من بديهيات الكرة بالبرازيل.. لكل ناديه المفضل، لا وجود للبدون
بقلم : عبد المغيث صبيح
ساو باولو-وصلت كرة القدم إلى البرازيل أواخر القرن التاسع عشر عن طريق المواطن البريطاني من أصول برازيلية، شارلز ميلر، أو هكذا تقول كتابات أغلب مؤرخي اللعبة، التي باتت، مع توالي السنين، عشقا جماعيا يتقاسمه البرازيليون، لكن يبقى للناس في ما يعشقون مذاهب.
كرة قدم وأداة نفخ وأحذية رياضية وكتاب يتضمن قواعد اللعبة، تلك كانت البداية وذلك كان ما أدخله ميلر، وهو من أب اسكتلندي وأم برازيلية، إلى بلاده، التي عاد إليها سنة 1894 بعدما أنهى دراسته في إنجلترا.. بادر الرجل إلى تنظيم مباريات لكرة القدم، دفعت إلى تأسيس النوادي وانطلاق البطولات المحلية بعد نحو عقد من الزمن، فصارت الكرة لعبة شعبية، من بديهياتها أن تجد لكل برازيلي، بالضرورة، ناديه المفضل.
لا وجود للبدون..إذا لم يكن كورينثيانز، أكثر الأندية البرازيلية شعبية، أو فلامينغو أو سانطوس أو ساو باولو أو بالميراس، فقد يكون أحد أندية الدرجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، حسب المدينة او الولاية التي ينتمي إليها المشجع أو المشجعة. فالبرازيل تتوفر على 29 ألف و208 نادي كروي مسجلا لدى الاتحاد المحلي لكرة القدم، كما تشهد سنويا أزيد من مائة منافسة كروية، ضمنها الدوري المحلي والدوريات الجهوية ال27 والكأس.
طالب أو سائق طاكسي أو عامل بأحد المحلات التجارية أو بواب أو أحد الجيران، الأمر سيان.. يكفي أن تدخل معه في دردشة وتستفزه بمعلومة سلبية عن فريقه أو إيجابية عن باقي الفرق ليرد بوابل من المعلومات المضادة التي يؤكد لك من خلالها أن فريقه المفضل هو الأفضل وربما يذكرك برصيد الألقاب والملاحم التي حققها أو بآخر التعاقدات المحتملة.
ولا يقتصر عشق الأندية بالبرازيل على عامة الشعب، بل يقع فيه رجال السياسة أيضا. فالرئيس السابق لويز إيناسيو لولا دا سيلفا يعد من أشد المشجعين لنادي كورينثيانز، أحد أندية مدينة ساو باولو، والذي يتوفر على بطاقة العضوية فيه منذ الثامنة من عمره.
لولا دا سيلفا غادر رئاسة جمهورية البرازيل الفيدرالية نهاية سنة 2010، لعين رئيسا ل”جمهورية كورينثيانز الشعبية” التي تم الاعلان عن تأسيسها خلال احتفالات النادي بمأويته في السنة ذاتها. حينها أصبحت بطاقة العضوية بالنادي تسمى “جواز سفر الجمهورية”. آنذاك، صرح مازحا وقال “أخرج ومعي جواز سفر كورينثيانزي، وكذلك زوجتي وبالتأكيد سيحصل أبنائي على جوازات سفرهم. فلا أريد لأحد أن يعيش سرا داخل جمهورية كورينثيانز”.
وفي أحايين كثيرة يصل التماهي مع النادي المفضل حد التعصب لهذا الأخير والسخرية اللاذعة من باقي الأندية، خصوصا إذا تعلق الأمر بفرق المدينة الواحدة. حينها يمكن أن تصل الندية حد “التشفي” في حال تلقت شباك أحد الخصوم هدفا في مباراة ما، ولو أمام فريق أجنبي، في المنافسات القارية أو الدولية. فالأهداف المسجلة ضد الخصوم غالبا ما يحتفل بها عبر إطلاق الشهب الاصطناعية، بل وإطلاق عبارات “التشفي والسخرية” من النوافذ بصوت عال، ولو في منتصف الليل، حتى تصل إلى من يهمه الأمر، في العمارات أو المنازل المجاورة.
وقد تتجلى هذه الندية أيضا من خلال كتابات على الجدران أو تلاعب بالعبارات الواردة في علامات التشوير أو أسماء الشوارع. كان ذلك ما حصل حينما خسر فريق أتليتيكو مينيرو نصف نهاية مونديال الأندية أمام الرجاء البيضاوي في دجنبر الماضي بمراكش. حيث أطلقت جماهير كروزيرو، أحد أندية مدينة بيلو أوريزونتي، عريضة عبر الأنترنيت طالبت من خلالها بتغيير إسم أحد أبرز شوارع المدينة من “كازا رجا غباغليا”، ليصبح “رجا كازابلانكا”، بعد هزيمة رونالدينيو ومن معه.
وللطرافة مكان في عشق البرازيليين لأنديتهم، فمنهم من يحرص على تصميم أزياء بألوان ناديه المفضل على مقاس قطه أو كلبه الأليف، ومنهم من يذهب أبعد من ذلك، ليستفز عشاق باقي الأندية، مثل بعض الحلاقين الذين يعمد بعضهم إلى تزيين عالي محله بصور لاعبي فريقه المفضل، في حين يضع بساطا بألوان فرق الخصوم عند مدخل المحل لتدوسه أقدام الزبناء قبل الدخول.
بالبرازيل، حتى المتشردون يعشقون أنديتهم بطريقتهم الخاصة. فغداة فوز كورينثيانز بمونديال الأندية لسنة 2012 باليابان، كان أحدهم يقترب من المارة بالشارع العام خلسة ويباغتهم بصرخة مدوية يلفظ فيها إسم “كوريييينثياااانز”، ويبتعد لبضعة أمتار درءا لرد فعل غاضب. يقفز الضحايا من شدة الفزع، يسخطون ويثورون، لكن سرعان ما ينتهي بهم المطاف بتقاسم تلك الضحكة الماكرة من “الجاني”..الذي يبقى على بعد أمتار منتشيا بفعلته، في انتظار ضحية أخرى.
اقرأ أيضا
المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء
استضافت العاصمة الاقتصادية، التي تعد جوهرة الهندسة المعمارية الحديثة بالمغرب، مساء أمس الخميس بحديقة الجامعة العربية، مائدة مستديرة خصصت لتسليط الضوء على فن “الآرت ديكو”، الذي يعد طرازا معماريا يجسد جزءا أساسيا من تراث مدينة الدار البيضاء.
الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية
اختتمت، يوم الخميس بالدار البيضاء، أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية، وذلك بعد يومين من النقاشات العلمية التي تمحورت حول موضوع “الملكية الفكرية وتحديات الذكاء الاصطناعي”.
الدار البيضاء.. إبراز تحديات حماية حقوق الملكية الفكرية بالتعليم في ارتباطها بالذكاء الاصطناعي (ندوة)
أبرز مشاركون في جلسة علمية عُقدت، اليوم الخميس بالدار البيضاء، في إطار أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية، أهم التحديات التي تعترض حماية حقوق الملكية الفكرية بقطاع التعليم في ارتباطها بالذكاء الاصطناعي.
أخبار آخر الساعة
-
المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء
-
الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية
-
الدار البيضاء.. إبراز تحديات حماية حقوق الملكية الفكرية بالتعليم في ارتباطها بالذكاء الاصطناعي (ندوة)
-
معهد واشنطن في الصويرة: السيد أزولاي يسلط الضوء على الاستثناء المغربي بين الأمم
-
“مراكش إير شو 2024”: توقيع مذكرات تفاهم لتعزيز الاندماج المحلي لقطاع الطيران
-
مجلس الحكومة يطلع على عدد من الاتفاقيات الدولية ومشاريع القوانين المتعلقة بها
-
المملكة المتحدة.. إعادة تشكيل المجموعة البرلمانية متعددة الأحزاب المخصصة للمغرب ببرلمان وستمنستر
-
الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية يستقبل رئيس أركان القوات المسلحة لدولة الرأس الأخضر