نوال موحوت .. سيدة تسلحت بالصبر لتشرف على التواصل بمرفق يعج بالألم والمعاناة

إعداد : حفيظ البقالي

فاس- بعيدا عن الاتكالية والتقوقع، استطاعت نوال موحوت أن تنحت لنفسها مسارا متميزا في مجال التواصل، متسلحة بالصبر والأناة لتصبح بعد مسار عرف منعرجات ومطبات ونجاحات، مسؤولة عن مديرية التواصل بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس .

ولم تبخل نوال موحوت التي عانقت الحياة بتازة في تسخير خبراتها وكفاءتها المهنية التي راكمتها طوال سنوات من الكد والدراسة في تكريس ثقافة التواصل في مرفق عمومي يعج بالألم والمعاناة والأنين والفراق محاولة من خلال تجربتها وما اكتسبته من خبرة أن تخفف عن الوافدين على هذا المستشفى وتوجههم نحو الجهة التي ستتكفل بتتبع علاجهم .

تقول نوال موحوت رئيسة مصلحة التكوين والتعاون المكلفة بالتواصل بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس إنها تعتمد على مبدأي الإنصات والتواصل كدعامات أساسية ومحورية في تدبير كل المهام التي تناط بها كمكلفة بالتواصل داخل المركز على اعتبار أن ثقافة الإنصات تظل أهم مؤشر للجودة في أي مرفق عمومي أو خاص .

وحسب موحوت ،الحاصلة على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الدستوري، فإن الاشتغال في مجال التواصل بمرفق عمومي يعد من بين أكبر المراكز الاستشفائية بالمغرب، هو عمل شيق وفي نفس الوقت يعرف إكراهات كبيرة ” تدفعنا إلى مواجهة التحدي والتسلح بالثقة في النفس”.

وتؤكد نوال، التي تهيئ دكتوراه في علم الاجتماع الاستشفائي حول موضوع ” الهويات المهنية ورهانات السلطة بين الفاعلين الاستشفائيين .. تأثير العلاقة بين الطبيب والممرض على الرعاية الطبية للمرضى “، في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء أنها وإن لم تدرس علم التواصل بطريقة مباشرة ” فإني خبرته في إطار التواصل السياسي ومساري كحقوقية مهتمة بقضايا المرأة والمجتمع مما اكسبني ثقافة الإنصات التي هي ركيزة أساسية في العمل التواصلي”.

ولا تتردد هذه السيدة التي اشتغلت قبل التحاقها بالمركز الاستشفائي بفاس بعدة مصالح بعمالة تازة على التأكيد أن ثقافة الإنصات والتواصل تعد سواء في القطاع العام أو الخاص هي معيار للجودة لأن تقييم الجودة في أي مؤسسة او إدارة تختزله العبارة الدارجة التي يطلقها المرتفقون دائما (ما عنديش معمن نهضر ).

وتضيف أنه وبسبب الجهل والأمية فإن العديد من الوافدين على المركز الاستشفائي لا يعرفون أن هذا المرفق العمومي الذي هو ملزم بالمساواة وتقديم الخدمات الصحية يتوفر على مخاطب مكلف بالتواصل مهمته توجيه المرضى والزوار والرواد نحو مختلف المصالح مما يخلق العديد من المشاكل والإكراهات نحاول أن نتغلب عليها بالحكمة والإنصات .

طبعا ليس من السهل، تقول نوال، الاشتغال في مرفق عمومي يفد عليه يوميا أكثر من 5000 مريض وزائر ويعرف ضغطا كبيرا خاصة مع غياب ثقافة الانتظار ومحدودية الإمكانيات ومع ذلك نحاول التقليل من الإكراهات خاصة اتجاه المريض حيث نقدم له المساعدة ونوجهه نحو المصلحة التي ستباشر علاجه.

وتؤكد أن هذا المركز الاستشفائي الجامعي هو المركز الوحيد بهذه الجهة التي يفوق تعداد ساكنتها 4 مليون نسمة ويعرف بالنظر لأهمية سلة العلاجات التي يوفرها وكذا لتجهيزاته الحديثة والخدمات ذات الجودة العالية التي يقدمها إقبالا كبيرا من طرف المواطنين مما يحتم على الجميع بذل مجهودات كبيرة لتوجيه الوافدين وتحسيسهم ومواكبتهم طوال فترة استشفائهم داخل المركز .

وموازاة مع مهمة توجيه المرضى والزوار وتقديم المساعدة لهم تقوم نوال موحوت في إطار مهمتها بالتواصل الخارجي لفائدة المركز بهدف التعريف بعمل مختلف المصالح والمرافق التابعة لهذا المرفق العمومي عبر البلاغات واللقاءات وتنظيم الندوات لفائدة الإعلام والمؤسسات الخارجية .

وبحكم تكوينها وتربيتها التي تلقتها وسط أسرة تهتم بالشأن العام فإن نوال موحوت ورغم كثرة انشغالاتها ما بين العمل والدراسة وتربية الأطفال منخرطة بكل قواها في العمل الجمعوي من خلال اشتغالها في إطار جمعيات منها جمعية ” جميعا من اجل المستعجلات ” والتي تعنى بالوافدين على المستشفى وأنسنة فترة الانتظار من خلال تهييئ فضاء خاص بهم يوفر لهم أسباب الراحة ويزودهم بالمعلومة الطبية الصحيحة .

ورغم كونها تعشق العمل وتنافح عن قضايا المرأة فإن نوال حين تتلقى سؤالا عن عيد المرأة ترد بكل صرامة وبدون تردد ” إن تاريخ 8 مارس لا يعني لي شيئا”.

وتقول ” لقد تم تمييع الاحتفال بهذا اليوم فبدل تنظيم حفلات لتكريم المرأة يجب إبداع أفكار وتصورات لمشاريع لفائدتها كما أنه لا معنى للاحتفال بهذا اليوم في ظل وجود نساء عرضة للتهميش والأمية والجهل وهضم الحقوق “.