإنتاج. أحيانا يعرف المشهد دينامية إيجابية تميزها كثافة في الأنشطة الثقافية والملتقيات والمهرجانات وأيضا التتويج المتواتر بجوائز عربية ذات قيمة تعيد الثقة في مبدعي هذا البلد وفي أهمية ما ينتجونه، وأحيانا يعم الصمت والتجاهل فيكاد الرماد المهيمن يطفئ جمر الإبداع ويمنعه من الاشتعال”.

وعن موعده التلفزي الأسبوعي “مشارف” ومساهمة هذا البرنامج في خدمة الثقافة في المغرب في ظل مشهد إعلامي يركن الثقافة في الهامش، يصر ياسين على أن “الثقافة في حاجة إلى الإنصاف في بلادنا. علينا أن نقتنع بأن الثقافة تبقى في صلب كل شيء. لا يمكننا تحقيق تنمية بشرية ناجعة ما لم نضع الثقافة في صلب العملية التنموية. لا يمكن تغيير المجتمع بالشعارات فقط، لابد لكل شعار من عمق ثقافي. والتغيير يحتاج بالضرورة إلى ثقافة تغيير”، بل إن ياسين يؤكد أن “السياسة بدورها ما لم تستند في ممارستها على ثقافة سياسية وعلى أفكار وفلسفات وإيديولوجيات، تصير مجالا لقتل المعنى في قلوب الناس، بدل أن تكون فضاء للعمل والتفكير وبناء الثقة واستعادة الأمل”.

الإعلام بدوره يحتاج، حسب ياسين، “إلى أن يؤمن بالثقافة ويراهن عليها. فالإعلام شريك أساسي في معركة التنمية، ورافعة من رافعات المشروع المجتمعي الذي اختاره المغرب. وهذا بالتأكيد يحتاج إلى رؤية ثقافية بدونها يصعب أن يضطلع الإعلام بدوره في ظل كل هذه التحديات التي يعيشها البلد”.

ياسين عدنان ، الذي تنهل قصيدته من كينونة شعرية تمتزج فيها عناصر ومؤثرات جمالية ورؤيوية شتى، يرى أن الدهشة هي “زادي والبنزين المحرك لفعل الكتابة عندي” ، بل إن العالم يحضر عنده على “شكل تموجات أتفاعل معها بروح الطفل المستكشف المندهش باستمرار”.

هذا الشاعر الذي يعشق السفر باعتباره “إقامة في العبور”، إقامة ملتبسة لكنها مشعة بنور الحياة والفرح ، يهمس قائلا “الكتابة هي الذهاب الحر السعيد في اتجاه الآخر، والشاعر هو المؤهل أكثر من غيره لأن يذهب إلى الآخر بعنق حرة وروح منفتحة واستعداد دائم للمصافحة”.

حافز الكتابة عند ياسين هو “الغبطة، والغبطة جوهرها الإنساني فرح بالمكان .. فرح بالإنسان .. باللقاء مع الآخر”. ياسين الذي احتضنته جل عواصم الدنيا ومطارات المدن البعيدة، الأليفة منها والقاسية، يتعالى بوحه “لا أتخيل قصيدة لا تصدر عن محبة، فالمحبة أشمل من الحب.. المحبة نوع من الأريحية العالية التي لا تختزلك كرجل بمقابل المرأة.. المحبة أكثر تعاليا وسموا”. وهو لا ينكر: “لقد لجأت إلى المحبة لأني شخص فاشل في الحب”.

موقف صاحب “المانكان” جلي في علاقته بالآخر، بروافد ثقافته ومكونات رؤيته الشعرية والإنسانية الحداثية المنفتحة : “أحتفي بالهوية المتعددة الأبعاد وغير القابلة للاختزال، فأنا عربي أمازيغي أندلسي إفريقي. والمغرب من أكثر بلدان شمال إفريقيا انتباها لعمقه الإفريقي، يكفي أن نعطي موسيقى (كناوة) كنموذج لنعرف إلى أي مدى نجح المغرب في استثمار عمقه الإفريقي على المستوى الفني”.

يؤكد الشاعر المراكشي أيضا على أهمية الانتماء للمتوسط باعتباره عمقا ثقافيا، وليس مجرد تماس أو علاقة جغرافية سطحية، مضيفا بإيحائية شعرية : “إذا كان البحر الأبيض المتوسط يقف عند حدود طنجة والحسيمة والسعيدية، فإن المتوسط ليس ماء فقط، بل سماء أيضا. وهذه السماء أستشعرها تظللني هنا في مراكش، وانتمائي للمتوسط يتأكد كلما وجدت نفسي أتجول بين أشجار الزيتون هنا في حدائق مراكش. فالزيتون شجرة متوسطية بامتياز، وهي الدليل على أن مراكش مدينة متوسطية رغم كونها عند سفح الجبل غير بعيد عن الصحراء”.

وعن مساره في “دفتر العابر” يقول ياسين إنه كان سيõسمي ديوانه في البداية “ناي الأندلسي” قبل أن يستقر على عنوان “دفتر العابر”. فياسين عدنان “حاول محاورة العالم في ديوانه الأخير بروح أندلسية. روح عرف المغرب كيف يحافظ عليها، وهي ذات الروح التي جعلت اللقاء مع الآخر يتحقق بتألق في الزمن الأندلسي. وتكفي صداقة ابن رشد وابن ميمون دليلا على ذلك”. لذلك يحرص الشاعر المغربي على هذه الروح في قصيدته ويتشبث بها.

لكن مرة أخرى السفر عبور دائم متجدد : “فحين تدمن السفر مثلي تجد نفسك في محاولة سيزيفية دائمة للإقامة في العبور .. فالعبور مغرò .. والهدف الحق هو الطريق، لا ما تؤدي إليه … إقامتك الحقيقية في هذا العبور … وهويتك بالنهاية هي هذه السيرورة … هي هذا الذهاب المستمر إلى الآخر. فالآخر جزء لا يتجزأ من الذات. لهذا يصير الذهاب إلى الآخر سفرا في الذات وعودة إليها بمعنى من المعاني”.

وقد صدر لياسين عدنان، الذي يعد من أبرز الشعراء المغاربة الحداثيين الذين رسخوا تجربة شعرية وإعلامية متميزة، في الشعر : “مانكان 2000″، و”رصيف القيامة 2003″، و”أكاد لا أرى 2007″، و”دفتر العابر 2012”. وفي السرد : “من يصدق الرسائل 2001″، و”تفاح الظل 2006″، و”فرح البنات بالمطر الخفيف 2013″، علاوة على كتاب مشترك مع سعد سرحان بعنوان “مراكش .. أسرار معلنة 2008”.

من المراسل الدائم للوكالة بتونس..عزيز المسيح

اقرأ أيضا

التوقيع على محضر اتفاق بين وزارة الصحة ونقابات القطاع

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 21:56

وقع وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت طالب، بتفويض من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء، محضر اتفاق بين الوزارة والنقابات الممثلة في قطاع الصحة.

السيد لقجع يؤكد على أهمية إصلاح قانون المالية لجعله إطار رائدا لتدبير الميزانية

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 21:40

أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، على أهمية إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية لجعله إطارا تنظيميا رائدا لتدبير الميزانية العامة للدولة.

مجلس المستشارين يختتم بعد غد الخميس دورة أبريل من السنة التشريعية 2023-2024

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 19:54

يعقد مجلس المستشارين، بعد غد الخميس، جلسة عامة تخصص لاختتام دورة أبريل من السنة التشريعية 2023-2024.