موازين : عندما يغني أمانسيو برادا شعرا وتمنح الموسيقى معنى للحياة

إعداد خالد الحراق

الرباط-وفاء للتراث الإسباني العريق ، تفاعل الملحن والمغني أمانسيو برادا بشكل قوي، أمس الأربعاء بالرباط ، مع عشاق الموسيقى وجمهور موازين في الأمسية الغنائية السادسة لهذه التظاهرة الفنية ، من خلال دفء صوته وقوة كلماته وعذوبة أغانيه .

و كان برادا قد خاطب خلال هذه الأمسية جمهوره ، مؤكدا أنه يحرص على انتقاء أعماله كما يدقق في اختياراته ، مشيرا إلى أنه يتعامل مع الأغنية باعتبارها ثقافة في حد ذاتها وقصصا ، ما دامت كل أغنية تحكي قصة تمت معايشتها. وقال أيضا ” أن نغني معناه استعادة ما فقدناه سابقا “.

وقد تجسد هذا التفاعل القوي ، في تمكن برادا من شد انتباه وأسماع الجمهور لما يقرب من الساعتين ، وذلك خلال هذه الأمسية المقامة بمسرح محمد الخامس ، والتي تعتبر مناسبة للاستمتاع بأعمال شكلت جانبا هاما من المسار الموسيقي والشعري لهذا الوجه الموسيقى والفني الكبير .

وقبل ذلك ، وفي بداية الأمسية ، ظل الجمهور صامتا وهادئا عندما افتتح أمانسيو برادا هذه الأمسية بأداء بعض أشعار فيديريكو غارسيا لوركا ، وذلك حرصا منه على تكريم هذا الشاعر الإسباني الكبير الذي توفي سنة 1936 .

ولم يكتف برادا بذلك ، حيث نقل جمهوره إلى أجواء فنية إسبانية أخرى تحمل في طياتها فلسفة عميقة للحياة ، وهو ما تجلى في تغنيه ببعض أشعار روسالا دي كاسترو، أحد الوجوه المؤسسة للأدب الغاليسي المعاصر ، كما أدى أغاني إسبانية أخرى وفرنسية .

يعكس ريبيرطوار الأغاني الذي أتحف به بردا عشاق فنه ، ما صرح به في مستهل هذه الأمسية ، حيث قال إنه يفرد مكانة خاصة للقصائد ومصادر الشعر القديمة في مسيرته الفنية .

لقد نجح أمانسيو برادا في إمتاع جمهوره ، بل خلق لحظات مليئة بالفرح ، وهو ما برز من خلال تفاعل الجمهور معه عبر لحظات يطبعها الصمت والانتباه تارة ، والحركية والحماس تارة أخرى . ويبقى القاسم المشترك في كل هذه اللحظات هو الاستمتاع بقوة الكلمة الشعرية والأداء الجميل .

وتجدر الإشارة إلى أن أمانسيو برادا ، الذي ولد عام 1949 بداهيساس في منطقة ليون (إسبانيا) ، كان قد ترك بلاده في عام 1969 لدراسة علم الاجتماع في جامعة السوربون بباريس . وفي الوقت نفسه، عمل على تعلم العزف على آلة الغيتار ، وأخيرا تخلى عن أمله في أن يصبح عالم الاجتماع ، وفضل إثراء عالم الغناء .

وقدم أولى حفلاته الغنائية سنة 1972، ثم قدم فنه في الإذاعة والتلفزيون ، فكانت النتيجة إبداعات مستلهمة من نصوص قديمة وحديثة لشعراء كبار.

وتتواصل فعاليات الدورة الثالثة عشرة من مهرجان ” موازين .. إيقاعات العالم”، التي تنظم تحت شعار “اختلافاتنا تجمعنا”، إلى غاية السبت المقبل، بمشاركة نخبة من ألمع نجوم الغناء والموسيقى على الصعيد الوطني والعربي والدولي .