قضية الصحراء : جلالة الملك يضع المجموعة الدولية أمام مسؤولياتها

بقلم : فؤاد عارف

واشنطن – وضع صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الخميس، المجموعة الدولية أمام مسؤولياتها الأخلاقية والمعنوية من أجل تسوية سياسية ونهائية لقضية الصحراء، تتماشى مع متطلبات القانون الدولي والإكراهات الأمنية، مجددا التأكيد وبقوة على قدسية وحرمة الوحدة الترابية للمملكة.ففي خطابه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ39 للمسيرة الخضراء المظفرة، انتقد جلالة الملك “محاباة” الجزائر “الطرف الحقيقي” في النزاع الدائر حول مغربية الصحراء، مجددا التأكيد على أن المملكة لن تقبل بأي حال من الأحوال تغيير معايير المفاوضات التي حددتها مسبقا الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى تسوية نهائية.

إن الأمر يتعلق بهدف ثابت مختوم بالالتزام الرسمي للأمم المتحدة، وهو يمثل جوهر مهمة هذه الأخيرة. إن أي محاولة لتجاوزه سيعرض المسلسل الأممي ككل للخطر.

كما أن المملكة لن تقبل بأن يعهد إلى بعثة المينورسو مهمة مراقبة حقوق الإنسان، المقترح الذي لا يتلاءم أصلا مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في هذا المجال. وقد أكد جلالة الملك في هذا الإطار .. “لا لأي محاولة لمراجعة مبادئ ومعايير التفاوض، ولأي محاولة لإعادة النظر، في مهام المينورسو أو توسيعها، بما في ذلك مسألة مراقبة حقوق الإنسان”.

وبهذا ينبغي على حطاب الليل المستغلين للقضايا الجيو سياسية والمسترزقين من قضايا حقوق الإنسان الذين وجدوا أنفسهم غرقى في الخطيئة، أن يعلموا أن المغرب لن يتنازل عن أي شبر من ترابه الوطني، ولن يكترث أو ينخدع بالتقارير المضللة والمنحازة لأغراض سياسية.

وأصبحت المنظمات غير الحكومية الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان مدعوة اليوم إلى أن تكون في مستوى الشعارات والمثل التي تصدح بها جهارا في ديباجاتها من أجل كشف النقاب عن الجرح الغائر، في إشارة إلى ما يقع اليوم بمخيمات تندوف، هذه المنطقة الخارجة عن القانون بجنوب غرب الجزائر.

إن غض الطرف عن المحن والجحيم الذي يعاني منه السكان المحتجزون يعتبر إساءة إلى جميع المبادئ الأخلاقية والمعنوية المتعارف عليها دوليا. كما أن التأخر في التدخل يزيد فقط من مناورات أعداء الوحدة الترابية للمملكة.

إن المحاباة والخنوع، الذي أبداه من يزعمون الدفاع عن حقوق الإنسان إزاء هذه المأساة التي تعجز الألسن عن وصفها ويرزح تحت نيرها سكان مخيمات تندوف، لا يمكن أن يعوض الضرورة الملحة بالنسبة للضمير العالمي ومختلف المنظمات غير الحكومية الدولية وهيئات الأمم المتحدة، وكذا القوى العالمية الكبرى، لتوضيح مواقفها من أجل الأمن والاستقرار الإقليميين.

وبشهادة المجموعة الدولية، وإثر الدعوات المتواصلة لمجلس الأمن التابع لأمم المتحدة لإخراج مسار المفاوضات من المأزق، وضع المغرب على طاولة المفاوضات مخطط الحكم الذاتي بالصحراء، تحت السيادة المغربية، مقترح يتميز بطابعه الشمولي والجريء، وكذا بغنى محتواه، ووعود بمستقبل مزدهر ورفاه مشترك.

وسرعان ما أثار مخطط الحكم الذاتي، الذي رأى النور بعد مسار واسع من المشاورات على المستوى الوطني بمشاركة فعالة ومثمرة من مختلف شرائح المجتمع المغربي، انخراط القوى العالمية الكبرى انطلاقا من واشنطن إلى باريس، مرورا عبر مدريد ولندن، والتي رأت فيه وعدا بمستقبل أفضل للسكان المعنيين، وأيضا حصنا منيعا لضمان استقرار المنطقة التي تعيش تحت تهديدات الجماعات الإرهابية التي تتقاطع مع مطامع العصابات الإجرامية التي تنشط بمنطقة الساحل والصحراء.

والتزم المغرب، القوي بحقوقه التاريخية الثابتة على الصحراء ودينامية مواطنة وتنمية فاعلة تعتبر نموذجا بالنسبة للدول جنوب الصحراء خاصة، في مسار ترسيخ حقوق الإنسان، في إطار دينامية وطنية طوعية، تستفيد من التزام كل القوى الحية للأمة، دينامية لا يمكن أن تعيقها المناورات اليائسة لأعداء الوحدة الترابية.

يذكر أن ما يسمى بنزاع الصحراء “الغربية” هو نزاع مفروض على المغرب من قبل الجزائر، التي تمول وتحتضن فوق أراضيها بتندوف الحركة الانفصالية (البوليساريو).

وتطالب (البوليساريو)، وهي حركة انفصالية تدعمها السلطة الجزائرية، بخلق دويلة وهمية في منطقة المغرب العربي. ويعيق هذا الوضع كل جهود المجتمع الدولي في تحقيق اندماج اقتصادي وأمني إقليمي.