مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء.. تكوين السجناء رافعة لإعادة إدماجهم في سوق الشغل

الدار البيضاء – جعلت مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء من التكوين المهني المؤهل لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية عماد استراتيجيتها المندمجة الرامية إلى ضمان إعادة إدماج هذه الفئة من المجتمع في سوق الشغل بعد إطلاق سراحهم، وتمكينهم من إحداث أنشطة مدرة للدخل تحول دون تجدد حالات العود في صفوفهم.
ولهذا الغرض، دأبت المؤسسة على إحداث مراكز للتكوين المهني بالمؤسسات السجنية بلغ عددها إلى حدود اليوم 51 مركزا، توفر لنزلاء هذه المؤسسات تكوينات في تخصصات مختلفة يشرف على تقديمها مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، وتتلاءم مع البنية السوسيو- اقتصادية التي تميز مناطق وجودها.
ويأتي تدشين صاحب جلالة الملك محمد السادس ، نصره الله ، اليوم لمعرض بيع المنتوجات المبتكرة والمصنعة من طرف نزلاء المؤسسات السجنية بفضاء مكتب معارض بالدار البيضاء، كدليل على نجاعة هذا النوع من المراكز التي تسعى إلى تحويل الفضاء السجني إلى وسط لإعادة التربية والتعلم واكتساب المهارات وتغيير نمط العيش، لاسيما عبر تكثيف الأنشطة الثقافية والرياضية، والتكفل الطبي بالسجناء، وتطوير الأنشطة التعليمية والتكوينية.
ويتماشى هذا المعرض ،الذي تنظمه مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، مع روح الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة القضائية بأكادير في 29 يناير 2003 ، والذي قال فيه جلالته “إن ما نوليه من رعاية شاملة للبعد الاجتماعي في مجال العدالة لا يستكمل إلا بما نوفره من الكرامة الإنسانية للمواطنين السجناء التي لا تجردهم منها الأحكام القضائية السالبة للحرية”.
وإضافة إلى عنصر التكوين أثناء المدة الحبسية ، أنجزت مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء برنامج دعم المشاريع الصغرى والتشغيل الذاتي لفائدة السجناء السابقين (رمضان 2014) أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله،على إعطاء انطلاقته يوم ثاني يوليوز الجاري بمدينة سل،، سيستفيد منه نحو 230 سجينا سابقا ينحدرون من مدن طنجة ومراكش وفاس وأكادير وتارودانت والرباط والقنيطرة ووجدة والعيون وبوجدور وسيدي قاسم والمحمدية.
ويقوم هذا البرنامج ، المنجز بغلاف مالي إجمالي قدره 5ر4 مليون درهم، على تقديم دعم مالي أو توفير التجهيزات للسجناء السابقين الحاملين لمشروع حياة فردي تمت صياغته بناء على تشخيص أنجز خلال فترة تمضية العقوبة السجنية بمساعدة مصلحة التهييء لإعادة الإدماج، وذلك في انسجام تام مع تكوين وخبرة المستفيدين وحاجيات سوق الشغل.
وتنضاف مراكز التكوين المهني ، على مستوى سجون المملكة، إلى نموذج آخر من المراكز دأبت مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء على إحداثها لفائدة هذه الشريحة في إطار استراتيجية مندمجة. ويتعلق الأمر بمراكز الرعاية اللاحقة التي تضطلع بمهمة مساعدة المفرج عنهم عن طريق المصاحبة الاجتماعية والتتبع، وذلك من خلال ورشات في مجالات متنوعة من قبيل التربية والتكوين المهني والصحة والأنشطة الثقافية والرياضية، إضافة إلى تنظيم دورات في مجال البحث عن العمل وإعداد وصياغة المشاريع.
وبلغة الأرقام، فقد مكنت الاستراتيجية المندمجة لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء ، التي تنجز بشراكة مع القطاعات الوزارية المعنية بالتكوين والاتحاد العام لمقاولات المغرب والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات وجمعية التوفيق للتمويل الأصغر والجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، خلال سنة 2013 ، من تشغيل 3142 سجينا سابقا في مقاولات مواطنة، ودعم إحداث 53 مقاولة ووحدة صناعية صغرى ومتوسطة، وخلق 729 مشروعا صغيرا في مجالات مختلفة.
وقد جعلت مختلف هذه المبادرات تجربة مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء محط إشادة واسعة داخل وخارج أرض الوطن، باعتبارها تجربة نموذجية جديرة بالاحتذاء، وهو الواقع الذي أكدته، على سبيل المثال، المديرة الإقليمية للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي مكتب شمال إفريقيا والشرق الأوسط السيدة تغريد جبر حين قالت ، خلال مؤتمر إقليمي نظم في فبراير المنصرم بمراكش حول موضوع “السياسات الجنائية الحديثة”، إن هذه المؤسسة “تعتبر تجربة نموذجية وفريدة من نوعها على مستوى الوطن العربي في مجال إعادة الإدماج”، مبرزة أن المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي تسعى إلى تعميم هذا النموذج ونقله إلى دول عربية مختلفة.