زيارة الرئيس الهندي للصين .. خطوة أخرى باتجاه تكريس الشراكة والتعاون بين عملاقي القارة الآسيوية

(بقلم: سعد أبو الدهاج)

 نيودلهي –  تبدأ، يوم الثلاثاء، الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس الهندي براناب موخرجي إلى الصين، من أجل تعزيز آفاق التعاون بين عملاقي القارة الآسيوية، وتكريس شراكة استراتيجية بين البلدين بأبعاد مستقبلية.

 وتعكس هذه الزيارة الرسمية، التي تأتي تلبية لدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، مدى حرص الجانبين، الهندي والصيني، والتزامهما بجعل الشراكة التنموية بينهما حجر الزاوية بالنسبة للعلاقة الثنائية، التي شهدت تطورا كبيرا خلال الأشهر القليلة الماضية.

كما تبرز أهمية هذه الزيارة في كونها تعد فرصة سانحة لإعطاء نفس جديد للعلاقات بين نيودلهي وبكين والبحث عن آفاق جديدة للتعاون بين البلدين، في ظل عدد من المتغيرات الجيو استراتيجية في المنطقة، لاسيما في بحر الصين الجنوبي، وسعي الهند من جهتها إلى تكريس سياستها الجديدة التي ترتكز على الانفتاح على القوى الاقتصادية الكبرى إقليميا ودوليا، وجلب استثمارات ضخمة للبلاد في إطار مبادرة “إصنع في الهند”.

وتهدف زيارة براناب موخرجي، الأولى له إلى الصين منذ توليه منصبه في سنة 2012، إلى توطيد الروابط السياسية والاقتصادية التي تجمع بين البلدين الجارين، وتجاوز المشاكل والخلافات العالقة، والحفاظ على المستوى الحالي للعلاقات الثنائية.

وتتجلى أهمية هذه الزيارة في أنها ستعمل، بشكل كبير، على تحديد مستقبل علاقات بلدين جارين ومتنافسين، على الصعيدين الإقليمي والدولي خلال السنوات القليلة المقبلة، بالنظر إلى أنهما يعدان في الوقت الراهن من الركائز المهمة في العالم وفي القارة الآسيوية على الخصوص.

وفي هذا الإطار، يرى عدد من المراقبين أن الهند والصين، باعتبارهما أكبر دولتين ناميتين وأقوى اقتصادين صاعدين في العالم خلال السنوات الأخيرة، مدعوان إلى إيلاء قدر أكبر من الأهمية لتطوير علاقتهما الثنائية في جميع المجالات، وبذل جهود أكبر لضمان عدم انحراف هذه العلاقة عن مسارها بسبب النزاعات الحدودية القائمة بين البلدين منذ أمد طويل.

 واعتبروا، في هذا الصدد، أنه ينبغي على قيادتي البلدين الحسم في عدد من المشاكل العالقة بينهما، أو وضع بعض الخلافات جانبا إلى حين أن تنضج ظروف تسويتها بشكل ودي، مثل النزاع بين البلدين على مناطق حدودية مشتركة تبلغ مساحتها أزيد 40 ألف كيلومتر مربع، والتي شكلت عائقا أمام كل تقارب بين الطرفين منذ عدة عقود.

 وسيجري الرئيس الهندي، خلال هذه الزيارة، لقاءات مع عدد من كبار القادة الصينيين، ستتركز على بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك وتبادل وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية.

 كما ينتظر أن تعطي هذه الزيارة دفعة قوية للعلاقات الثنائية، بما يسهم في تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بين الجانبين، وتشجيع الاستثمار المتبادل في عدد من القطاعات ذات الأولوية، خاصة البنيات التحتية والمشاريع الهيكلية الكبرى.

وكان الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، قد زار الصين في ماي من العام الماضي، ما شكل حينها إشارة هامة إلى التطور المطرد في العلاقات الهندية – الصينية، لاسيما بعد أن قام الرئيس الصيني باستقبال ضيفه في مسقط رأسه بمدينة “شيآن”، التابعة لمقاطعة شانشي شمال غرب البلاد.

 تجدر الإشارة إلى أن الصين (مصنع العالم) والهند (مزود الخدمات في العالم)، يضمان نحو 35 في المائة من سكان المعمور ويتوفران على مؤهلات وإمكانيات اقتصادية هائلة في مجالات التصنيع والخدمات المالية والتكنولوجيا فائقة الدقة.

وتعد الصين أكبر شريك تجاري للهند بميزان تجاري يصل إلى حوالي سبعين مليار دولار، إلا أن كفته راجحة بنسبة كبيرة لفائدة الصين، على أن حجم التجارة يظل ضعيفا نسبيا مقارنة بعدد السكان والحجم الاقتصادي الكبير للعملاقين الآسيويين.