محاربة الأمية، ورش مفتوح وحصيلة واعدة

بقلم: رشيد معبودي

الرباط – يخلد المغرب يوم غد الاثنين، ذكرى اليوم الوطني لمحاربة الأمية، والذي يصادف 13 أكتوبر من كل سنة، وهي مناسبة للوقوف على حصيلة المنجزات التي شهدها هذا الورش المفتوح وإبراز الجهود الحثيثة والدؤوية التي تبذلها المملكة من أجل القضاء على هذه الآفة .
وتعد محاربة الأمية، إحدى أهم الأسس التي يقوم عليها كل مشروع مجتمعي، ذلك أنه لا يمكن تجاهل الدور المحوري للتعليم والتكوين في تحقيق تنمية وتقدم المجتمع والأفراد. وتمكن برامج محاربة الأمية في هذا السياق من بلوغ الأهداف الاستراتيجية الخاصة بخلق مجتمع المعرفة القادر على أن يتحول إلى قوة قادرة على فرض ذاتها في المجالين الاقتصادي والعلمي.
ولم يدخر المغرب أي جهد من أجل التصدي لآفة الأمية والقضاء عليها، حيث بادر إلى مضاعفة الجهود وتكثيف المبادرات، واتخاذ العديد من التدابير والبرامج التي تعرف انخراط مختلف المتدخلين في هذا المجال.
ويعد إشراك المساجد في برامج محاربة الأمية، بدون أدنى شك، عملية فريدة ومتميزة ساهمت على مدار السنوات الماضية في ضخ دينامية جديدة وساهمت بشكل ملحوظ في جهود محاربة الأمية، وخاصة في ظل العناية الخاصة التي يوليها أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذا الورش.
وتعددت المبادرات الملكية في هذا المجال، ومنها على الخصوص إحداث جائزة محمد السادس لبرنامج محاربة الأمية بالمساجد وذلك في ماي 2014.
وتعكس هذه الالتفاتة المولوية، الأهمية التي يوليها جلالة الملك لقضايا التربية والتعليم بالنظر لتأثيرهما الكبير في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية لجميع شرائح وفئات المجتمع.
وتمنح جائزة محمد السادس لبرنامج محو الأمية بالمساجد سنويا مكافأة للمتفوقين الخمسة الأوائل من المستفيدين من هذا البرنامج على الصعيد الوطني.
ويشكل اعتماد الجائزة تتويجا للنجاح الذي حققته برامج محاربة الأمية، على مستوى مختلف مساجد المملكة تحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، والتي ساهمت في بلوغ نتائج تبعث على الارتياح وتتجاوز سقف الأهداف المحددة سلفا.
وأوضح السيد أحمد الطالبي رئيس قسم محو الأمية بمديرية التعليم العتيق بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن عدد المستفيدين من هذه البرامج بلغ مليون و808 ألف و280 شخص وذلك منذ انطلاقها سنة 2000.
وأبرز في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الموسم الدراسي 2013/2014، تميز بارتفاع عدد المستفيدين إلى 257 ألف و73 شخص، وهو ما يتجاوز السقف الذي وضعته الوزارة مع بداية الموسم الدراسي (250 ألف مستفيد)، لتصل بذلك نسبة الإنجاز إلى 102,8 بالمائة.
واضاف أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نجحت، في إطار تنفيذها للمخطط الخماسي (2010/2015) الرامي إلى بلوغ مليون مستفيد، في تسجيل 886 ألف و686 مستفيد برسم الموسم الدراسي 2013/2014 أي ما يعادل 88,66 بالمائة من الهدف المحدد.
وبخصوص برامج محاربة الأمية عبر التلفاز، أشار السيد أحمد الطالبي، إلى أنه سيتم مع انطلاق الموسم الحالي برمجة المرحلة الثانية من البرنامج المحدد ، حيث سيتم بحلول شهر نونبر عرض حلقات جديدة على قناة محمد السادس للقرآن الكريم، ودروس على مستوى مختلف المساجد.
وأضاف أنه تمت تعبئة 6600 مؤطر من أجل ضمان نجاح هذا الورش، والذين استفادوا من تكوين ملائم في هذا المجال.
وشدد السيد الطالبي على أن الوزارة تتوخى من وراء ذلك المساهمة في الجهود الوطنية الرامية إلى القضاء على آفة الأمية والتقليص ما أمكن من عدد الأميين في أقرب الآجال..
ومن جانبها، تعد برامج التربية غير النظامية، إحدى الآليات الرئيسية في مجال التعلم ، حيث تتوخى من جانبها المساهمة في جهود محاربة الأمية، من خلال مدرسة الفرصة الثانية، انطلاقا من إعادة إدماج فئات الأطفال والشباب الذين لم يتمكنوا من ولوج المدرسة أو انقطعوا عن التعليم، في المنظومة التربوية النظامية أو التكوين المهني.
وفي هذا السياق، أشار إدريس الجوني، رئيس تدبير البرامج بمديرية التربية غير النظامية (وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني)، إلى أن الموسم الدراسي 2013/2014، شهد استفادة نحو 80 ألف شخص، من برامج التربية غير النظامية، التي أضحت تتميز بطابعها المؤسساتي ابتداء من سنة 1997، من بينهم 47 ألف و88 مستفيد في إطار سلك التمدرس الاستدراكي من أجل الادماج.
كما استفاد 1025 تلميذ وتلميذة، تم إدماجهم في التعليم النظامي، يضيف المصدر نفسه، من برنامج للمواكبة التربوية.
وأضاف السيد الجوني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الوزارة نجحت في إعادة إدماج نحو 31 ألف و955 تلميذ بالمدارس من خلال برنامج خاص بخلايا اليقظة التربوية.
ومكن برنامج الفرصة الثانية، من إدماج عشرة آلاف و147 تلميذ، أي ما يعادل 33 بالمائة من التلاميذ المسجلين في هذا السلك، من بينهم 3485 تلميذ في أسلاك التكوين المهني و6662 تلميذ في التربية النظامية.
وقال “سنشرع ابتداء من هذه السنة، في العمل بتجرية المراكز السوسيو تربوية للتربية والتكوين على مستوى أربع أكاديميات، هي فاس بولمان وتادلة أزيلال والجهة الشرقية، وتازة الحسيمة تاونات”، موضحا أنه سيستفيد من هذه المراكز الشباب غير المتمدرسين أو الذين انقطعوا عن الدراسة ، على أن يتم تسييرها إداريا وبيداغوجيا من طرف جمعيات شريكة.
وتراهن الوزارة، في إطار سعيها لبلوغ أهدافها في هذا المجال، على التأهيل القانوني لبرامج التربية غير النظامية وتحسين جودة الخدمات التربوية غير النظامية وترسيخ مبادئ التدبير.
والأكيد، أن هذه الجهود الحثيثة، التي تنطلق من إرادة سياسية قوية وانخراط مكثف للقوى الحية للأمة من أجل إيلاء كل العناية الضرورية لورش محاربة الأمية، ستمكن من التصدي بشكل واقعي وملموس لهذه الإشكالية والمساهمة بالتالي في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة، وضمان الرخاء والازدهار للمواطنين.