ملحمة ثورة الملك والشعب أيقونة السلسلة الذهبية من النضالات الوطنية من أجل الحرية والاستقلال

ملحمة ثورة الملك والشعب أيقونة السلسلة الذهبية من النضالات الوطنية من أجل الحرية والاستقلال

الأحد, 17 أغسطس, 2014 - 10:58

الرباط –  يخلد الشعب المغربي، يوم الاربعاء القادم ، الذكرى الواحدة والستين لملحمة ثورة الملك والشعب، التي تجسد منعطفا مفصليا في ملحمة التحرير والاستقلال.وأفاد بلاغ للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأن ملحمة ثورة الملك والشعب وهي ذكرى من أعز وأغلى الذكريات الوطنية المجيدة تجسد أيضا أروع صور التلاحم في مسيرة الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي الأبي بقيادة العرش العلوي المجيد في سبيل حرية الوطن وتحقيق استقلاله ووحدته.
وأشار  المصدر ذاته إلى أن هذه الذكرى المباركة والمظفرة اندلعت يوم 20 غشت 1953 حينما امتدت أيادي الاستعمار الغاشم  إلى أب الأمة وبطل التحرير والاستقلال والمقاوم الاول جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه لنفيه وأسرته الملكية الشريفة وإبعاده عن عرشه ووطنه ، واهمة بذلك أنها ستخمد جذوة الكفاح الوطني وتحل العرى  الوثيقة والترابط بين عرش أبي وشعب وفي ، إلا أن المؤامرة الاستعمارية الدنيئة كانت بداية النهاية للوجود الاستعماري وآخر مسمار في نعشه، حيث وقف الشعب المغربي صامدا في وجه هذا المخطط الشنيع، مضحيا بكل وأعز ما لديه في سبيل عزة وكرامة الوطن والحفاظ على سيادة المغرب ومقوماته وعودة الشرعية والمشروعية بعودة رمز وحدة الأمة المغربية مظفرا منتصرا حاملا لواء الحرية والاستقلال.
لقد كانت ثورة الملك والشعب محطة تاريخية بارزة وحاسمة في مسيرة النضال الذي خاضه المغاربة عبر عقود وأجيال لدحر قوات الاحتلال ، فقدموا نماذج رائعة وفريدة في تاريخ الشعوب من براثن  الاستعمار ، وأعطوا المثال على قوة الترابط بين مكونات الشعب المغربي وتوحده قمة وقاعدة واسترخاصهم لكل غال ونفيس دفاعا عن مقدساتهم الدينية وثوابتهم الوطنية وهويتهم المغربية . ومن ثم فإن ملحمة ثورة الملك والشعب لها في قلب كل مغربي مكانة سامية لما ترمز إليه من قيم حب الوطن والاعتزاز والانتماء الوطني والتضحية والالتزام والوفاء بالعهد وانتصار إرادة العرش والشعب.
وهكذا واجه المغرب الأطماع الاجنبية وتصدى بإيمان وعزم وقوة وإصرار لإنهاء الوجود الاستعماري على ترابه، ونستحضر في هذا المقام روائع وأمجاد  مقاومة المغاربة  لقوات الاحتلال بكافة جهات المملكة.
ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر معركة الهري بالأطلس المتوسط سنة 1914 ومعركة أنوال بالريف سنة 1921 ومعركة بوغافر  بورزازات ومعركة جبل بادو بالرشيدية سنة 1933، لتتواصل جذوة الكفاح الوطني بأساليب العمل السياسي التي ظهرت أولى تجلياتها في مناهضة  الظهير البربري سنة 1930 الذي كان من أهدافه شق الصف الوطني والتفريق بين أبناء الشعب المغربي لزرع التمييز العنصري والنعرات القبلية والطائفية، وتلا ذلك تقديم سلسلة من المطالب الإصلاحية ومنها برنامج الإصلاح الوطني وإذكاء روح التعبئة الوطنية وإشاعة الوعي الوطني والتشبع بالقيم الوطنية والدينية ونشر التعليم الحر الأصيل وتنوير الرأي العام الوطني وأوسع فئات الشعب المغربي وشرائحه الاجتماعية بالحقوق المشروعة وعدالة المطالب الوطنية.
وأبرزت المندوبية أن هذا العمل الدؤوب توج بتقديم الوثيقة التاريخية، وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944 التي جسدت وضوح الرؤيا والأهداف وعمق وقوة إرادة التحرير، والتي تمت بتنسيق تام بين بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه والحركة الوطنية مضيفة أن وثيقة المطالبة بالاستقلال شكلت منعطفا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني من أجل حرية المغرب واستقلاله وطموحاته المشروعة وتطلعاته لبناء مستقبل جديد وإنجاز مشروعه المجتمعي والتحرري في ظل العرش العلوي المجيد.
وفي يوم 9 أبريل 1947، قام جلالة المغفور له محمد الخامس بزيارة الوحدة التاريخية إلى مدينة طنجة حيث ألقى خطابه التاريخي الذي حدد فيه معالم مرحلة النضال القادمة. وقد كانت تلك الزيارة الوحدوية محطة كبرى جسدت إرادة حازمة في مطالبة المغرب  جهرا باستقلاله وتأكيده على وحدته وتشبثه بثوابته ومقوماته التاريخية والحضارية وتمسكه بانتمائه العربي الإسلامي وتجنده للدفاع عن مقدساته الدينية والوطنية.
وكان من تداعيات هذه الزيارة الملكية احتدام الصراع بين القصر الملكي وسلطات الإقامة العامة التي وظفت كل أساليب التضييق على رمز المقاومة المغربية محاولة الفصل بين الملك وشعبه وطلائع الحركة الوطنية والتحريرية. ولكن كل ذلك لم يثن العزائم والهمم ، فتأججت جذوة التحدي والصمود  وارتفع إيقاع المواجهة  والتصدي.
وهكذا، وأمام التحام العرش والشعب والمواقف البطولية لجلالة المغفور له محمد الخامس الذي ظل ثابتا في مواجهة مخططات الإقامة العامة الفرنسية، لم تجد السلطات الاستعمارية سوى الاعتداء على رمز الأمة وضامن وحدتها ونفيه رفقة أسرته الملكية في يوم 20 غشت 1953 متوهمة بأنها، بذلك، ستقضي على روح الوطنية والمقاومة، لكن المقاومة المغربية تصاعدت وتيرتها واشتد أوارها لتبادل ملكها حبا بحب ووفاء بوفاء، مثمنة عاليا الموقف الشهم لبطل التحرير الذي آثر المنفى على التنازل بأي حال من الأحوال عن عزة وسيادة الوطن.
وفي حمأة هذه الظروف ، اندلعت أعمال المقاومة  والفداء التي وضعت كهدف أساسي لها عودة الملك الشرعي وأسرته الكريمة من المنفى وإعلان الاستقلال، وعمت المظاهرات والوقفات الاحتجاجية وأعمال المقاومة السرية والفدائية، وتكللت مسيرة الكفاح الوطني بانطلاق عمليات جيش التحرير بشمال البلاد في فاتح أكتوبر سنة 1955.
وبفعل هذه الثورة المباركة والعارمة لم يكن من خيار للإدارة الاستعمارية سوى الرضوخ لإرادة العرش والشعب فتحقق النصر المبين وعاد الملك المجاهد وأسرته الشريفة في 16 نونبر 1955 لتعم أفراح العودة والاستقلال وتبدأ معركة الجهاد الأكبر لبناء صروح المغرب الحر المستقل وتحقيق وحدته الترابية.
وأشار البلاغ إلى أن مسيرة التحرير واستكمال الاستقلال الوطني تواصلت باسترجاع  طرفاية إلى الوطن سنة 1958 وسيدي افني سنة 1969 لتتوج هذه الملحمة البطولية بتحرير باقي الأجزاء المغتصبة من الصحراء المغربية بفضل التحام العرش والشعب وحنكة وحكمة مبدع المسيرة الخضراء المظفرة جلالة المغفور له الحسن الثاني، تلك المسيرة الغراء التي مثلت نهجا حكيما وأسلوبا فريدا في النضال السلمي لاسترجاع الحق المسلوب وحققت المنشود منها بجلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية في 28 فبراير 1976 و استرجاع إقليم وادي الذهب  في 14 غشت 1979.
إن تاريخ الكفاح الوطني طافح بالمكارم والأمجاد ، ويحفل سجله بالدروس والعبر المفعمة بالقيم والمثل العليا التي ستظل منقوشة في الضمائر حاضرة  في الوجدان  ، ماثلة في الأذهان ، وإن أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير وهي تستحضر ملحمة ثورة الملك  والشعب المجيدة ، لتغتنم مناسبة تخليد هذه الذكرى العطرة ، لتجدد ولاءها وإخلاصها للعرش العلوي المجيد وتعلن عن استعدادها الكامل وتعبئتها الشاملة وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية غير القابلة للتنازل أو المساومة ، مثمنة المبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الصحراوية المسترجعة في ظل السيادة الوطنية ، هذا المشروع الذي حظي بالإجماع من لدن أوسع فئات الشعب المغربي وأطيافه السياسية ، ولقي الدعم والمساندة في المنتظم الدولي الذي اعتبره آلية ديمقراطية واقعية ومتقدمة تتماهى مع الشرعية الدولية بالإضافة إلى أنه من شأن المقترح  المغربي أن يشكل حلا نهائيا لهذا النزاع المفتعل الذي يعمل خصوم الوحدة الترابية على تأييده ، والزج بشعوب  المنطقة في ما لا تحمد عقباه.
ومها يكن ، فإن المغرب سيظل متمسكا بحقوقه المشروعة في صحرائه ومتشبثا بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي واقعي وتوافقي لهذا النزاع المفتعل ، والذي لن ينال من إرادة المغرب  أو يثني من عزيمته في الذود عن قضيته المقدسة.
وفي هذا المضمار ، يقول صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله في خطابه السامي الذي ألقاه يوم الاربعاء 30 يوليوز 2014 ، بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لعيد العرش المجيد ، “فقضية الصحراء كما سبق أن أكدت أكثر من مرة ، هي قضية كل المغاربة ، وأمانة في أعناقنا جميعا . وفي هذا الإطار نجد الدعوة متواصلة لمواصلة اليقظة والتعبئة الجماعية ، واتخاذ المبادرات اللازمة ، لاستباق مناورات الخصوم ، فلا  مجال للانتظار أو التواكل ولردود الفعل.
كما نؤكد التزامنا بمبادرة  تخويل  الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا ، وهي المبادرة التي أكد مجلس الأمن مرة أخرى ، في قراره الأخير جديتها ومصداقيتها ، غير أننا لن نرهن مستقبل المنطقة ،  بل سنواصل أوراش التنمية والتحديث بها ، وخاصة  من خلال المضي  قدما في تفعيل النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية ، بما يقوم عليه من  مقاربة تشاركية وحكامة جيدة ومن برامج متكاملة ومتعددة الابعاد ، كفيلة بتحقيق للتنمية المندمجة.
وبخصوص الاتحاد المغاربي جدد جلالة الملك محمد السادس بنفس المناسبة حرصه  الأكيد على بناء صرح اتحاد مغاربي  قوي حيث يقول حفظه الله : ” فعلى الصعيد المغاربي ، نجدد إرادتنا الراسخة في بناء اتحاد قوي ، عماده علاقات ثنائية متينة ومشاريع  اقتصادية اندماجية. إننا نؤمن  بأن الخلاف ليس قدرا محتوما ، وهو أمر طبيعي في كل التجمعات ، فالاتحاد  الاوروبي مثلا كان ولا يزال يعرف بعض الخلافات بين أعضائه ، إلا أنها لا تصل حد القطيعة . غير أن ما يبعث على الأسف هو التمادي في الخلاف لتعطيل مسيرة الاتحاد المغاربي.
ومهما كان  حجم هذا الخلاف ، فإنه  لا يبرر مثلا استمرار إغلاق الحدود ، فقد بلغ الوضع حدا لا يفهمه ولا يقبله المواطن المغربي ، لدرجة أن عددا من الذين التقيت بهم ، خلال جولاتي في بعض الدول الشقيقة يسألون باستغراب عن اسباب استمرار هذا الإغلاق ، ويطلبون  برفع الحواجز بين شعوبنا.
وإن أسرة الحركة  الوطنية والمقاومة وجيش التحرير ، وهي تخلد الذكرى 61 لثورة الملك والشعب المجيدة التي يقترن حلولها ببشائر أفراح الذكرى 51  لعيد ميلاد صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله ، لتسعى وتحرص على تنوير أذهان الناشئة والأجيال الجديدة بقيم هذه الملحمة الكبرى واستلهام معانيها ودلالتها العميقة في مسيرات الحاضر والمستقبل تمشيا مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى التزود  من ملامح وبطولات الكفاح الوطني الزاخر بالدلالات والدروس والعبر ، وهي رسالة نبيلة ومسؤولية جسيمة على عاتق جميع المغاربة ما فتئ يدعو لها ويؤكد عليها جلالة الملك الذي يحمل  لواء إعلاء  صروح المغرب الحديث وارتقائه في مدارج التقدم والازدهار لترسيخ دولة الحق وسيادة القانون وتوطيد دعائم الديمقراطية وتطوير وتأهيل إدارات المغرب الاقتصادية والاجتماعية وإعلاء صروحه في كل ميادين  ومجالات التنمية الشاملة والمستدامة وإذكاء دوره الحضاري وإسهامه كقطب جهوي فاعل ووازن لإشاعة القيم المثلى ومبادئ السلام  والتسامح والاعتدال ونصرة القضايا العادلة وتعزيز روح الإخاء والتعاون  والتضامن بين الشعوب والأمم.

اقرأ أيضا

الاحصاء العام للسكان والسكنى.. انطلاق المرحلة الثانية من التكوين الحضوري للمشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين بجهة الرباط -سلا – القنيطرة

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 14:58

انطلقت، اليوم الإثنين بالرباط، المرحلة الثانية من التكوين الحضوري الخاصة بتكوين المشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين المشاركين في عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 بجهة الرباط – سلا – القنيطرة.

أولمبياد باريس 2024.. راكب الأمواج المغربي رمزي بوخيام يتأهل إلى الدور الثالث

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:49

تأهل راكب الأمواج المغربي، رمزي بوخيام ، ليلة الأحد – الاثنين، بتيهوبو في تاهيتي، إلى الدور الثالث لمسابقة ركوب الأمواج، ضمن دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024).

بورصة الدار البيضاء : أداء إيجابي في تداولات الافتتاح

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:23

استهلت بورصة الدار البيضاء تداولاتها اليوم الإثنين بأداء إيجابي، حيث سجل مؤشرها الرئيسي “مازي” نموا بنسبة 0,38 في المائة ليستقر عند 13.824,97 نقطة.