لماذا ينبغي على الهند أن تنخرط اقتصاديا أكثر مع المغرب.. استنتاجات من رحلة صحفي هندي إلى المملكة

لماذا ينبغي على الهند أن تنخرط اقتصاديا أكثر مع المغرب.. استنتاجات من رحلة صحفي هندي إلى المملكة

الإثنين, 13 أكتوبر, 2014 - 10:50

نيودلهي-  (من المراسل الدائم للوكالة بنيودلهي: سعد أبو الدهاج) – وصف الصحفي الهندي، تارون باسو، رحلة قام بها مؤخرا إلى المغرب، بأنها كانت نوعا من الاكتشاف بالنسبة إليه، مكنته من التعرف عن قرب على بلد يجمع بين رغبته في المحافظة على تقاليده العريقة، وسعيه الحثيث في اتجاه التحديث والالتحاق بركب الدول المتقدمة.

ومن رحلته هاته، حمل تارون باسو، وهو رئيس تحرير بوكالة الأنباء الآسيوية الهندية، استنتاجات هامة تصب جميعها في كون المغرب، الذي يعيش على إيقاع حركية سياسية واقتصادية واجتماعية، يمثل نموذجا بالنسبة للهند على صعيد التعاون المشترك، ويلبي حاجتها لبلوغ آفاق اقتصادية جديدة وولوج أسواق صاعدة، لاسيما على مستوى القارة الإفريقية.

وقد استرعى انتباه الصحفي الهندي مشهدان صادفهما خلال رحلته إلى المغرب، الأول يبرز ضابطة شرطة وهي تتوجه نحو أحد السائقين وقد ارتكب مخالفة مرورية بملتقى طرق مزدحم بالعاصمة الرباط. أما المشهد الثاني فمنظر الشمس وراء الكثبان الرملية المتموجة وهي ترسل وهجها نحو شبكة طرقية حديثة جدا لا تختلف عن أفضل الطرق في العالم.

يقول تارون باسو، في مقال نشر بالموقع الرسمي للوكالة الهندية، إن كلا المشهدين يخالفان تلك الصورة النمطية المتداولة عن الأمة العربية والإسلامية، إذ يؤشران إلى المستوى الذي بلغته المملكة، التي هي كذلك جزء من القارة الإفريقية وإحدى أكثر بلدانها انفتاحا وتقدما.

ويرى الكاتب أن المغرب ظل محافظا على تراثه الثقافي الغني، في انسجام مريح مع التأثيرات القوية لنمط الحياة الغربية، وفي إطار مزيج متناغم أمازيغي وعربي وإفريقي، لبلد عرف كيف يتموقع ببراعة كجسر نحو غرب إفريقيا وجنوب أوروبا وحتى الولايات المتحدة.

يقول تارون باسو إن المغرب قام، خلال العقد الماضي، بإطلاق مشاريع كبرى لرفع مستوى بنياته التحتية لتوافق المعايير الدولية، من أهمها ميناء طنجة المتوسطي، الذي يعد أحد أهم الموانئ في منطقة البحر المتوسط وإفريقيا، من خلال ربطه ب 130 ميناءا في 65 بلدا.

وأضاف أن المملكة عملت على إنشاء شبكة من الطرق الحديثة والطرق السيارة التي تربط بين جميع المدن الكبرى للبلاد، و15 مطارا دوليا، ومشاريع سككية فائقة السرعة بين بعض المدن الرئيسية، فضلا عن شبكة واسعة من الأرضيات الصناعية المتكاملة والمناطق الحرة.

وأبرز الصحفي الهندي أن المغرب، الذي يتقدم اقتصاديا بوتيرة أسرع من جميع شركائه التقليديين الأفارقة، وينأى بنفسه عن “بعض السياسات الرجعية والقمعية الاجتماعية والسياسية المتبعة لدى جيرانه”، يسعى الآن إلى إقامة علاقات تجارية وإرساء شراكات استراتيجية مع البلدان الصاعدة في آسيا وأمريكا اللاتينية.

وفي هذا الصدد، أشار الكاتب إلى أن الكثيرين في المملكة يتحدثون عن ضرورة نسج علاقات أوثق مع الهند، أكبر مستورد للفوسفاط، الذي يحتل صدارة العرض التصديري في المغرب، ليشكل هذا الأخير نقطة انطلاق للصادرات والاستثمارات الهندية في جنوب أوروبا وغرب إفريقيا والولايات المتحدة، باعتبار أن المملكة هي البلد الإفريقي الوحيد الذي وقع اتفاقية تبادل حر مع الولايات المتحدة، إضافة إلى إبرامه لاتفاقيات تبادل حر مع 22 دولة إفريقية.

ولفت صاحب المقال الانتباه إلى أن الروابط التي تجمع بين الهند والمغرب تتركز حتى الآن حول مادة الفوسفاط، العنصر الأساسي بالنسبة للأسمدة، الذي تمتلك المملكة ثلثي احتياطياته العالمية، والذي يمثل في الوقت نفسه 60 في المائة من احتياجات الهند.
وشدد الصحفي الهندي على أن الوقت قد حان بالنسبة لسلطات نيودلهي لكي تنخرط أكثر مع المغرب، وأن تتعامل معه، ليس فقط من منظور الأمن الغذائي، ولكن كشريك استراتيجي شامل، يمكنه أن يشكل منطلقا بالنسبة للهند نحو سوق أكبر، وأحد الفاعلين الأساسيين في تطلعاتها الكبرى باتجاه أن تصبح قوة عالمية.

وفي هذا السياق، استحضر قول الوزير المنتدب المكلف بالمقاولات الصغرى وإدماج القطاع غير المنظم، مامون بوهدود، بأن “المغرب يمكن أن يكون شريكا حقيقيا للهند من خلال الدفع بمنتجاتها وخبرتها في إفريقيا، وخاصة في غرب القارة”، مشيرا إلى أن المملكة تعد إحدى البلدان القليلة التي يتمتع فيها المستثمرون الأجانب بنفس التسهيلات والامتيازات التي يستفيد منها المستثمرون المحليون، بما في ذلك الحق في امتلاك العقارات.

وأشار صاحب المقال إلى أن الدعوة إلى تعاون أكبر بين الهند والمغرب تتماشى مع سعي المملكة نحو تنويع اقتصادها خارج صادرات الفوسفاط، من خلال توسيع قاعدة صناعة السيارات وقطاع الطيران وغيرها، بهدف “خفض نسبة اعتماده على الأسواق الأوروبية، بما في ذلك شريكيه التاريخيين فرنسا وإسبانيا”.

وأبرز الكاتب أن المغرب يتوفر على جميع المزايا والمؤهلات التي تجعله شريكا نموذجيا بالنسبة للهند، وذلك بالنظر إلى حالة الاستقرار السياسي والأمني الذي يتمتع به، وكذا الإصلاحات التي عرفتها البلاد في عدد من المجالات.

وفي هذا الصدد، أكد صاحب المقال أنه بالرغم من الهواجس السلبية للكثير من المحللين الغربيين، فإن المغرب لم يرضخ لموجة ما يسمى ب “الربيع العربي” وظل في منأى عن الاضطرابات الواسعة التي اجتاحت بعض الدول العربية المجاورة، بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك، الذي استجاب في وقت مبكر إلى التطلعات السياسية للشعب، وعمل على إدماج جزء من الإسلاميين في النسق السياسي، كما قام بإصلاح قانون الأسرة الذي تم بموجبه منح النساء المساواة في الحقوق مع الرجال، وهي خطوة ذات أهمية كبرى داخل العالم العربي.

وفي هذا الصدد، استحضر أيضا قول سفير المملكة المغربية في الهند، السيد العربي رفوع، بأن “المغرب نجح في توجيه رياح الربيع العربي نحو تطوير وترسيخ الديمقراطية وتسريع وتيرة الإصلاحات السياسية”.

وفي السياق ذاته، أبرز كاتب المقال أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أطلق إصلاحات دستورية، شملت تعزيز صلاحيات البرلمان وإقرار ضمانات أكبر لحقوق الإنسان.

وأضاف أن الدستور المغربي الجديد يضمن الفصل بين السلطات، وتنظيم انتخابات نزيهة وتعزيز استقلالية القضاء، وتفويض المزيد من السلطات إلى مختلف جهات البلاد، وكذا الاعتراف بأهمية الثقافة الأمازيغية من أجل الحفاظ على الهوية المغربية.

وذكر الصحفي الهندي أن العلاقات بين بلاده والمغرب ترجع إلى القرن الرابع عشر، عندما قام الرحالة المغربي ابن بطوطة برحلة إلى الهند وقضى بها عشر سنوات، كتب خلالها عن تجربته في مؤلفه الشهير “الرحلة”.

وخلص إلى أنه بعد مرور سبعة قرون، حان الوقت بالنسبة للهند والمغرب لكي يكتبا معا فصلا جديدا في مجال الاكتشاف المتبادل، ويحفزا مرة أخرى الخيال لدى شعبي البلدين، من أجل إرساء شراكة حديثة ذات منفعة متبادلة.

 

اقرأ أيضا

مدينة سلا تعيش على إيقاع الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 20:40

تحتضن مدينة سلا حاليا فعاليات الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام الذي تنظمه جمعية أبي رقراق إلى غاية 30 يوليوز الجاري تحت الرئاسة الشرفية لصاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم.

إقليم تازة.. حريق بغابة بورد بدائرة أكنول يأتي على حوالي 30 هكتار

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 19:23

أتى حريق اندلع مساء أمس الأربعاء بغابة بورد بمنطقة الشرشارة بجماعة بورد بدائرة أكنول بإقليم تازة على 30 هكتار من الغطاء الغابوي.

السيد أخنوش يشارك في قمة باريس حول “الرياضة والتنمية المستدامة”

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 18:30

شارك رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، اليوم الخميس بباريس، في قمة “الرياضة والتنمية المستدامة”، التي تنعقد على هامش افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث يمثل صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذا الحدث الرياضي العالمي.