رمضان بلبنان…كثير من الخوف من الإرهاب وقليل من الفرح الكروي ينعش شوارع لبنان ليلا

– من المراسل الدائم للوكالة ببيروت : عبد الله البشواري –

بيروت -باستثناء فرح تنثره لعبة كرة القدم هنا وهناك بشوارع لبنان ليلا، خاصة شوارع بيروت، اختفت الأجواء الرمضانية التي اعتادها اللبنانيون وحلت محلها هواجس أمنية مقلقة في هذا الشهر الفضيل، خاصة مع عودة الاضطرابات الأمنية الى الواجهة بعد تفجيرات استهدفت مناطق عدة بهذا البلد، منها وسط بيروت.
ويبدو الشارع اللبناني مع الأيام الأولى لرمضان “عادي جدا”، وغابت عنه الأجواء الرمضانية…لا علامات تدل على أن رمضان حل “هنا”، المقاهي التي عادة ما تكون مكانا للتجمعات والإفطارات الجماعية خارج البيوت في “رمضانات” بيروت زمان، “شبه فارغة”.
ويعود سبب هذا المشهد الى ما عرفته لبنان خلال الأسبوعين الأخيرين من تفجيرات، وصلت هذه المرة الى بيروت، التي اجتهدت السلطات الأمنية “كثيرا” حتى لا تقترب نيرانها الى العاصمة ،القلب النابض للبلد.
ويتزحزح هذا المشهد “نوعا ما” مع خروج الشباب، جماعات بضجيج سياراتهم ودراجاتهم النارية وأبواقها الصاخبة، استعدادا لمتابعة مباريات كأس العالم المقامة حاليا بالبرازيل التي تبث ليلا، لينشر هذا الشباب حركية “خجولة” تنتهي مع انتهاء المباريات فيعم السكون.
ومن العلامات التي تشير الى أن رمضان قد حل بلبنان حركة “خجولة” سويعات قبل موعد الإفطار، حيث يقبل الصائمون على شراء بعض المواد التي تكون ضرورية لمائدة الإفطار، خاصة تلك المكونة لوجبة “الفتوش” أو “التبولة” وبعض من المشروبات الشعبية ك “الجلاب” (عضير تمر هندي) … كما تدل على النفحات الرمضانية صناديق مخصصة للزكاة ولجمع التبرعات لليتامى من قبل جمعيات ، نصبت على طول أهم الشوارع، خاصة شارع الحمراء.
وبسبب الوضع الأمني المتوتر تم إلغاء عدد من الإفطارات الجماعية التي تقام عادة في هذا الشهر الفضيل ، إذ أعلنت حركة “أمل” ، التي يتزعمها نبيه بري، مثلا عن إلغاء “جميع افطاراتها التي كانت تنوي اقامتها في جميع المناطق اللبنانية، وذلك نظرا للاوضاع العامة في البلاد، والظروف الامنية المستجدة على الساحة الداخلية، وذلك حفاظا على سلامة المجتمعين”.
كما أعلنت “مؤسسة واحة الشهيد اللبناني” التي تعنى بمتابعة أوضاع أسر الشهداء وعوائل الجرحى والمحتاجين عن “إلغاء إفطارها السنوي العام”.
وفي ذات السياق حض مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني في رسالة الى اللبنانيين بمناسبة حلول شهر رمضان على الوعي ب”بصيرةٍ من توالي الأحداث والمصائب التي تطرق أبواب” لبنان ب”شدة كل يوم”، مشيرا الى أن لبنان “أمام واقع مرير يتخبط في أعاصيره ، ويدفع الوطن والمواطن تكاليفه مِن أمنه وحياته ولقمة عيشه كل يوم، بينما الفراغ في رئاسة الجمهورية يفتح الباب واسعا أمام الانفلاتِ الأَمني إضافة الى الانفلات السياسي، ويفتح الأبواب الموصدة أمام المتربصين بلبنان شرا، للتغلغل في صفوفِ أبنائه وزرع الفتن بينهم، والتلاعب بأمنهم كما حدث لمرات عدة منذ أيام”.
وعبر قباني عن تخوفه من تكرار المشهد “اليوم وغدا وفي المستقبل، بتفجيرات وضحايا ودماء لا ندري مداها ولا ساحلها ولا أمواجها ولن نجد الحلول لها في غياب رأس الدولةِ”
وتابعت وسائل الإعلام هذا الهم الذي يشغل بال الناس، الهم “الداعشي” الذي بات مصدر قلق الناس والأجهزة الأمنية والسياسيين ، ونقلت هذه الوسائل عن مصادر أمنية رفيعة المستوى أن الأجهزة “باتت تتعامل بجدية” مع إمكانية ان يكون تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) قد اتخذ قرارا بتنفيذ أعمال إرهابية في لبنان..، بعدما تبين أن آخر ثلاثة انتحاريين أوقفتهم السلطات، منهم، الذي أوقف بعد تفجير فندق “دي روي” بمنطقة الروشة بالعاصمة، أرسلهم (داعش) إلى لبنان”.
على هذا الوقع إذن انطلق شهر رمضان في لبنان وكأن قدر اللبنانيين أن لا يهنئوا حتى بأفضل شهر في السنة التي قضوها في قلق مزمن من وضعهم السياسي والأمني.