“لعنة خوخوي” تلاحق المنتخب الأرجنتيني مرة أخرى

بقلم : هشام الأكحل

بوينوس أيريس- بإخفاقه في تحقيق نتيجة إيجابية في المقابلة التي جمعته، أمس الثلاثاء بأسونثيون، بنظيره الباراغواياني، برسم التصفيات المؤهلة لكأس العالم المقرر تنظيمها بروسيا سنة 2018، يبدو أن المنتخب الأرجنتيني لكرة لا يزال ملاحقا ب”لعنة خوخوي”، التي يعتبرها اللسان الشعبي في هذا البلد، الذي يتنفس عشق كرة القدم، سبب كل الهزائم التي حصدها فريقه خلال الثلاثة عقود الأخيرة.

فهذه الهزيمة ليست إلا واحدة من الهزائم التي تكبدها المنتخب الأرجنتيني في مقابلات حاسمة خلال الثلاثين سنة الأخيرة على الرغم من توفره دوما على كفاءات ومهارات من شأنها أن تجعل النصر ملازما له.

وأمام هذه المفارقة فلا غرابة إن أصبح الاعتقاد السائد لدى جزء لا يستهان به من الجمهور الأرجنتيني هو أن “لعنة خوخوي” وراء كل إخفاقات فريقه الذي حظي لسنوات بإعجاب كبير لدى عشاق كرة القدم عبر العالم.

فبداية القصة/الأسطورة تعود إلى الفترة الممتدة من 5 إلى 15 يناير من سنة 1986 حينما اختار المدرب الأرجنتيني حينئذ إقليم خوخوي (شمال) وتحديدا بلدة “تيلكادا” لإجراء تربصاته استعدادا للسفر إلى المكسيك لخوض نهائيات كأس العالم لسنة 1986.

ولم يكن اختيار “تيلكادا” اعتباطيا ولكن أملته ظروفها المناخية التي كانت تشبه الأجواء السائدة في المكسيك زمنها خاصة من حيث الارتفاع عن سطح البحر (2400 متر).

وخلال مقامهم ب”تيلكادا” قطع أعضاء الفريق الأرجنتيني، كما تقول القصة، على أنفسهم عهدا بالعودة لزيارة القديسة “كوبا كابانا ديل أبرا ديل بونتا كورال” بكنيسة البلدة وتقديم الشكر إليها في حال فوزهم بكأس العالم، إلا أن أيا منهم لم يف بذلك على الرغم من تحقق مرادهم.

ومن غريب الصدف أنه منذ ذلك الحين أصبح المنتخب الأرجنتيني في وضع لا يحسد عليه. ففي كل مرة يقترب فيها من التتويج إلا وينفلت من بين يديه وكأنه السراب.
0
يتذكر سكان “تيلكادا” المباراة الإعدادية التي خاضها الفريق المحلي “بويبلو نويبو” على أرضية ملعب مفتوح لا يخلو من حفر، جنبا إلى جنب مع من سيكونون لاحقا أبطال العالم.

إنها قصة يرددها سكان البلدة على مسامع السياح الوافدين عليها في انتظار قدوم سياح من نوع خاص ما يزالون ينتظرونهم منذ نحو ثلاثين سنة.

أن تنهزم الأرجنتين في نهايتين الأولى بمونديال البرازيل 2014 أمام ألمانيا والثانية أمام الشيلي في نهائي كأس “كوبا أمريكا” ثم أن تبدأ مشوار التصفيات المؤدية إلى نهائيات كأس العالم بروسيا 2018 بهزيمة في عقر الدار أمام الإكوادور بهدفين لصفر، ليليها تعادل سلبي بطعم الهزيمة أمام باراغواي .. ليس من باب الصدفة بل وراء الأكمة ما وراءها أو هكذا يظن الكثيرون الذين باتوا مقتنعين أن “لعنة خوخوي” هي سبب كل المصائب التي يعيشها منتخبهم.

لما لا يذهب أعضاء المنتخب الأرجنتيني إلى”تيلكادا”، يقول ماتياس، للوفاء بوعدهم وطرد اللعنة وسوء الطالع لعل الفرحة التي عشناها مع مارادونا تعود إلينا مع الجيل الجديد من النجوم.

إلا أن ماتياس، وهو أحد من المهووسين ببوكا جونيور حتى النخاع، يستدرك قائلا .. لكن الأرجنتين فازت سنة 1993 بكوبا أمريكا مما يعني أن القصة لا تعدو أن تكون مجرد أسطورة ليس إلا أو أن القديسة كان قلبها ألين عليهم وسمحت لهم بالفوز لعلهم إليها يرجعون.

صحيح، يضيف ماتياس، أن ليونيل ميسي غاب عن المباراتين الأخيرتين لمنتخب بلاده بسبب الإصابة لكن الأرجنتين تعج بالنجوم، مبديا أسفه لكون هذه النجوم سرعان ما تخفت وبات أمرا عاديا أن تخرج تحت صفير الجمهور مطأطأة الرأس أو تسترق النظرات خلسة إلى الكأس التي لم تجد إليها سبيلا منذ سنوات.

وإذا كان المنطق يقتضي عدم الإقرار بفرضية “لعنة خوخوي” كسبب للهزائم المدوية التي لاحقت المنتخب الأرجنتيني، إلا أنه لا غرابة أن يظل جزء كبير من الأرجنتينيين متمسكين بها طالما لم يستعد فريقهم أمجاده ويمتع جماهير عريضة تعشق الساحرة المستديرة عبر المعمور.