في الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير: مخاض الثورة المصرية المتأرجح بين التصحيح و الانطلاق نحو المستقبل

في الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير: مخاض الثورة المصرية المتأرجح بين التصحيح و الانطلاق نحو المستقبل

الخميس, 23 يناير, 2014 - 14:09

إعداد : حسن هرماس

القاهرة – تستعد مصر للاحتفال يوم السبت القادم بحلول الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير 2011 ، التي أشعل فتيلها شباب مصر وأطاحت بنظام الرئيس محمد حسني مبارك، الذي استمر لثلاثة عقود متتالية شهدت ميلاد وترعرع ونضج جيل جديد من المصريين نشأ وسط مجتمع مثقل بالإكراهات ومصاعب الحياة اليومية على مستويات عدة.
وكانت تطلعات الشعب المصري بكل فئاته الاجتماعية تهفو من خلال ثورة 25 يناير، التي خلد “ميدان التحرير” في قلب العاصمة المصرية القاهرة، بعضا من أهم وأبرز فصولها، أن تنتقل البلاد المثقلة بالمشاكل الاجتماعية من بطالة ونمو ديمغرافي كبير، وبالصعوبات الاقتصادية وفي مقدمتها المديونية الكبيرة، والعجز في الميزانية، وارتفاع التضخم … إلى تدشين انطلاقة تؤسس لتحقيق عدالة اجتماعية، وتيسر للشعب المصري سبل العيش الكريم.
وكانت أولى الخطوات الإيجابية التي حققتها مصر بعد  ثورة 25 يناير، هي إجراء انتخابات ديمقراطية، نيابة ورآسية، طبعتها الشفافية والنزاهة، وظن الكثيرون أن هذا الإنجاز سيشكل أولى اللبنات التي سيتأسس عليها الإنطلاق نحو تحقيق مزيد من المكاسب التي تراعي المصلحة العليا لمصر والمصريين، وتنأى عن المصالح الفئوية الضيقة.
غير أن مصر وبعد مرور ثلاث سنوات على هذه الثورة ، لازالت تواجه أوضاعا اقتصادية صعبة، كما أن المجتمع المصري أصبح يعيش بشكل شبه يومي على إيقاع أحداث العنف،منذ أن أقدم الجيش المصري في الثالث من يوليوز الماضي على عزل الرئيس السابق محمد مرسي، لتصبح البلاد في أعقاب هذا العزل مرتعا للعنف المتزايد، والأعمال الإرهابية التي أودت بحياة العديد من الأبرياء.
فخلال السنوات الثلاث الماضية، التي أعقبت الثورة، لم تعرف مصر استقرارا على مستوى المؤسسات المشرفة على تسيير شؤون البلاد. فقد تولى في البداية المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية مهمة تدبير سدة الحكم بعد إعلان الرئيس مبارك تنحيه عن السلطة في 11 فبراير 2011، ثم جرت انتخابات رئاسية في 17 يونيو 2012 فاز بها محمد مرسي، الذي عزل في 3 يوليوز 2013 ، و بعد اندلاع احتجاجات شعبية عارمة، انتهى الأمر بتعيين رئيس مصري مؤقت هو المستشار عدلي منصور، الذي كان يشغل مهمة رئيس للمحكمة الدستورية.
وكما كان الحال بالنسبة لقمة السلطة في مصر، تعاقبت على رئاسة مجلس الوزراء هي الأخرى شخصيات متتالية في ظرف ثلاث سنوات، بدءا بأحمد شفيق الذي عينه حسني مبارك في 29 يناير 2011 قبل أيام من تنحيه، لكن أحمد شفيق ما لبث أن قدم استقالته (3 مارس 2011)، بعد انحياز الجيش للثورة، ليخلفه عصام شرف الذي ما انفك بدوره أن قدم استقالته بعد الأحداث الدامية التي عرفت ب”مذبحة ماسبيرو” في 9 أكتوبر 2011، و”أحداث شارع محمد محمود” في 19 نونبر 2011، حيث لقي العشرات من المتظاهرين مصرعهم في هاتين الواقعتين.
و بالرغم من قبول استقالة عصام شرف من طرف المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، فقد كلفه بالاستمرار في تدبير شؤون البلاد إلى حين تكوين حكومة جديدة، مع التأكيد على إجراء انتخابات تشريعية،وهي الاستحقاقات التي تمخض عنها فوز التيارات الاسلامية بأغلبية برلمانية، و انتخاب رئيس ينتمي إلى ما يعرف في الأدبيات السياسية ب”الإسلام السياسي”.
وقد شكلت هذه الخطوة أولى العلامات الدالة على أن مسار الثورة المصرية سيأخذ منحى مغايرا للآمال التي عقدها عليها عدد من فئات الشعب المصري، إذ لم تمض على انتخاب الرئيس مرسي إلا حوالي 5 أشهر، حتى أصدر ما عرف ب”الإعلان الدستوري” في 22 نونبر 2012، من أجل تحصين قراراته من أية رقابة قضائية، وهذا ما أثار موجة عارمة من الاحتجاج في المجتمع المصري، وفي الأوساط السياسية والحزبية، فكان ذلك إيذانا  بتأسيس “جبهة الإنقاذ الوطني”.
وقد كان لتأسيس هذه الجبهة، التي  ضمت العديد من الأحزاب والحركات السياسية، في ما بعد، كلمة وتأثيرا واضحا في تأطير الحركات الاحتجاجية المعارضة لحكم (الإخوان المسلمين)، مجسدا في شخص محمد مرسي، إلى جانب مجلس الشعب (البرلمان) الذي طغى عليه لون الحركة الإسلامية. كما خرجت إلى الوجود في هذا الخضم حركة “تمرد” التي تأسست من اجل جمع التوقيعات لسحب الثقة من الرئيس مرسي، وإجراء انتخابات مبكرة، كما دعت الحركة للتظاهر يوم 30 يونيو 2013، وهو التاريخ الذي شكل موعدا مفصليا آخر في التاريخ  الحديث لجمهورية مصر.
ففي هذا اليوم (30 يونيو) تجمع الملايين من المصريين في “ميدان التحرير”، مجددا، مطالبين بعزل الرئيس مرسي، لتصدر القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية في فاتح يوليوز 2013 بيانا يتضمن مهلة من 48 ساعة يتم خلالها “تلبية مطالب الشعب”. غير أن عدم الاستجابة لما ورد في البيان أدى إلى إعلان وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، عبر بيان أذاعه التلفزيون المصري الرسمي، عزل الرئيس مرسي وإسناد الرئاسة إلى المستشار عدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية، كما اعلن وزير الدفاع عن اتفاق القوى الوطنية المصرية على “خارطة طريق”.
وبينما باشر الرئيس المؤقت عدلي منصور مهامه على رأس الدولة، بادرت جماعة (الإخوان المسلمين) بتنظيم اعتصامين مفتوحين في ميدان “رابعة العدوية”، وميدان “نهضة مصر”، وهما التجمعان الضخمان اللذان استمرا إلى غاية يوم 14 غشت 2013، ليتم فضهما بالقوة حيث سقط المئات من الضحايا ما بين قتلى وجرحى، لينطلق بذلك مسلسل من العنف لم تشهده مصر من قبل.
وفي الوقت الذي أصبحت فيه أحداث العنف والإرهاب تهز مناطق مختلفة من المحافظات المصرية، خاصة منها العاصمة القاهرة، وشبه جزيرة سيناء، استمر النزيف الاقتصادي بدوره في نخر المجتمع المصري على مستويات عدة.
فالسياحة التي تشكل إحدى أعمدة الاقتصاد المصري، بلغت خسائرها حسب خبراء ومهنيين، خلال السنوات الثلاث الماضية، أزيد من 60 مليار دولار. كما أن احتياطي مصر من العملة الصعبة، الذي كان في مستوى 36 مليار دولار في دجنبر 2010، انخفض إلى حدود 4 ر13 مليار دولار في مارس الماضي.
وارتفع حجم الدين المحلي والخارجي، كنتيجة حتمية لزيادة الإنفاق الحكومي الناجم عن تلبية الحكومة لعدد من المطالب وفي مقدمتها الزيادة في الحد الأدنى من الأجور في القطاع الحكومي، مما أدى إلى عجز في ميزانية الدولة. كما أن معدل التضخم تجاوز 10 في المائة سنة 2013… وحدها تحويلات المصريين المقيمين في الخارج عرفت تصاعدا محسوسا في قيمتها لتعطي نفسا جديدا للاقتصاد المصري ليستعيد جزءا من عافيته في هذه المرحلة الصعبة، إلى جانب المساعدات المقدمة من 3 دول خليجية بلغت حوالي 12 ميار دولار.
فإلى جانب المساعدات الخليجية، والتحويلات المالية لمصريي الخارج، شكل تأييد الشعب المصري للدستور الجديد في اقتراع يومي 14 و15 يناير الجاري، مؤشرا إيجابيا آخر يبشر بإمكانية إعطاء دفعة أخرى وسند شعبي لانطلاقة جديدة لمصر نحو مستقبل أفضل، سواء على الصعيد الاقتصادي، أو على صعيد الممارسة السياسية، لاسيما وأن ردود الفعل الخارجية جاءت في مجملها إيجابية إزاء تأييد الشعب المصري لدستوره الجديد الذي يعتبر حلقة محورية في عقد خارطة الطريق التي تبنتها الحكومة الحالية، وذلك من أجل تصحيح ما تعتبره الكثير من القوى الفاعلة في المجتمع المصري ” تصحيحا لمسار ثورة 25 يناير”.

اقرأ أيضا

مدونة الأخلاقيات لمجلس المستشارين، تجسيد لالتزام المجلس بتخليق الحياة السياسية والبرلمانية (بلاغ)

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 10:15

أكد مجلس المستشارين أن” مدونة الأخلاقيات” التي صادق عليها ،يوم الإثنين، رؤساء الفرق ومن ينوب عنهم، ومنسقو المجموعات البرلمانية بالمجلس، هي تجسيد لالتزام بتخليق الحياة السياسية والبرلمانية، وترجمة لمضمون وروح الرسالة الملكية السامية، التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين لقيامه.

الصويرة .. الجهة يجب أن تكون محورا أساسيا في جميع استراتيجيات التنمية (السيد بركة)

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 9:41

أكد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أمس الثلاثاء بالصويرة، أن الجهة يجب أن تكون “نقطة البداية والنهاية” ومحورا أساسيا في جميع الاستراتيجيات التنموية.

تسليط الضوء بالصويرة على الإستراتيجيات الرامية إلى تعزيز التنمية الجهوية

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 9:24

شكلت الإستراتيجيات التي يتم تنزيلها لتعزيز التنمية الجهوية بالمغرب محور نقاش، اليوم الثلاثاء بالصويرة، خلال ندوة عقدت في إطار لقاء “يوم المستثمر”.