آخر الأخبار
زواج القاصرات.. فتيات العالم يطلقن من دكار صرختهن “أوقفوا هذه المعاناة”

زواج القاصرات.. فتيات العالم يطلقن من دكار صرختهن “أوقفوا هذه المعاناة”

الأربعاء, 29 يونيو, 2016 - 11:30

بقلم: عبد اللطيف أبي القاسم

دكار – من مقر متحف المرأة هنرييت باثيلي، الواقع بساحة (دي سوفونير) بالعاصمة السنغالية دكار، والرابض على ساحل المحيط الأطلسي، اختارت فتيات قاصرات من مختلف الآفاق إطلاق “صرخة صامتة” يروين عبرها حكاياتهن مع رحلة الألم والأمل التي يخضنها بعدما ولجن “قفص الزوجية” مكرهات ولما يبلغن سن الرشد بعد.

فتيات من دول عدة فرقتهن الجنسيات والقارات، ووحدهن الفقر والمعاناة التي تخلفها ظاهرة زواج القاصرات التي تنتشر في كثير من بقاع الأرض أبين إلا أن يسهمن في فضح هذه الممارسة المضرة التي ترهن زهرة عمرهن للذبول، ويبعثن للعالم رسالة تقول “أوقفوا هذه المعاناة”.

لم تحضر رحمتو البنينية، وجينفر الأوغندية، وسلمى الباكستانية، ومينا البنغالية، وماروف الاثيوبية، وماغريت التنزانية، وعيشاتو الغامبية، ولاكسمي الهندية، وغيرهن من “الرفيقات في الهم” إلى دكار في رحلة منظمة، ولم يحللن بها أصلا لأنهن لا يملكن ترف السفر والإقامة في الفنادق المكيفة، ولا يجدن مهربا من الواقع القاسي الذي يرزحن تحته.

وحدها أحوالهن وأقوالهن وجدت طريقها إلى معرض للصور تنظمه إلى غاية 10 يوليوز الجاري، منظمة (غرلز نوت برايدس) “فتيات لا زوجات”، بتعاون مع “الشراكة العالمية لإنهاء زواج الأطفال”، وسفارة كندا بالسنغال تحت شعار “صرخات فتيات: جميعا ضد زواج الأطفال”.

ويضم المعرض الذي ينظم بمناسبة يوم الطفل الإفريقي (16 يونيو من كل سنة)، 30 صورة لهؤلاء الفتيات مرفوقة بشهاداتهن حول تجاربهن مع الزواج المبكر، وكذا لوحات توعوية حول الظاهرة والإحصائيات المتعلقة بها على المستوى العالمي.

ويفيد آخر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف-2015)، أن نسبة زواج الفتيات القاصرات (أقل من 18 سنة) تصل إلى 27 في المائة على المستوى العالمي. وعلى المستوى الإقليمي، تبلغ هذه النسبة 40 في المائة في إفريقيا جنوب الصحراء، و45 في المائة في جنوب آسيا، و18 في المائة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وتقول راث كوشال، المسؤولة بفرع إفريقيا لمنظمة “فتيات لا زوجات”، إن الفكرة وراء هذا المعرض تتمثل في “عرض قصص غير مروية لفتيات يكتنفهن خطر زواج القاصرات للدفاع عن حقوقهن”، من أجل إبراز العلاقة بين زواج الأطفال والفقر والتعليم، والصحة الإنجابية، والممارسات الثقافية والتشريعات التقليدية.

وتضيف كوشال، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الأمر يتعلق ب”طريقة نمنح من خلالها الفرصة لهؤلاء الشجاعات والشجعان الذين يناضلون لوضح حد لهذه الظاهرة. فهذه الصور والقصص هي نوافذ نطل بها على حيوات فتيات قاصرات أجبرن على مغادرة مقاعد الدراسة، وفراق عائلاتهن، وإنجاب أطفال دون أن يكن مهيئات نفسيا وجسديا لذلك، بسبب الزواج”.

ويطالع زائر المعرض صورة الفتاة جينيفير من أوغندا. ومع الصورة تعليق تقول فيه إنها فقدت أباها عندما كانت تلميذة في السنة الأخيرة من السلك الابتدائي، و”لم يكن لدي المال الكافي للعودة للمدرسة. ظننت حينها أن الزواج هو الحل”.

كان زوج جينيفر يشتغل بالمدينة ويبعث لها دولارين كل أسبوعين. وهو مبلغ لا يكفيها هي وابنها. ولهذا فهي ترى أن “الأمر كان ليكون أفضل لو كان بإمكاني متابعة تكوين والحصول على المال. أنا لم أكمل تعليمي الابتدائي، وبالتالي فليس أمامي خيارات كثيرة للعمل”.

صورة أخرى تعرض لسلمى من باكستان. في سنتها الرابعة عشرة، انقلبت حياة هذه الفتاة رأسا على عقب حين أجبرت الفيضانات عائلتها إلى اللجوء إلى مخيم للنازحين. تقول سلمى إن امرأة أتتها ذات يوم وقدمت لها بعض المال والملابس وقالت لها “أنت الآن ابتني”. لتكتشف أن أباها وإخوتها قرروا تزويجها. وإذا كانت هذه الفتاة قد رزقت بطفل اليوم، فهي ترجو الله أن لا تنجب بنتا في يوم من الأيام إذ تقول “لا أرغب أن تلقى أي فتاة المصير نفسه الذي لقيته”.

ومن اثيوبيا، تبدو الفتاة ماروف أحمد حاجي، وهي تلميذة في السنة السادسة من التعليم الابتدائي، أكثر حظا من سابقتيها. فحسب ماروف، التي انقدح في عينيها الصغيرتين قليل من الحزن وكثير من العزم، فإنه “من الصعب الاحتجاج على الزواج المبكر في منطقتنا.. يرخص للفتيات بالدراسة إلى حدود السنة السادسة فقط”. لكنه، وبفضل مشروع للجمعية الإسلامية الاثيوبية للإغاثة والتنمية، يروم تحسيس أبناء حيها والأشخاص المؤثرين فيه بمساوئ الزواج القسري للقاصرات، “أصبح بإمكاني أنا وصديقاتي مواصلة تعليمنا لما بعد السنة السادسة عبر مقاومة الزواج المبكر”.

أما جاكلين الكينية، فتزوجت رجلا في ال35 من عمره حين كان عمرها 14 سنة، وذلك إثر وفاة والديها اللذين كانا مصابين بداء فقدان المناعة المكتسب (السيدا). تحكي جاكلين قصتها مع الزواج المبكر تقول “طلبت من إحدى جاراتنا مساعدتي لأن زوجة أبي تسيء معاملتي (..)، فأجبرتني على أن أصبح الزوجة الثانية لأخيها. وبعد أربع سنوات من المعاناة، فررت مع طفلي”. غير أنها تضيف أنه، وبفضل جمعية مختصة في تعليم وتمكين الفتيات، “عدت إلى المدرسة، وهو ما يمنحني حرية أن أحلم”.

واعتبرت راث كوشال، في تصريحها للوكالة أن زواج القاصرات يشكل عائقا أمام تنمية إفريقيا ورخاء اقتصادها عبر حرمان ملايين الفتيات من الدراسة والفرص التي يمكن أن تساعدهن للخروج بأنفسهن وبعائلاتهن من ربقة الفقر.

وأوضحت مسؤولة “فتيات لا زوجات”، المنظمة التي يوجد مقرها في لندن، وتضم أزيد من 600 جمعية مدنية عبر العالم، أن ما يزيد عن 60 في المائة من الزوجات القاصرات في الدول السائرة في طريق النمو لم يسبق لهن تلقي أي تعليم أساسي. “ونحن قلقون من كون استمرار هذه الظاهرة يعرقل جهود إفريقيا لتحقيق هدف التنمية المستدامة المتمثل في إنهاء زواج الأطفال”.

وأكدت أن الحكومات الإفريقية مطالبة ببلورة استراتيجيات وطنية متعددة القطاعات، ومخططات عمل بموارد كافية، وبتنسيق مع منظمات المجتمع المدني، ووكالات الاأم المتحدة والمانحين، موضحة أن هذه المبادرات يجب أن تشمل تمكين الفتيات وتعبئة الأسر والمجتمعات المحلية، إضافة إلى توفير خدمات مناسبة، وخاصة في مجالات الصحة والتعليم والعدالة، وتوفير إطار قانوني يحمي الفتيات القاصرات من الزواج ونتائجه السلبية.

وإلى أن تتبلور الجهود الرسمية على أرض الواقع للحد من ظاهرة زواج القاصرات، تظل توعية المعنيات بالأمر بضرورة مقاومة الظاهرة، والمبادرات المدنية في هذا المجال سبيلا لا محيد عنه.

وهذا السبيل هو الذي سلكته كيلنس فيري (13 سنة) من زامبيا، التي بعثت بصورتها لمعرض “صرخات الفتيات” تقول “أخبرت والدتي أنني أرغب في الذهاب للمدرسة لتكون لي حياة أفضل. ولن أتخذ قرار الزواج إلا حين أكون مستعدة (..) صحيح أنه تطرح على المرء تحديات يتعين رفعها. لكني أقول لنفسي إن هذه التحديات لا يمكن أن توقف مسيري ويجب أن أواصل. لا شيء يمكن أن يعصف بأحلامي”.

اقرأ أيضا

مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بنظام الدعم الاجتماعي المباشر

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 16:44

صادق مجلس الحكومة، اليوم الأربعاء، على مشروع مرسوم يتعلق بنظام الدعم الاجتماعي المباشر، قدمه الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع.

مجلس الحكومة يتتبع عرضا حول تنفيذ ميزانية 2024 والإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025 والبرمجة الميزانياتية الإجمالية لسنوات 2025-2027

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 16:19

تتبع مجلس الحكومة، اليوم الأربعاء، عرضا حول تنفيذ ميزانية 2024 والإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025 وللبرمجة الميزانياتية الإجمالية لثلاث سنوات 2025-2027، قدمته وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح.

أليستر بيرت يشيد بالرؤية “المتميزة” لجلالة الملك من أجل إفريقيا

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 15:55

أشاد وزير الدولة البريطاني السابق لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أليستير بيرت، بالرؤية “المتميزة” و”الشاملة” لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل التنمية والاندماج الاقتصادي بإفريقيا، مبرزا الانخراط الفعال للمغرب ولجلالة الملك في ضمان مستقبل مزدهر للقارة وشعبها.