محاربة التصحر بالجهة الشرقية..مشاريع مندمجة تجعل من العنصر البشري والساكنة المحلية عاملا أساسيا للمحافظة على المجال الغابوي وتنميته

محاربة التصحر بالجهة الشرقية..مشاريع مندمجة تجعل من العنصر البشري والساكنة المحلية عاملا أساسيا للمحافظة على المجال الغابوي وتنميته

الجمعة, 23 مايو, 2014 - 10:53

– إعداد الحسين لعوان –

وجدة – تعمل إدارة المياه والغابات ومحاربة التصحر، على مستوى الجهة الشرقية، على ترجمة استراتيجية محاربة التصحر، من خلال مشاريع مندمجة، تعتمد على مقاربة تشاركية ومجالية، تجعل من العنصر البشري والساكنة المحلية عاملا أساسيا للمحافظة على المجال الغابوي وتنميته.
ومن بين هذه المشاريع، التي قدمتها المديرية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالجهة الشرقية، خلال الزيارة التي نظمتها لفائدة وسائل الاعلام الوطنية والمحلية، على هامش اليوم العالمي للتصحر (16 يونيو)، لعدد من المواقع المحمية والرعوية بإقليم جرادة، عملية تشجير محيط “قلب النعام” بغابة بني يعلا بصنف شجر الصنوبر الحلبي، والمركز الإعلامي للموقع المحمي الشخار، ومحطة الرصد الجوي، وموقعي “خوي لمجاج” لإنتاج البذور وتحسين المناطق الرعوية الغابوية بالنجود العليا.
وتهدف استراتيجية محاربة التصحر، بالأساس، إلى تثمين الموارد الغابوية، عن طريق التشجير والتخليف وتحسين المراعي، وحماية التنوع البيولوجي على مستوى 154 موقع ذو أهمية بيولوجية وإيكولوجية بالمغرب، وما يزيد عن 10 منتزهات وطنية، والمحافظة على التربة وتنظيم دورة المياه ومحاربة التصحر، إلى جانب تهيئة مجالات استقبال الساكنة بالقرب من التجمعات الحضرية.
ومن أجل تقليص الضغط على الموارد الغابوية، وضمان استغلالها بشكل عقلاني ومستدام، تنهج إدارة المياه والغابات خلال العشرية الأخيرة سياسة جديدة تروم التنمية السوسيو- اقتصادية للساكنة المحلية بالمناطق المجاورة للمنظومات الغابوية، عبر خلق أنشطة مدرة للدخل في إطار تعاونيات غابوية تستفيد من منح المقاصة لمنع الرعي، وكذا إحداث بنيات تحتية من مسالك غابوية ونقط الماء واستغلال الموارد الطبيعية كنبتة أزير والحلفاء.
ويتجلى الهدف من هذه التنمية السوسيو- اقتصادية في فك ارتباط المعيش اليومي للساكنة المحلية بالموارد الغابوية، مما يساهم في ضمان انخراط هذه الساكنة في المشاريع الرامية إلى تنمية المجال الغابوي ومساهمتها في نجاحها وحمايتها.
وأبرز المدير الإقليمي للمياه والغابات ومحاربة التصحر بجرادة، السيد رشيد العنزي بالمناسبة، النتائج الإيجابية التي حققها محيط “قلب النعام”، الذي عرف عملية التشجير سنة 2006 ، بصنف الصنوبر الحلبي على مساحة 100 هكتار، خاصة في خلق دينامية وإحياء المنظومة البيئية بصفة عامة إلى جانب أدواره في حماية التربة من التصحر، وخلق فضاء ترفيهي على مستوى الطريق الوطنية الرابطة بين وجدة وبوعرفة.
واعتبر أن الساكنة المحلية، من ذوي الحقوق، المجاورين لهذه المجالات الغابوية والمحيطات التي يتم تشجيرها أو تخليفها، تستفيد في إطار جمعيات أو تعاونيات من منح المقاصة التي تصل إلى 250 درهم للهكتار الواحد على مساحة إجمالية يجب أن تتجاوز 300 هكتار مقابل منعها مؤقتا من الرعي، مشيرا إلى أنه على مستوى إقليم جرادة، توجد جمعيتان تستفيدان في هذا المجال، الأولى من عملية التخليف والتشجير وتحسين المراعي بالنجود العليا، والثانية من منحتي الرعي والمقاصة في المجالات الغابوية.
وأضاف أنه لمحاربة ظاهرة التصحر، تم في إطار شراكة بين إدارة المياه والغابات وإحدى التعاونيات تهتم بالمجال الرعوي، إنجاز مشاريع تحسين المراعي بغية توفير الاحتياطي من الكلأ للماشية وتقليص الضغط على المجال الرعوي، وكذا إعادة إحياء المنظومة البيئية الهشة بالمنطقة، مشيرا في هذا الصدد إلى تهيئة 600 هكتار من الأراضي، عن طريق شق القشرة الكلسية للصخور للمساعدة على تسرب المياه عوض انسيابها، وبالتالي خلق الظروف المناخية الملائمة لنمو النباتات الطبيعية وغير الطبيعية كالحلفاء والشيح.
ومن جهته، اعتبر رئيس المركز التقني لتتبع التصحر بالجهة الشرقية، السيد محمد ريحان، أنه في إطار التسيير المعقلن للموارد الطبيعية بالجهة، وفي إطار مشروع المحاربة التشاركية ضد التصحر والحد من الفقر بالمنظومات القاحلة وشبه القاحلة بالنجود العليا، قامت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بخلق ما يقارب 200 هكتار من مناطق إنتاج البذور لأصناف النباتات الرعوية المحلية لفائدة التعاونيات الرعوية (اكثر من 14 صنف من النباتات منها الشيح).
وأضاف أن الهدف من هذا المشروع، الذي يتواجد على مستوى منطقة “خوي المجاج” بعين بني مطهر، هو الحفاظ على التنوع البيولوجي ومحاربة التصحر في المراعي، وتخليف المناطق المتدهورة لسهوب الشيح، وتحسين جودة المراعي بتنويع الأصناف الرعوية المحلية، فضلا عن إعادة تنشيط الإنتاج البيولوجي للنباتات المحلية ذات الجودة العالية.
وأضاف أنه بالنظر إلى التأثر الكبير للجهة من ظاهرة التصحر، فقد أعطيت لها الأولوية في إطار وضع آليات التتبع والتقييم لبرنامج العمل الوطني لمحاربة التصحر، من خلال خلق محطة للرصد الجوي بعين بني مطهر، تروم دعم نظام الإنذار المبكر على الجفاف، وهو في طور الإنجاز بشراكة مع عدد من المتدخلين في القطاع، وتوفير المعطيات الأولية لتحديد وتركيب ومعالجة المؤشرات البيوفزيائية الضرورية لتتبع التصحر، فضلا عن دعم البحث العلمي عبر توفير بنك معلومات خاص بالمعطيات الجوية.
وأشارالسيد محمد ريحان إلى أن هذه العملية يمكن اعتبارها محورا أساسيا لحماية هذه المنظومات الجافة وشبه الجافة من مخاطر التصحر والتغيرات المناخية، وذلك بالإنذار المبكر والاستباقي الذي يمكن من اتخاذ الاجراءات اللازمة في الوقت المناسب للحد أو التخفيف من مخاطر التصحر عبر أسس علمية ممنهجة، ووضع خطط مستقبلية للتسيير المعقلن والتدبير المستدام للموارد الطبيعية.
ويعتبر موقع الشخار الذي يمتد على مساحة 54 ألف هكتار بتراب إقليم جرادة، من المواقع ذات الأهمية البيولوجية والإيكولوجية بالجهة الشرقية، ويتميز بتراث طبيعي مهم ومتنوع بحيث يحتوي على أنواع كثيرة من النباتات العطرية والطبية وعدة أصناف من الحيوانات البارزة، منها النادرة والمهددة بالانقراض سواء من ثدييات أو طيور أو زواحف.
وأكد السيد محمد الخلوفي، رئيس مصلحة الشراكة للمحافظة على الموارد الطبيعية وتنميتها بالمديرية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالجهة الشرقية، أن الموقع يوفر تنوعا بيولوجيا هائلا من خلال وجود 370 صنف وسلالة، موزعة على ما يقارب 59 عائلة نباتية، مما يؤهله لتكوين منطقة ذات تنوع بيولوجي مهم، حيث يزخر بما مجموعه 10 في المائة من أنواع النباتات الوطنية.
وأضاف أن النظم البيئية المكونة لهذا الموقع، الذي يتميز أيضا بوجود 25 صنف من النباتات النادرة، تتشكل من غابات العرعار، والبلوط الأخضر، وسهوب الحلفاء والشيح، ومحيطات التشجير للصنوبر الحلبي، مشيرا إلى أن الفقريات تشكل الدعامة الأساسية للثروة الحيوانية للموقع التي تتكون أيضا من الثدييات (21 صنف)، والطيور (140 صنف)، والزواحف (25 نوع).
واعتبر أن هذا الموقع توجد فيه أيضا سبعة أصناف ذات قيمة تراثية مهمة، صنفان منهم مهددين بالانقراض وهو ما يتطلب الحفاظ عليهما وحمايتهما من الاندثار، مؤكدا أنه تم أيضا خلال هذه السنة وضع برنامج لإعادة استيطان غزال الكوفييري المهدد بالانقراض.
وتزخر الجهة الشرقية للمملكة التي يمتد مجالها الغابوي على مساحة 5ر2 مليون هكتار وتقدر نسبة الغطاء النباتي فيها ب 32 في المائة، بمؤهلات هامة في مجال الأعشاب الطبية والعطرية، حيث يوجد حوالي 800 صنف من هذه النباتات منها نبتة “أزير” التي تمتد مروجه على مساحة 400 ألف هكتار تنمو تحت ظروف مناخية صعبة بأقاليم جرادة وفكيك وتاوريرت، حيث تنتج حوالي 44 ألف طن سنويا من المادة الخضراء ويوفر استغلالها نحو 80 ألف يوم عمل للساكنة القروية.
ويتميز المجال الغابوي بالمنطقة بهشاشة أنظمتها البيئية نتيجة للظروف المناخية الصعبة وتوالي سنوات الجفاف وانعدام التوازن بين القدرة الاستهلاكية التي تصل إلى 600 ألف متر مكعب سنويا من حطب التدفئة والقدرة الإنتاجية للمنظومة الغابوية التي لا تتجاوز 200 ألف متر مكعب بالإضافة إلى الارتباط الأحادي للساكنة بالموارد الطبيعية وضعف تنظيمها.

 

اقرأ أيضا

الصويرة تعيش على ايقاع فعاليات الدورة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية

الجمعة, 1 نوفمبر, 2024 في 12:57

رفع الستار مساء أمس الخميس بمدينة الرياح، على فعاليات النسخة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية الذي يعد موعدا ثقافيا مميزا فرض نفسه منذ حوالي عشرين سنة ضمن الأحداث الفنية الكبرى.

المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء

الجمعة, 1 نوفمبر, 2024 في 10:12

استضافت العاصمة الاقتصادية، التي تعد جوهرة الهندسة المعمارية الحديثة بالمغرب، مساء أمس الخميس بحديقة الجامعة العربية، مائدة مستديرة خصصت لتسليط الضوء على فن “الآرت ديكو”، الذي يعد طرازا معماريا يجسد جزءا أساسيا من تراث مدينة الدار البيضاء.

الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية

الجمعة, 1 نوفمبر, 2024 في 9:33

اختتمت، يوم الخميس بالدار البيضاء، أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية، وذلك بعد يومين من النقاشات العلمية التي تمحورت حول موضوع “الملكية الفكرية وتحديات الذكاء الاصطناعي”.