فيكو مورتينسون .. ممثل يغير جلده بنفس الإقناع تقوده رغبة طفولية في المغامرة

(نزار الفراوي)

مراكش- بنفس الإتقان والتمكن، يتنقل الأمريكي فيكو مورتينسون، الذي احتفى به مهرجان مراكش الدولي للفيلم، مساء أمس الأحد، بين واجهات الإبداع الفني والثقافي، فهو الشاعر المتميز والرسام المقتدر، قبل أن يحفر اسمه في محافل الفن السينمائي العالمي، أمام الكاميرا وخلفها، ممثلا بارعا ومخرجا محنكا.

قد لا يكون الاسم رائجا بقوة في أوساط الجمهور الواسع للسينما الهوليودية، لكن استعراض فيلموغرافيا الرجل يبقى كافيا لتقدير مساره الفني المتميز، الذي صنعته موهبة تمثيلية بمذاق خاص، اكتشفه الجمهور والنقاد أساسا في فيلم ” الشاهد” لبيتر وير، حيث لعب فيكو دور مزارع ريفي شاب، قبل أن يوقع اسمه في سجل العالمية التي دخلها من أوسع الأبواب بمشاركته في ثلاثية “سيد الخواتم” لبيتر جاكسون.

في شخص فيكو مورتينسون، احتفى مهرجان مراكش بطينة خاصة من السينمائيين الباحثين عن متعة الإبداع بقناعاته الجمالية والفنية والفكرية العميقة، فنجومية هذا الممثل والمخرج ليست خيارا سعى اليه، بل واقعا فرضه حضوره القوي في أفلام الانتاج الضخم، والحال أنه يروي عطشه في الخلق والتعبير عبر السينما الجادة وأفلام المؤلف. تتبادر الى الذهن في هذا الإطار أدواره في أفلام “سايكو” لكوس فانسانت و”جوجا” لألساندرو ألونسو و”الطريق” لجون هيلكوت.

ينتمي بطل “هيدالغو” (رفقة عمر الشريف)، الى خانة الممثلين الذين يتماهون مع أدوارهم بتقمص نفسي وتعبيري فريد من نوعه، وفي نفس الوقت، يغير فيكو جلده باختيارات فنية تضعه في عوالم شديدة التنوع والتباين من حيث خصائص الشخوص وسياقات عيشها ودوافع سلوكها.

وان كان “سيد الخواتم” قد خوله شهرة واسعة في عالم السينما، فان النقاد أبدوا تقديرا خاصا لعمله مع المخرج ديفيد كرونبرغ، في أفلام هامة من قبيل “تاريخ من العنف” و”طريقة خطيرة” ثم “وعود شرقية”، الفيلم الذي وضع اسمه مرشحا لجائزتي أفضل ممثل رئيسي في الأوسكار و الغولدن غلوب عام 2008. اشتغل مع شون بين في ” العداء الهندي” ومع برايان دي بالما في ” طريقة كارليتو” و ” ج. أ. جين ” لريدلي سكوت.

فيكو مورتينسون ولد لأب دنماركي وأم أمريكية، من مواليد نيويورك. تنقل رفقة أسرته عبر بلدان عديدة، مما أثر بقوة على رؤيته للعالم بتنوعه واختلافاته وتعدد أصواته، وهو ما يجد صدى له أساسا في مشاريعه الشعرية والتشكيلية التي يتمسك بها رغم إغراءات السينما وأضوائها. بل انه يعتقد أن فترة طفولته كانت حاسمة في رغبته بأن يصبح فنانا.

يتذكر الفنان، الخجول خارج استوديو التصوير، والذي عاش لحظة عرض فيلمه الجديد “بعيدا عن الرجال” للمخرج الفرنسي دافيد أويلهوفن بساحة جامع الفنا كحلم ساحر، في حديث لمجلة الاكسبريس ( دجنبر 2011)، كيف كان يهوى سماع الحكايات ويجد متعة في صنع عوالم جديدة، وفي أن يجعل الناس يعتقدون أنه مختلف. وأضاف أنه طالما طلب من والدته أن تحكي له قصصا من واقع الحياة، وليس من الخيال.

” أن تعطي لنفسك الوقت لتعلم فنك، وألا تنجذب كثيرا الى المال، وألا تداوم فقط على الأدوار الأولى لمجرد أن تكون في الصورة الأولى”، تلك خلاصات ووصايا فنان عميق يعطي لمهنة السينما معنى ورؤية.