منتدى الهند-إفريقيا 2015: التنمية الاقتصادية والإرهاب والمناخ.. أبرز القضايا المطروحة على أنظار القمة

مراسل الوكالة بنيودلهي: سعد أبو الدهاج

نيودلهي- تطرح أمام القمة الثالثة لمنتدى الهند- إفريقيا 2015، المنظمة من 26 إلى 29 أكتوبر الجاري بنيودلهي، العديد من القضايا والرهانات، من أبرزها تحقيق التنمية الاقتصادية ومحاربة الإرهاب والتخفيف من ظاهرة تغير المناخ.

وسيتعين على قادة ومسؤولي البلدان المشاركة، عندما يلتئمون غدا الخميس، العمل على تشكيل خارطة طريق مستقبلية للعلاقات الهندية – الإفريقية، تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات والرهانات السياسية والاقتصادية والأمنية والمناخية والتكنولوجية.

ويعد الحضور المكثف وغير المسبوق للبلدان الإفريقية لأشغال القمة تأكيدا على الأهمية التي تحظى بها هذه التظاهرة، باعتبارها تشكل فرصة سانحة من أجل تعزيز التعاون الهندي الإفريقي وتوسيع مجالاته، وتوسيع مجال التشاور من أجل التوصل إلى توصيات وحلول لمشاكل الإقلاع الاقتصادي ومكافحة التطرف والقضايا البيئية.

وترتكز الهند في نسج علاقتها مع الدول الإفريقية على عدة أسس، منها ما هو تاريخي يرجع إلى دعم نيودلهي لحركات التحرر الوطني في القارة السمراء، بمجرد حصولها على الاستقلال عن التاج البريطاني في سنة 1947، ومنها ما يرتبط بوجود قواسم حضارية مشتركة، بالإضافة إلى تشابه طبيعة المجتمعين الهندي والإفريقي من حيث التنوع الديني والثقافي والعرقي، وكذا نمو التعداد السكاني ومعدلات الفقر في كلا الجانبين.

كما أن انتماء الهند وإفريقيا معا إلى مجموعة دول الجنوب يكرس توافقا طبيعيا في عدد من القضايا الدولية والإقليمية، من خلال انخراط الجانبين في مجموعة عدم الانحياز، ومجموعة الـ 77، مما كان له الأثر الكبير في إحداث نوع من التقارب في وجهات النظر بشأن العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وتتزايد الأهمية التي توليها الهند لحدث انعقاد هذا المنتدى، مع سعي الحكومة الهندية الجديدة التي يقودها الوزير الأول ناريندرا مودي إلى الحصول على مزيد من الإشعاع السياسي والاقتصادي ووضع البلاد في مصاف الأمم الكبرى، في سعيها نحو الظفر بمقعد دائم في مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة.

في المجال الاقتصادي، تهدف الهند من خلال هذه القمة إلى تأكيد الحضور المتنامي لمقاولاتها بالقارة الإفريقية في مختلف المجالات، لاسيما في قطاعات تكنولوجيا الاتصال والفلاحة والصناعة والنسيج والتكنولوجيات الجديدة، كما ستعمل على الرفع من حجم مبادلاتها مع بلدان القارة السمراء، بالرغم من أن معدل التبادل التجاري بين الطرفين تضاعف 20 مرة خلال السنوات الـ 15 الأخيرة، وتضاعف مرتين خلال السنوات الخمس المنصرمة.

وفي هذا الصدد، عملت الحكومة الهندية، في إطار الجهود التي تبذلها للمساهمة في تنمية اقتصاد القارة الإفريقية ومشاريع البنية التحتية بها، على منح خطوط ائتمانية بقيمة 9 مليارات دولار بهدف تمويل ما يناهز 140 مشروعا في أكثر من 40 دولة إفريقية خلال السنوات العشر المنصرمة.

بدورها، تتطلع البلدان الإفريقية إلى تجديد هياكلها ومخططاتها الاقتصادية سعيا وراء تحقيق الإقلاع الاقتصادي، ما يفرض عليها الاستعانة بالخبرة والمعرفة التي تتوفر عليها الهند، ثالث أكبر اقتصاد في القارة الآسيوية، وكذا الاستفادة من آليات التعاون والتنسيق والتمويل، من أجل بلوغ أهداف التنمية في إطار سياسة رابح – رابح.

وفي هذا السياق، تراهن دول القارة السمراء على تعميق شراكتها مع الهند واغتنام الفرص التي يتيحها نمو اقتصاد الهند، إحدى أبرز الدول الصاعدة اقتصاديا، عبر الانخراط بقوة في حملة “إصنع في الهند” التي تجعل من البلاد مكانا مفضلا للاستثمار.

وفي المجال الأمني، سيتعين على قادة الدول المشاركة في القمة التوصل إلى قرارات حاسمة بشأن التصدي لمخاطر الإرهاب العابر للقارات، الذي بدأ يتخذ أشكالا جديدة أكثر خطورة، حيث أضحى يشكل إحدى التحديات المهمة التي تتهدد الأمن والاستقرار في عدد من المناطق.

ومن أجل مواجهة هذه الآفة، تبرز الحاجة الملحة لتبني اتفاقية شاملة تركز على تكثيف آليات التعاون بين البلدان المشاركة في القمة على مستوى تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية وتكوين الأجهزة الأمنية وتفعيل كل التدابير الكفيلة بالتصدي لهذا الخطر المتنامي.

وفي ما يتعلق بالتغيرات المناخية، تتطلع الدول المشاركة في القمة إلى بلورة اتفاقية في المجال البيئي تعكس الانشغالات الكبرى لهذه البلدان بخصوص التأثيرات السلبية لظاهرة تغير المناخ، كما ستعمل على الخروج برأي موحد بشأن المناقشات التي سيعرفها مؤتمر باريس حول المناخ في شهر دجنبر المقبل.

تجدر الإشارة إلى أن القمة الثالثة لمنتدى الهند – إفريقيا 2015 افتتحت أشغالها، الاثنين المنصرم، بعقد اجتماع على مستوى الخبراء، تركز على مناقشة مسودتي الإعلان السياسي والإطار الاستراتيجي للتعاون بين الهند وإفريقيا.

يذكر أن الدورة الأولى للقمة الهندية – الإفريقية عقدت للمرة الأولى في نيودلهي عام 2008، في حين نظمت الدورة الثانية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في سنة 2011.