“سفر إلى معنى السفر”.. جديد الشاعر عبد الرحمان أبو يوسف

العربي عثماني

الرباط –

صدر، مؤخرا، للشاعر عبد الرحمان أبو يوسف، ديوان جديد وسمه ب”سفر إلى معنى السفر”، في تجربة أخرى تنضاف إلى تجارب سابقة في المسار الإبداعي لهذا الشاعر، الذي وإن كان ما يزال فتيا، لكنه يبقى غنيا بحمولات دلالية وتداولية، غالبا ما تنزل بالكلمة الموزونة المقفاة لديه من عليائها المغرقة في التجريد إلى الواقع المعيش بكل تجلياته.
ويضم هذا الديوان، الواقع في 94 صفحة من القطع المتوسط، والصادر عن مطبعة (الودغيريون) بمدينة الرشيدية، إحدى عشرة قصيدة، هي، على التوالي، “رقصة اللقالق” و”صراخ الزجاج” و”زمن ما قبل الشعر” و”بوح الأسير” و”الرصيف” و”مجسم الحلاج” و”مولد على صدر يومية” و”بلا وداع أخير” و”العش” و”سبع سنبلات خضر” و”عين على خشب”.
وإذا كانت تيمة “السفر” هي التيمة المهيمنة على مضامين جل قصائد الديوان، فإن الشاعر أبو يوسف لم يوظفها للدلالة على المعنى السطحي لكلمة “سفر”، التي تعني التنقل بين مكانين وقطع المسافة الفاصلة بينهما، بقدر ما انزاح عن هذا المعنى المباشر ليحمله دلالة أكثر عمقا.
وهكذا جاءت كلمة “سفر” لتدل على “التنقل” عبر الزمن الإبداعي.. أي من زمن ما قبل الإبداع .. حيث كان التيه والضياع سيد الموقف، إلى زمن الإبداع، حيث وجد الشاعر في الكلمة ضالته المنشودة ليعبر عما يخالجه من أفكار ويبوح بما يعتمل في نفسه من هواجس وما تختزله مخيلته من ذكريات.
فإذا كان السفر، كما يقول الشاعر أبو يوسف، “حركة في مقايضة المكان.. فهو مأخوذ في معناه المجازي، حتى أن الجملة الاسمية في إيصال دلالة العنوان لا تشير إلى فعل ..أي إلى حركة تعتمل في أبعاد الزمان ..هو سفر ممكن رغم عدم إجازته من طرف الفيزيائيين…”.
ويضيف أبو يوسف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه عنون ديوانه في البداية ب”زمن ما قبل الشعر”، لأنه “يكتب عن ماض ولى، يستفزه فيه سفحه المناقض لتوأمه في الجهة الأخرى من خط تقاسم المياه…، وأنا أشهد كيف تهتز فرائص الزمان في لحظة انتباه، وكيف تتشتت أبعاده، وأنا مأخوذ بزحف الذكريات من جحور الروح، ومذهول أمام ارتجاج تفاصيل الماضي إلى حضرة اللحظة الواقفة…”.
فهو إذن (أي الديوان)، في نظر الشاعر، “سفر إلى عنوان، بعد أن كان رحلة في تيهان”، ولعل ذلك ما يجسده حين يقول في قصيدته “زمن ما قبل الشعر”.. “حينما تمسح السماء جبينها.. تنزل كل النجوم، إلى حاجبيها.. تذكر أن عصر ما قبل الشعر، كان غاية ممتدة على زرقة النشيج… ولم يكن ظل الكلمات أصغر من قامتها، لأن الشمس مومياء في هرم العاصفة..”.
وهكذا تحضر تيمة السفر بقوة في الديوان، لتجسد المراحل والأطوار التي مر منها الشاعر، وهو يعيش لحظات الخواء والفراغ القاتل قبل أن يكتوي بنار الكلمة، ف”لا شيء يعلي الوجود، في فواصله، فوق ما يرى، على سكون السفينة، إلا سفر.. إلى معنى السفر ..”، كما يقول في قصيدة “رقصة اللقالق”.
ويستحضر الشاعر أيضا في تفاصيل سفره الشعري هذا، إلى جانب ذكريات من ماضيه السحيق، عوالم التاريخ والملاحم (جلجامش…) والأسطورة (إنكيدو..) والشعر اليوناني (يانيس ريتسوس..) والدين (سورة هود..)…إلخ ، كل ذلك في قوالب شعرية متنوعة تتراوح بين البيت/ الكلمة، والبيت/الجملة، والقصيدة المطولة، والقصيرة.
يذكر أن للشاعر عبد الرحمان أبو يوسف (واسمه الحقيقي حمو بويمطغن) ثلاثة دواوين أخرى، تحمل عناوين “قضبان النافذة لا تمنع السماء” (92 صفحة من القطع المتوسط)، و”مرآة وراء فرجار الشمس”، (81 صفحة من القطع المتوسط)، ثم “وشم النشيد”، (96 صفحة من القطع المتوسط)، وهي كلها صادرة عن مطبعة (الودغيريون) سنة 2015.