قطاع التربية والتعليم بالبرازيل، رافعة أساسية لمحاربة الفقر وتحقيق التنمية

قطاع التربية والتعليم بالبرازيل، رافعة أساسية لمحاربة الفقر وتحقيق التنمية

الثلاثاء, 24 يونيو, 2014 - 12:02

ساوباولو- يجمع الخبراء والمتخصصون على أنه من دون التربية والتعليم، لن تكون هناك تنمية حقيقية بالبرازيل، وحتى وإن وجدت، فلن تخرج عن خانة التنمية الاقتصادية المحضة، المحكوم عليها بالفشل في حل المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها البلاد.

“من أجل انطلاقة حقيقية تأخذ بعين الاعتبار تحسين ظروف معيشة السكان، يتعين توفير تعليم وتربية جيدين للمساهمة في تنمية اقتصادية مستدامة قادرة على النفاذ إلى عمق المشاكل واجتثاث الفقر من جذوره”، يقول سالم ناصر حكمت، الأكاديمي بكلية جيتو ليوفار غاس بساوباولو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء.

ويضيف أنه، خلال السنوات الأخيرة، اتخذت السلطات البرازيلية خطوات مهمة في مجال سياسة الاندماج الاجتماعي ومكافحة الفقر، وكانت هذه الخطوات “ثورية”، ولم تكلف الكثير من المال كما كان يتوقع لها، موضحا أنه من بين هذه البرامج هناك “بولسافاميليا” (منحة عائلية)، وهو البرنامج الذي يشجع الأسر المستفيدة منه على الحرص على تعليم أبنائهم.

ويبرز الخبير أن توفير التغذية داخل المدارس ساهم أيضا في تشجيع الأطفال على مواصلة تعليمهم، مشددا على أن “بولسافاميليا”، على الرغم من أن تمويله كلف أقل بكثير من البرامج الحكومية الأخرى لكن نتائجه كانت في غاية الأهمية.

ويوضح أنه “ولكي يساهم التعليم في أداء دوره كرافعة لتحقيق التنمية المستدامة، ليس هناك بد من أن يراعي أيضا تحسين أوضاع المدرسين المادية والاهتمام بتقنيات التعليم الجديدة .. فهذه كلها تحديات مازالت تتطلب بذل جهود أكبر”.

أما جوليو سيزار أمارال، المسؤول الإعلامي بوزارة التنمية الاجتماعية ومحاربة المجاعة، فيعتبر، في تصريح مماثل للوكالة، أن من بين أهم البرامج الحكومية التي تساهم في تحسين جودة التربية والتعليم، وبالتالي الخروج من دائرة الفقر هناك، على سبيل المثال، “بولسافاميليا” و”برازيل كرينوسو”، وهما برنامجان يندرجان في إطار خطة شاملة يطلق عليها “برازيل من دون بؤس”.

ويؤكد سيزار أمارال أن هناك جملة من الشروط التي يتعين على الأسر المستفيدة من “بولسافاميليا” الوفاء بها، من بينها على الخصوص، الالتزام بإرسال الأطفال والمراهقين إلى المدارس، كما يتعين على التلاميذ المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و17 سنة، الالتزام بالحضور اليومي إلى قاعات الدرس بوتيرة تصل نسبتها بالضرورة إلى 75 في المائة.

وبالنسبة لخطة “برازيل كارينوسو”، يوضح المسؤول الحكومي، أن هذا البرنامج يعمل على تشجيع البلديات على توفير مزيد من الخدمات المقدمة لفائدة رعاية الأطفال. وتولي الحكومة الأولوية بالنسبة للمدارس التي يتواجد بها عدد أكبر من الأطفال المستفيدين من برنامج “بولسافاميليا”.

وبلغة الأرقام، يوضح سيزار أمارال، استنادا إلى معطيات الإحصاء المدرسي للتربية الأساسية لسنة 2011 ، أن النتائج المدرسية بالنسبة للمستفيدين من برنامج “بولسافاميليا” تحسنت، كما بلغت نسبة الهدر المدرسي في أوساط هذه الفئة مستويات دنيا، مقارنة مع التلاميذ غير المستفيدين من هذه البرنامج.

كل هذه المجهودات المبذولة من أجل جعل التعليم رافعة أساسية لمحاربة الفقر والهشاشة تكللت بالنجاح، إلى حد كبير، وأحرزت اعترافا دوليا وتقديرا من قبل العديد من الهيئات والحكومات، وهو ما مكن خلال العشر سنوات الأخيرة من إخراج نحو 40 مليون برازيلي من دائرة الفقر بكافة المدن بمختلف أرجاء البرازيل، وساهم في تقليص الفارق من حيث الدخل، ومكن الأسر المستهدفة من الاستفادة من مختلف الخدمات الأساسية، أولها التعليم والتربية والصحة.

وساهم “بولسافاميليا”، بشكل لافت في انخفاض معدل الفقر في بلد يسجل إحدى أعلى درجات انعدام المساواة في العالم،بالنظر إلى الهوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء، وأضحى البرنامج سمة مميزة لتراث الرئيس السابق لولا داسيلفا،الذي وجد لبلاده موطئ قدم ضمن مصاف الدول الناشئة والمعروفة باسم دول “بريكس”.

وعلى الرغم من ذلك، فلم يسلم برنامج “بولسافاميليا” من الانتقادات، وعاد إلى الواجهة مع استعداد الرئيسة ديلما روسيف للسباق الرئاسي، بحثا عن ولاية رئاسية ثانية لها، ورابعة لحزب العمال. وتعالت الأصوات المشككة في قدرة هذا البرنامج وغيره في ظل اقتصاد، وصفوه ب”المتعثر” وارتفاع أسعار السلع، معتبرين أن الإنفاق الحكومي المتزايد إنما هو “تسييس” لهذه البرامج وتشجيع على “الاتكالية” في وقت تحتاج فيه البرازيل إلى تعزيز ريادة الأعمال والتنافسية على الصعيد الدولي.

ويصر المنتقدون لمثل هذه البرامج على أن منح المال للفئات المحرومة من المجتمع يجعل منها مستهلكا محتملا للأجهزة الالكترونية والمنزلية أو حتى السيارات، لكنه لا يعالج المشكل في العمق ولا يساهم في تحسين ظروفها المعيشية، مستدلين بالمثل الصيني القائل “لا تعطيني سمكة كل يوم ولكن علمني كيف أصطاد السمك”.

ولأن لولا داسيلفا هو مهندس “بولسافاميليا” وغيرها من البرامج خلال فترة حكمه (2003/ 2011) فقد عاد مؤخرا للظهور إلى العلن إلى جانب خليفته، ديلما روسيف،لتحذير الناخبين من نوايا المعارضين لهذا البرنامج وليطلق سؤالا عريضا “كيف تسمون الأموال التي تذهب إلى الأغنياء استثمارا، ولكن إذا تعلق الأمر بالفقراء تغيرون اسمها لتصبح “عبئا ثقيلا?”.

(مبعوث الوكالة إلى ساوباولو: هشام الأكحل)

 

اقرأ أيضا

مدينة سلا تعيش على إيقاع الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 20:40

تحتضن مدينة سلا حاليا فعاليات الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام الذي تنظمه جمعية أبي رقراق إلى غاية 30 يوليوز الجاري تحت الرئاسة الشرفية لصاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم.

إقليم تازة.. حريق بغابة بورد بدائرة أكنول يأتي على حوالي 30 هكتار

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 19:23

أتى حريق اندلع مساء أمس الأربعاء بغابة بورد بمنطقة الشرشارة بجماعة بورد بدائرة أكنول بإقليم تازة على 30 هكتار من الغطاء الغابوي.

السيد أخنوش يشارك في قمة باريس حول “الرياضة والتنمية المستدامة”

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 18:30

شارك رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، اليوم الخميس بباريس، في قمة “الرياضة والتنمية المستدامة”، التي تنعقد على هامش افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث يمثل صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذا الحدث الرياضي العالمي.