سنة 2016 : الاقتصاد المصري بين تمرد الدولار وتعويم الجنيه

سنة 2016 : الاقتصاد المصري بين تمرد الدولار وتعويم الجنيه

السبت, 17 ديسمبر, 2016 - 11:21

  

(توفيق صولاجي)

 

   القاهرة –  في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التي مرت بها مصر خلال السنين الجارية، وتحديدا منذ مطلع السنة الجارية، تفاقمت أزمة الدولار، الذي سجل مستويات قياسية في قيمته لم تشهدها البلاد من قبل.

  وتواصلت أزمة الدولار في مصر، وسط محاولات قام بها البنك المركزي للسيطرة على الوضع، ومحاولة التقليص من التأثير السلبي ليس فقط على مجال التصدير والاستيراد وعلى مستوى الاقتصاد الوطني بصفة عامة، بل وعلى مستوى الحياة الاجتماعية والسياسية ككل.

  وقد شهد الجنيه المصري تراجعا في قيمته مقابل الدولار، كما هو الشأن بالنسبة للسوق النقدية عموما التي عرفت اضطرابا انعكس سلبا على الاقتصاد، ما أدى بالجهات المسؤولة في البلاد إلى تجنيد كل الطاقات لمعالجة الوضع، خاصة أمام عوامل أخرى ساهمت في تفاقم الأزمة، لاسيما تراجع تحويلات المصريين في الخارج التي تمثل حوالي 20 مليار دولار وتشكل رافعة أساسية للاقتصاد، فضلا عن تراجع الواردات بالعملات الأجنبية من السياحة بسبب بعض الأحداث والتي يأتي في مقدمتها حادث سقوط طائرة روسية في صحراء سيناء في أكتوبر من السنة المنصرمة.

  وشكل هذا الواقع ضغطا على العملة المصرية، ما أدى إلى تراجع قيمتها بشكل كبير مقابل الدولار، حيث قام البنك المركزي، طيلة الفترة الممتدة من العام الماضي حتى غشت من السنة الحالية، بتخفيض قيمة الجنيه ثلاث مرات ليصل مجموع تلك التخفيضات إلى 15 في المائة بهدف مواكبة السوق، التي لم تستقر أمام الحديث مجددا عن أن الجنيه مقوم بأعلى من قيمته إذ تتعالى الأصوات التي تطالب بخفض جديد لقيمته خصوصا أنه لا تمضي أيام حتى يعاود الجنيه تراجعه مقابل الدولار (العملة الصعبة).

  وأمام الاعتبارات السابقة والارتفاع القياسي لسعر الدولار، الذي صاحبته إجراءات من البنك المركزي وتقليل الحد المسموح به للسحب، فقد لجأ المستثمرون للسوق السوداء لسد احتياجاتهم من العملة الصعبة ليقعوا تحت رحمة تجار العملة وشركات الصرف التي كانت تبيع الدولار بسعر أغلى من السعر المحدد في الأبناك.

  وتعاني مصر من وجود سعرين لصرف العملات، حيث يوجد إلى جانب السعر الرسمي للبنوك، سعر آخر في السوق غير الرسمية، كما تظهر الأزمة دائما في أوقات نقص العملة.

  ووفقا لقانون العرض والطلب، فإن سعر العملة يتحدد من خلال توافر العملة وكمية الطلب على هذه العملة، حيث لما تكون هناك زيادة الطلب عن العرض فإن سعر العملة يأخذ في الإرتفاع وهذا ما حدث في حالة الدولار أمام الجنيه المصري في الآونة الأخيرة، حيث قلة تواجد الدولار في السوق وكثرة الطلب عليه أدى إلى ارتفاه السعر .

 وقام البنك المركزي المصري، في إطار الإجراءات الاحترازية للحد من تمرد الورقة الخضراء، برفع الحد الأقصى للإيداع النقدي الدولاري من 50 ألف دولار إلى 250 ألف دولار شهريا، وبدون حد أقصى للإيداع اليومي، وزيادة الحد الأقصى للإيداع النقدي للشركات العاملة في مجال التصدير إلى مليون دولار.

  إلى جانب ذلك قرر عدد من البنوك المحلية وضع حد جديد للسحب النقدي عن التعامل ببطاقات الدفع خارج مصر، وذلك بعدما رصدت استخدام بعض الأفراد لتلك البطاقات في عمليات الاتجار في السلع عند التعامل بها خارج البلاد، كما خفضت منح الدفع النقدي لعملائها عند السفر للخارج من ثلاثة آلاف دولار إلى ألفين فقط.

  ويرى المحللون الاقتصاديون أن قرار البنك المركزي برفع حد الايداع بالعملة الأجنبية قد يدعم الانتاج والمصانع بتوفير الأموال للسلع الأجنبية.

  وقد أدت الإجراءات السابقة أيضا إلى انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، وانهيار السوق السوداء، إلا أن الأزمة عادت مجددا بعد حديث تقارير عن توقف بعض الشركات الأجنبية العاملة بالسوق المصري عن العمل، وهو ما قابلته الحكومة بسرعة إعلان نفيها توقف تلك المصانع، وسعيها نحو توفير الدولار.

  ولم تقف إجراءات البنك المركزي لمواجهة الضغوطات التي يفرضها ارتفاع الدولار على الاقتصاد المصري لتصحيح سياسة تداول النقد الأجنبي عند هذا الحد، بل لجأ المركزي المصري في نونبر الماضي إلى تعويم قيمة الجنيه وفق آليات العرض والطلب.

  وأكد البنك حينها أنه تقرر خفض قيمة الجنيه بنسبة 48 في المائة مؤقتا ليصبح الدولار معادلا ل 13 جنيها، مع هامش تحرك بنسبة 10 في المائة ارتفاعا وانخفاضا، وذلك لحين قيام البنك المركزي بطرح عطاء استثنائي مؤخرا ليترك سعر العملة يحدد وفق آليات العرض والطلب مع رفع أسعار الفائدة على الودائع والقروض بنسبة 3 في المائة.

  وحرصا منه على تأكيد الثقة في الاقتصاد المصري وتحقيق الاستقرار النقدي، استهدافا لمستويات أدنى من التضخم، قرر البنك اتخاذ عدة إجراءات لتصحيح سياسة تداول النقد الأجنبي من خلال تحرير أسعار الصرف، لإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي بهدف استعادة تداوله داخل القنوات الشرعية وإنهاء السوق الموازية للنقد الأجنبي بشكل كامل.

وتأتي هذه الخطوة اتساقا مع المنظومة الإصلاحية المتكاملة التي اتخذتها الحكومة بالموازاة مع ذلك وتتضمن برنامج الإصلاحات الهيكلية للمالية العامة ما يمكن الاقتصاد المصري من مواجهة التحديات القائمة وإطلاق قدراته وتحقيق معدلات النمو والتشغيل المنشودة بما يناسب مع إمكانيات وموارد مصر البشرية والطبيعية والمادية.

ومن إيجابيات تعويم الجنيه أمام الدولار، حسب الخبراء والمهتمين، تعزيز قدرة الصادرات المصرية التنافسية في الأسواق إلى جانب أن وجود سعر موحد للعملة يشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية خاصة وأن المستثمر يصبو دائما إلى تحقيق أرباح وليس خسائر عن تحويل مكاسبه من الجنيه للدولار.

 وعلى عكس ذلك يرى خبراء آخرون ، أن من سلبيات تعويم الجنيه أن خفض قيمته أنه يؤدي إلى زيادة أسعار السلع والخدمات، أو حدوث موجة تضخمية كبيرة في حالة خفض الجنيه بنسبة كبيرة تفوق 12 جنيه للدولار، وكذلك انخفاض القيمة الشرائية للجنيه وزيادة الدين الخارجي.

  بيد أنه، وبالرغم من موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، الشهر الماضي على منح مصر قرضا بقيمة 12 مليار دولار وتسلم البنك المركزي مبلغ 75ر2 مليار دولار تمثل الشريحة الأولى من قيمة القرض، والتأكيد على أن هذه الدفعة ستسهم في زيادة احتياطي البنك من العملة الأجنبية ، فإن الدولار واصل تغريده خارج السرب ليسجل في السوق الرسمية أزيد من 17 دولارا، خاصة بعد إعلان المركزي المصري تحرير سعر صرف الدولار وإطلاق الحرية للبنوك العاملة في مصر لتسعير النقد الأجنبي من خلال آلية سوق ما بين البنوك.

اقرأ أيضا

حرائق الغابات.. خطورة “متوسطة” إلى “قصوى” من 29 إلى 31 يوليوز بعدة أقاليم (الوكالة الوطنية للمياه والغابات)

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 9:15

تتوقع الوكالة الوطنية للمياه والغابات خطورة “متوسطة” إلى “قصوى” لاندلاع حرائق الغابات بعدد من أقاليم المملكة، وذلك خلال الفترة من 29 إلى 31 يوليوز الجاري.

المغرب استطاع تحت قيادة جلالة الملك أن يصنع لنفسه مكانة خاصة بين الأمم الكبرى (صحيفة كويتية)

الأحد, 28 يوليو, 2024 في 21:36

أكدت صحيفة (السياسة) الكويتية، أن المغرب استطاع تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن يصنع لنفسه مكانة خاصة بين الأمم الكبرى.

الرباط.. افتتاح المعرض الدائم للجنة القدس

الأحد, 28 يوليو, 2024 في 14:16

جرى أمس السبت، بمقر وكالة بيت مال القدس الشريف بالرباط، افتتاح المعرض الدائم للجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، وذلك تزامنا مع تخليد الذكرى الـ25 لعيد العرش المجيد.