فشل الأرجنتين في مفاوضاتها مع هيئتين دائنتين أمريكيتين ينذر بدخولها في وضع اقتصادي أخطر مما عاشته سنة 2001

(إعداد مكتب بوينوس أيرس)

بوينوس أيرس – بالرغم من يومين من المفاوضات لم تتمكن الأرجنتين من التوصل الى تسوية لنزاعها مع هيأتين ماليتين أمريكيتين تحوزان سندات ديون أرجنتينية  وسبق أن صدر حكم لصالحهما  يقضي  بإلزام  بوينوس أيرس بتمكينهما من كامل ديونهما  البالغة  33ر1 مليار دولار  زيادة على الفوائد المستحقة  عليها.وبهذا الفشل تكون الأرجنتين أصبحت في وضعية عدم القدرة على سداد الديون منذ أمس الأربعاء، بعد انتهاء المهلة التي منحها إياها القاضي طوماس غرييسا الذي كان وراء صدور الحكم لفائدة الهيئتين الماليتين الأمريكيتين “إن إم إل كابتل” و”أوروليوز ماناجمنت” المصنفتين ضمن خانة ما ينعت ب” المؤسسات العقبان”، وهو الوصف الذي دأبت الأوساط المالية على إطلاقه على المؤسسات المالية التي تتحين الفرص لشراء  سندات الديون والمضاربة عليها.
وفي هذا الصدد نقلت وسائل الإعلام الرسمية الأرجنتينية عن دانييل بولاك، الوسيط المعين من طرف القاضي غرييسا للإشراف على المفاوضات بين الطرفين، قوله، مساء أول أمس الأربعاء، خلال ندوة صحفية “للأسف لم يتم التوصل إلى أي اتفاق وأن جمهورية الأرجنتين أصبحت للأسف في وضعية عجز عن السداد”، مضيفا أن انعكاسات مثل هذه الوضعية “لا يمكن التكهن بها إلا أن الأكيد أنها لن تكون حسنة”.
وحسب الوسيط الأمريكي فإن الأمر لا يتعلق بمجرد إجراء تقني بل بحدث واقعي ومؤسف سيمس أناسا” وأن ” الضحية الحقيقية  له سيكون في آخر المطاف هو المواطن الأرجنتيني العادي”.
وتجدر الإشارة  إلى أنه حتى  قبل الإعلان عن فشل المفاوضات بين بوينوس أيرس والهيأتين الماليتين الأمريكيتين قامت الوكالة الدولية للتصنيف الائتماني” ستاندارد  أند بورز” بتخفيض تصنيف المديونية السيادية للأرجنتين إلى فئة ” السداد الانتقائي” الذي يعني حسب هذه الوكالة أن الطرف المدين “لم يف بجزء من التزاماته أو بإصدار خاص لكنه يواصل  مع الوقت سداد أنواع أخرى من القروض”.
ويرى المراقبون أن قبول بوينوس أيرس تنفيذ قرار القضاء الأمريكي من شأنه تشجيع الدائنين الآخرين الذين سبق لهم التنازل على نسبة 70 بالمائة من ديونهم، على المطالبة بمستحقاتهم كاملة وسيكون عليها في هذه الحالة سداد أزيد من 100 مليار دولار أخرى وفقا لالتزامها بمعاملة دائنيها الخواص على قدم المساواة.
وفي تبريره لفشل المفاوضات مع الهيئتين الماليتين الدائنتين قال وزير الاقتصاد الأرجنتيني، أكسيل كيسيلوف، خلال ندوة صحفية في نيويورك”، إن الهيئتين الدائنتين حاولتا أن تفرض علينا مسائل غير مشروعة” مضيفا “إن الأرجنتين على استعداد للحوار من أجل التوصل إلى توافق، وسنحاول البحث عن حل عادل ومتوازن ومشروع مع كل دائنينا”.
ووعد كيسيلوف بأن تقوم بلاده بتمكين حملة سندات الديون ممن قبلوا بإعادة جدولة ديونهم من مستحقاتهم “بشروط معقولة بعيدا عن أي محاولة للابتزاز أو الضغط أو التهديد”، نافيا أن تكون بلاده في وضعية العجز عن سداد ديونها.
وحمل وزير الاقتصاد الأرجنتيني القاضي غرييسا مسؤولية فشل المفاوضات متهما إياه بالتحيز للهيئتين الدائنتين في إشارة إلى قيام هذا الأخير في 16 يونيو الأخير بإصدار أمر بتجميد مبلغ يفوق مليار دولار كانت الأرجنتين قامت بتحويله لأحد الأبناك الأمريكية بهدف سداد  مستحقات الدائنين الخواص، مشددا على إعطاء الأولوية لسداد مستحقات “إن إم إل كابتل” و”أوروليوز ماناجمنت”.
وبالرغم من محاولة كيسيلوف من إعطاء الانطباع بإمكانية تدبير مشكل فشل المفاوضات مع الهيئتين الماليتين الأمريكيتين، وإشارة وسائل الإعلام المحلية إلى أن وضعية العجز عن السداد قد تصبح مؤقتة في حالة نجاح محاولات عدد من الأبناك الأرجنتينية شراء سندات ديون الهيئتين الماليتين الأمريكيتين، إلا أن المحللين يترقبون دخول البلاد في وضعية اقتصادية أخطر من تلك التي عاشتها البلاد سنة 2001.
وفي هذا الصدد توقع المكتب الأرجنتيني للاستشارة الاقتصادية “أبيسيب” انخفاضا في الناتج الداخلي الخام بنسبة 5ر3 بالمائة وهروبا لرؤوس الأموال الأجنبية وارتفاعا في نسبة التضخم التي قد تصل إلى 41 بالمائة.
كما نقلت وسائل الإعلام المحلية عن المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، قولها “إن الوقوع في وضعية العجز عن السداد يعتبر دوما أمرا مؤسفا، إلا أننا لا نعتقد بأنه ستكون له انعكاسات كبيرة خارج البلاد” في إشارة إلى أن هذه الانعكاسات ستكون بدون  شك أكبر على الصعيد الداخلي.