ملاحق اليوميات الوطنية لرمضان والصيف .. التقليد المتجدد السابح في بحر المعرفة والإمتاع والمؤانسة

عبد اللطيف الجعفري

الدار البيضاء –  تحتفي اليوميات الوطنية كل سنة، بشهر الصيام وبفصل الصيف بطريقتها الخاصة، من خلال إفراد ملاحق وصفحات تشمل مواد ذات طبيعة معرفية وتثقيفية وترفيهية وتاريخية، والتي تشكل مجالا خصبا للإمتاع والمؤانسة السابحة في بحر المعرفة.

 وقد شكل هذا النهج تقليدا متجددا بالنسبة ليوميات لها تاريخ طويل في الصدور والتلاقي المنتظم مع القراء، في الوقت الذي انخرطت فيه يوميات حديثة العهد بقوة، وذلك من أجل الاقتراب أكثر من القراء ومن نهمهم المعرفي والإخباري .

 في سنوات مضت كانت اليوميات الوطنية تخصص ملاحق لشهر رمضان، وأخرى لفصل الصيف، وذلك خلال السنوات التي يحل فيها الشهر الفضيل في فصول الخريف أو الشتاء أو الربيع ، بيد أن تزامن هذا الشهر الكريم مع فصل الصيف ، هذه السنة وخلال السنوات الأخيرة ، جعل ملاحق الصيف تحتضن ملاحق رمضان، وتندمج معها أحيانا، في مسعى لتعميم الفائدة وتكريس عادة القراءة لدى الجمهور الواسع .

    ويسجل في هذا السياق أن بعض اليوميات، التي كانت قد توقفت عن الصدور لأسباب متعددة، قد اختفت وحملت معها ملاحقها كجزء أساسي من ذاكرة وتاريخ هذه الملاحق من قبيل (أنوال )، و(السياسية الجديدة) ، و( الميثاق ) وغيرها، في الوقت الذي واصلت فيه يوميات أخرى المشوار ، كدلالة على أهمية هذا التقليد الذي ألفه القراء لسنوات طوال .

    وإذا كانت كل يومية تختار بعناية فائقة نوعية المواد المنشورة بهذه الملاحق في ضوء رصدها واستقرائها لاحتياجات قرائها خلال شهر رمضان وفصل الصيف، فإن الهدف المعلن وحتى المضمر في هذا التوجه هو الرفع من مبيعات الصحف بشكل يعزز موقع كل منبر في المشهد الإعلامي الوطني .

    على أن بيت القصيد في هذه العملية هو تفنن القائمين على اليوميات في اختيار عناوين لهذه الملاحق ، فعلى سبيل المثال لا الحصر اختار عدد من اليوميات لملاحقها عناوين ” فسحة رمضان ” و ” رمضان ” و ” ساعة رمضان “.

    ويبقى الأهم في هذه العملية برمتها هو وجود قراء مفترضين للصحف بكثرة خلال الشهر الفضيل وأثناء فترات عطل الصيف ، وهو ما يشكل فرصة بالنسبة لليوميات الوطنية ، لكي تقدم طبقا متنوعا يساهم في شحذ ملكة الفضول المعرفي للقراء .

    ومن أجل الاقتراب من هذه التجربة التي لا تحيد عنها اليوميات كلما حل رمضان والصيف، استقت وكالة المغرب العربي للأنباء ، معطيات خاصة بهذه الملاحق من مسؤولي بعض الجرائد ، والذين أبرزوا أن هذه الملاحق تكتسي أهمية بالغة في علاقة الصحافة بالمجتمع ، لأنها تمكن القراء من مواد تختلف تماما عن المواد التي تنشر خلال باقي شهور السنة .

    وفي هذا السياق، أبرز السيد محمد أبو يهدة رئيس التحرير بيومية (الأحداث المغربية)، أن هذه الأخيرة تحرص خلال رمضان ، وفصل الصيف ، على أن تقدم طبقا متنوعا لقرائها، يجمع بين المادة الإخبارية والتثقيفية والترفيهية.

    وقال إن (الأحداث المغربية) دأبت على تخصيص حيز مهم من صفحاتها لمواد سواء من إنتاج صحافييها أو المتعاونين أو أسماء إعلامية ومثقفين ، من أجل شغل هذه المساحة بمقالات يغلب عليها الطابع السردي الذي يشد القارئ .

    وحسب أبو يهده ، فإن الملحق الرمضاني لهذه السنة ، خصص سبع صفحات غنية ومتنوعة تجمع بين العديد من المجالات ، التي لا يمكن أن تجتمع مقالاتها ومضامينها إلا في مثل هذه المناسبات ، مشيرا إلى أن هذه المقالات تروج لمعطيات ومعلومات إخبارية من خلال تحليلها واسترجاع قيمتها التاريخية.

    ففي المجال السياسي مثلا ، يضيف أبو يهدة ، يسافر الإعلامي طلحة جبريل بقرائه في عالم خاص ومتميز، وذلك من خلال رسائله التي تبادلها مع الراحل العربي المساري والتي تحكي عن علاقة مهنية وإنسانية ظلت ممتدة في الزمن. 

    ومن المواد الأساسية أيضا بهذا الملحق ، سلسلة حول مسارات مغاربة يحملون جنسيات أوربية استقطبهم تنظيم (داعش ) وسافروا إلى سوريا أو شكلوا قواعد خلفية للتجنيد في بلجيكا وفرنسا ودول أوروبية أخرى، وهي حلقات تتطرق للجانب الشخصي لهؤلاء الشبان وكيف تم استقطابهم وتلقفتهم أيادي التطرف.

    وفي المجال الرياضي هناك عودة إلى زمن الكرة العفوي باستعراض أسماء نجوم برزت في دوريات الأحياء واشتهرت في المدن.

 وخلص إلى أنه من خلال هذا التنوع تحاول الجريدة ، أن تتجاوز دورها الأساسي في الإخبار، والسفر بقرائها إلى عوالم أخرى يجمعها التنوع .

 ومن جهته أبرز السيد عبد الرحيم سموكني رئيس القسم الاقتصادي بيومية ( آخر ساعة ) ، أن هذه الأخيرة اختارت التنويع في صفحاتها الأربع المهداة لملحق ” ساعة رمضان”، حيث جمعت بين نشر كتاب الأسير مروان البرغوتي ( ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي )، وحوارات ، ومواضيع أخرى تتوزع بين الديني والتوثيقي لكتب اهتمت بحقب معينة من تاريخ المغرب.

    وأوضح أن ملحق ” ساعة رمضان ” ، الذي سيتلوه ، بعد ذلك ملحق آخر خاص بفصل الصيف، يركز في جانب منه على حضور العمق النضالي لرمز من رموز المقاومة الفلسطينية المعاصرة عبر نشر كتاب مروان البرغوتي، الذي يحكي رحلة هذا المناضل ومعاناته في مملكة المجهول (المحاكمة والعزل الانفرادي ).

    كما يضم الملحق حوارات قصيرة مع مشاهير مغاربة من عالم الفن والسينما والإعلام، يتحدثون فيها عن تفاصيل معيشهم اليومي في رمضان، وعاداتهم الاستهلاكية والأسرية .

    وأشار إلى أن الإعداد لملحقي رمضان وفصل الصيف ، يندرج ضمن عادة ألفتها الجرائد الوطنية منذ القدم، والتي تتماشى مع تغير سلوكات المقروئية لدى القارىء ، لذا كان لزاما التفكير في خلق تنوع في محتويات “ساعة رمضان”، بين نشر حلقات من كتب ملتزمة وحوارات ودردشات خفيفة مع مشاهير وأسماء تصنع الحدث وطنيا.

    ويشمل الملحق أيضا ركنا دينيا يهدف كاتبه الشيخ محمد رفيقي إلى توضيح مسائل يسودها غموض كبير لدى المسلمين والمغاربة خاصة، تتعلق بظروف الصيام وإكراهات الإفطار، وهذا الركن يستقي فكرته من مبدأ أن الإسلام دين يسر وليس دين عسر.

 وإذا كان هذا هو حال اليوميات الوطنية في التعاطي مع متطلبات المقروئية في رمضان وفصل الصيف ، فإن التحدي الذي سيواجهها مستقبلا هو توجه فئات عريضة لوسائل اتصال حديثة من أجل المعرفة والتسلية ، وهذا يحتم إعادة قراءة الاحتياجات المعرفية للناس من أجل استرجاع الجمهور العريض الذي اختطفته شبكة الأنترنيت.