نشر ثقافة التبرع بالدم أنجع سبيل لتوفير هذه المادة الحيوية بشكل منتظم على الصعيد الوطني (مدير المركز الوطني لتحاقن الدم)

أجرى الحوار : عبد الله امشانة
الرباط- قال مدير المركز الوطني لتحاقن الدم بالرباط، السيد محمد بنعجيبة، إن توفير الدم بشكل منتظم على المستوى الوطني يعتبر تحديا مستمرا يصعب تحقيقه في غياب التعبئة والتحسيس ونشر ثقافة التبرع بالدم، وذلك في أفق جعلها مظهرا من مظاهر التربية على المواطنة.

وفي هذا الصدد، أكد السيد بنعجيبة، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة اليوم الوطني للتبرع بالدم، الذي يخلد هذه السنة تحت شعار “يمكنك أن تتبرع على الأقل 3 مرات في السنة”، أن الجهود التي يقوم بها المركز وفروعه الستة عشر تروم بالأساس توسيع قاعدة المتبرعين، بما يفضي إلى انشار “ثقافة التربية على التبرع بالدم”، خصوصا على صعيدي الأسرة والمدرسة، وجعلها سلوكا أخلاقيا ووطنيا، مبرزا أن تحقيق هذا المبتغى يستوجب إشراك المجتمع المدني ومختلف المؤسسات المحلية والجهوية والدولية ذات الصلة.

وأبرز أن معدل التبرع بالدم في المغرب لم يتجاوز خلال السنة المنصرمة نسبة 0,95 في المائة من الساكنة، أي بواقع 280 ألف متبرع، 15 في المائة هم فقط من جددوا تبرعهم، لافتا الانتباه في بالمقابل إلى أن هذه النسبة تصل في بعض البلدان الأوروبية إلى 95 في المائة، فيما يستأثر التبرع التطوعي في المغرب بنسبة 87 في المائة.

واعتبر أن إقناع المواطنين بالتبرع لثلاث مرات في السنة سيسهم في الرفع من عدد المتبرعين إلى قرابة 900 ألف، وهو ما يمثل 3 في المائة من نسبة السكان الذي توصي به منظمة الصحة العالمية، مشددا على أن مختلف مراكز تحاقن الدم على الصعيد الوطني ستركز جهودها خلال السنة المقبلة على عمليات التحسيس والتوعية بأهمية الانتظام في التبرع بالدم، من خلال حسن الاستقبال والتعريف بالمزايا الصحية لعملية التبرع المنتظم.

وأوضح أن تحقيق هذا الهدف يبقى رهينا بمساهمة المجتمع المدني، لاسيما الفيدرالية المغربية للمتبرعين بالدم والرابطة المغربية للتبرع بالدم، فضلا عن الدخول في شراكات مؤسساتية، خصوصا مع مصالح وزارة الداخلية ومؤسسة محمد السادس للقيمين الدينيين بهدف جعل المساجد نقطة قارة للتبرع بالدم.

وأشار إلى أن التبرع بالدم يطرح ثمة إشكاليات تتجلى، على الخصوص، في ضعف الإقبال، وأحيانا صعوبة إقناع المتبرعين بمزايا ومقاصد التبرع، علاوة على خصائص المنتوجات الدموية التي لا تحتمل التخزين لمدة أطول، وبالأخص الصفائح الدموية التي لا يمكن تخزينها لمدة تفوق خمسة أيام، وكريات الدم الحمراء (42 يوم)، فيما يبقى المصل قابلا للتخزين لمدة سنة كاملة.

وعلى أساس ذلك، يوضح المدير، فإن عملية التبرع بالدم يجب أن تصبح ثقافة ذات بعد وطني شامل، بما يؤمن توفير احتياطي مراكز تحاقن الدم من هذه المادة الحيوية، مبرزا أن انتشار العديد من الأمراض المزمنة وارتفاع أمد الحياة يجعلان الحاجة ماسة الى التبرع بالدم على طول فترات السنة.

وأشار إلى أن متوسط معدل الحاجيات الوطنية من هذه المادة يقدر بنحو 1200 كيس من الدم يوميا وأن النسبة التي يتم جمعها فعليا تتباين تبعا للمدن والفترة المستهدفة، مشددا على أن الطلب المتزايد والمستمر، وأحيانا غير المتوقع، على هذه المادة يقتضي المزيد من التعبئة والتحسيس في أفق جعل هذه العملية سلوكا اعتياديا، ومظهرا من مظاهر التربية على المواطنة التي يجب أن تدرج ضمن المناهج الدراسية.

واعتبر أن عدم الاستمرارية والانتظام في عملية التبرع مرده غياب ثقافة التبرع بالدم وتوجس بعض المتبرعين من مآل الدم المتبرع به، حيث يعتقد البعض خطأ أنه قد يصبح سلعة تباع للمصحات والمؤسسات الطبية، موضحا أن هذه “القناعات المغلوطة” تشكل في حد ذاتها “عقابا للمريض” الذي قد يكون في أمس الحاجة إلى هذه المادة الحيوية.

وأوضح السيد بنعجيبة أن طبيعة عمل مراكز تحاقن الدم تتطلب استثمارات مالية هامة لمسايرة التطور العلمي والأبحاث المخبرية ذات الصلة، لاسيما وأن الأمراض والفيروسات المنقولة عن طريق الدم أصبحت “تتطور وتتجدد باستمرار”، ليخلص إلى أن إشكالية التبرع بالدم وخصائصها التقنية والعلمية تبقى، مع ذلك، مطروحة مهما وصل حجم الامكانيات المادية والبشرية، وأن السبيل الأنجع للتعامل معها يكمن في الانتظام في عمليات التبرع.