ليبيا.. ما من صوت يعلو على صوت السلاح

ليبيا.. ما من صوت يعلو على صوت السلاح

الإثنين, 13 أكتوبر, 2014 - 14:35

طرابلس- ( المراسل الدائم للوكالة بطرابلس..رضوان البعقيلي) – لم تجد الدعوة الملحة، التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أول أمس السبت بقلب العاصمة الليبية طرابلس، لوقف الاقتتال فورا وإتاحة الفرصة لمساعي الحوار أي صدى لها، حيث تواصلت المعارك الضارية شرق البلاد وغربها موقعة المزيد من الضحايا ومنذرة بجر البلاد إلى حرب شاملة.

وكان بان كي مون قد طالب، خلال ترؤسه بالعاصمة الليبية الجولة الثانية من اللقاء الحواري بين الفرقاء الليبيين، بحضور وزيرة الخارجية الايطالية ومبعوثي عدد من البلدان الغربية وأعضاء بمجلس النواب الليبي، ب”وقف المواجهات العنيفة فورا وانسحاب جميع المجموعات العسكرية والمسلحة من جميع المدن الليبية، ومن المطارات والمباني الرسمية، لتمهيد الطريق أمام الهيئات الشرعية للعمل وتلبية احتياجات الشعب الليبي”.

وشدد على أن تسجيل اختراق سياسي في الأزمة الليبية “يظل رهينا بتوقف القتال، ثم الجلوس معا لمعالجة الأسباب من جذورها”.

وأبرز الأمين العام للأمم المتحدة أن الغرض من هذا الحوار في المقام الأول، هو “وضع حد لأزمة المؤسسات إذ لا يمكن أن تظل ليبيا منقسمة سياسيا لفترة طويلة، فهي تحتاج إلى برلمان واحد يمثل كل الليبيين والأمم المتحدة تقر وتؤيد شرعية النواب المنتخبين وتطالب الجميع باحترام ذلك”.

ولم تكد جولة الحوار هاته، التي قادها بان كي مون، تنفض حتى هز دوي القصف والاشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة مناطق الجبل الغربي التي امتدت إليها نيران المواجهات بين كتائب تابعة لما يعرف باسم “عملية فجر ليبيا”، تضم تشكيلات مسلحة من مدينة مصراتة ومدن أخرى، وقوات من منطقة الزنتان الجبلية وورشفانة إلى جانب عناصر كتيبة الصواعق ولواء القعقاع والمدني، المنضوية تحت لواء رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي.

وأوقعت المواجهات بين الطرفين 21 قتيلا، أول أمس السبت في مدينة (ككلة) (غرب طرابلس)، فيما يتواصل حشد التعزيزات العسكرية والأسلحة لخوض جولات أخرى من القتال، قد تطال كل مدن الجبل الغربي المعروفة بتنوعها الإثني والقبلي.

وتعد هذه المعارك، برأي المتتبعين لتطورات الوضع الميداني في ليبيا، استكمالا لمعركة مطار طرابلس التي أجبرت فيها قوات (فجر ليبيا) كتيبة الصواعق ولواء القعقاع والمدني على إخلاء العاصمة بعد حرب امتدت لنحو شهرين ودفعت فيها طرابلس ثمنا باهضا من بنيتها التحتية وخاصة المطار الدولي.

ولا يختلف الوضع في شيء شرق البلاد إذ ما تزال مدينة بنغازي مسرحا لمواجهات ضارية بين قوات الجيش الليبي ومجموعات مسلحة تابعة لما يسمى “مجلس شورى ثوار بنغازي” وتنظيم “أنصار الشريعة”، التي تحاول منذ مدة اقتحام مطار بنينا والقاعدة العسكرية الملحقة به لاستكمال سيطرتها الكاملة على بنغازي، بعدما تمكنت من بسط نفوذها على عدد من معسكرات الجيش الليبي داخل المدينة.

ووفقا للقوات الخاصة بالجيش الليبي (الصاعقة)، لقي سبعة جنود ليبيين مصرعهم، يوم السبت الماضي، في المعارك الدائرة ببنينا، جميعهم “قضوا في اشتباكات عنيفة بالقرب من المطار بعد تقدم للمجموعات المسلحة الإرهابية وتحصنها داخل مساكن المواطنين وتبادل لإطلاق النار بينها وبين الجيش بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة”.

وأفادت القوات الخاصة بأن الطيران، التابع للجيش الليبي، نفذ غارات مكثفة على هذه المجموعات و”تم دحرها وتكبيدها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، مؤكدة أن مطار بنينا والقاعدة الجوية المتواجدة به ما يزالان تحت سيطرة قوات الجيش والشرطة.

وكانت القوات الخاصة قد كشفت، في حصيلة سابقة، أن 130 عسكريا لقوا مصرعهم في هذه المعارك خلال الفترة الممتدة من غشت إلى 10 أكتوبر الجاري.

وتعكس المعطيات العسكرية والأمنية على الأرض حجم الصعاب التي تواجه مساعي الحوار التي تقودها أطراف عدة وعلى رأسها الأمم المتحدة، وذلك في ظل تمترس الأطراف المتصارعة خلف السلاح، وتغليب منطق الحسم العسكري وصم الآذان عن الدعوات المنادية بوقف نزيف الدم.

ويفرض هذا الأمر، وفقا للمراقبين، العمل على ضم الممثلين الحقيقيين للأطراف المتقاتلة إلى مائدة الحوار الذي يقتصر حتى الآن على أعضاء مجلس النواب المشاركين في جلساته التي تعقد في مدينة طبرق (شرق البلاد) في مقابل مقاطعة آخرين له على خلفية الطعن في شرعية انعقاده خارج العاصمة طرابلس.

ولعل ما يعزز هذا الطرح الرفض الصريح، حتى الآن، لمجريات الحوار في جولتي “غدامس” وطرابلس من قبل قادة ميدانيين لقوات “فجر ليبيا” التي تبسط نفوذها على العاصمة الليبية، ومن بينهم صلاح بادي، العضو السابق في المؤتمر الوطني العام عن مدينة مصراتة، والذي اعتبر، في شريط مصور تداولته وسائل الإعلام المحلية، أن “الوقت ليس وقت حوار، ومن يحاول رفع الحبل عن رقبة مجلس النواب سوف يوضع في رقبته”، واصفا من يشارك في جلسات الحوار بأنه “يتاجر بدماء الشهداء”.

كما أن دار الإفتاء الليبية سبق أن أصدرت بيانا دعت فيه إلى وقف الحوار مع ما أسمته (برلمان طبرق)، معتبرة أنه “ليس من حق أحد أن يتحاور مع هذا الجسم الذي انحرف عن ثوابت الدين والوطن حتى يفصل القضاء في أمره”.

وفي مقابل هذه المواقف الرافضة للحوار، أكدت الحكومة الليبية، بقيادة عبد الله الثني، والتي تتخذ من مدينة طبرق مقرا مؤقتا لها، أن زيارة بان كي مون لليبيا وترؤسه الجولة الثانية من الحوار بين الفرقاء الليبيين، تندرج في إطار المساعي لاحتواء القتال الدائر وخلق مناخ من الثقة.

وأعربت، في بيان لها، عن ارتياحها لمضامين كلمة الأمين العام للأمم المتحدة التي دعا فيها إلى “التفاف الجميع حول برلمان موحد وحكومة واحدة قوية تمثل كافة الليبيين”، مؤكدا “ضرورة احترام الشرعية وعدم تجاوزها، وكذا وجوب وقف الاقتتال على كافة الجبهات لضمان نجاح العملية السياسية وإخلاء المدن من الجماعات المسلحة”.

واعتبرت الحكومة الليبية أن مبادرة الأمم المتحدة تعد “خطوة إيجابية” لتقريب وجهات النظر بين رئاسة مجلس النواب والأعضاء الرافضين للمشاركة في جلساته التي تنعقد حاليا في مدينة طبرق، متعهدة ببذل الجهود لإنجاح الحوار الوطني ودعم كل المساعي المحلية والدولية الرامية إلى تجنيب البلاد ويلات الحرب.

وفي ظل تباين المواقف بين “لاعبين” أساسيين في الوضع الليبي الراهن، واستمرار الاقتتال والاصطفافات الإيديولوجية والقبلية والمناطقية، يبدو أن مزيدا من الجهد والوقت ينتظر دعاة الحوار والتهدئة لإخراس صوت السلاح وترجيح الخيارات السلمية.

 

اقرأ أيضا

مدينة سلا تعيش على إيقاع الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 20:40

تحتضن مدينة سلا حاليا فعاليات الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام الذي تنظمه جمعية أبي رقراق إلى غاية 30 يوليوز الجاري تحت الرئاسة الشرفية لصاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم.

إقليم تازة.. حريق بغابة بورد بدائرة أكنول يأتي على حوالي 30 هكتار

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 19:23

أتى حريق اندلع مساء أمس الأربعاء بغابة بورد بمنطقة الشرشارة بجماعة بورد بدائرة أكنول بإقليم تازة على 30 هكتار من الغطاء الغابوي.

السيد أخنوش يشارك في قمة باريس حول “الرياضة والتنمية المستدامة”

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 18:30

شارك رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، اليوم الخميس بباريس، في قمة “الرياضة والتنمية المستدامة”، التي تنعقد على هامش افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث يمثل صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذا الحدث الرياضي العالمي.