ذكرى انتفاضة سويتو .. جنوب إفريقيا تتوجس من مستقبل شباب على حافة الاختناق

                 (عبد الغني عويفية)

   جوهانسبورغ – خلدت جنوب إفريقيا، أمس الخميس، الذكرى الأربعين لانتفاضة سويتو، وهي مناسبة لمختلف مكونات المجتمع الجنوب إفريقي للوقوف عند وضعية شباب مصاب بخيبة أمل نتيجة وعود لم تتحقق من طرف النخبة الحاكمة.

   ويأتي تسليط الضوء على وضعية هؤلاء الشباب في أيام الاحتفال بانتفاضة 1976، كمؤشر لقراءة الوضع، خاصة وأن هذه الانتفاضة التي شكلت منعطفا حاسما في كفاح الشعب الجنوب إفريقي من أجل الحرية، كانت بفعل وقيادة الشباب.

   ومنذ هذا التاريخ، أي 40 سنة مضت، ما زال الشباب الجنوب إفريقي يحلم بمستقبل كريم ومزدهر. فالعديد منهم انغمس في اليأس في ظل أمة تعاني من الفساد والزبونية والمحسبوية على مرآى ومسمع من قيادات المؤتمر الوطني الإفريقي (الحزب الحاكم).

   وفي هذا الصدد، دق ممومسي مايمان، رئيس حزب التحالف الديمقراطي (حزب المعارضة الرئيسي)، ناقوس الخطر بشأن الوضعية المقلقة لهؤلاء الشباب، مشيرا إلى أن البطالة التي يعاني منها الشباب في بلد نيلسون مانديلا تشكل تهديدا حقيقيا للديمقراطية الفتية لجنوب إفريقيا.

   وأضاف، في تجمع بجوهانسبرغ، أن “الديمقراطية في جنوب إفريقيا توشك على الانهيار إذا لم تستطع البلاد إعادة الدينامية للاقتصاد وخلق مناصب شغل”، واصفا البطالة بالظاهرة التي ترهن مستقبل البلاد كلها.

    وحسب أرقام رسمية، فالبطالة تمس ما يقارب 27 في المائة من الساكنة النشيطة. ووفقا لتحليلات مستقلة، فقد قفز  هذا المعدل إلى أكثر من 50 في المائة بين الشباب بالمناطق الهشة.

   وأظهرت دراسة أجرتها الوكالة الرسمية للاحصائيات (إحصائيات جنوب إفريقيا)، أن ملايين الشباب الجنوب إفريقيين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و34 سنة، يعيشون تحت خط الفقر، مضيفة أن حوالي 70 بالمائة منهم يمارسون أنشطة محظورة نتيجة الفقر.

   ويزيد التباطؤ الاقتصادي المقلق من تأزم الوضعية الهشة لفئة الشباب. فمستوى النمو الاقتصادي سيبلغ صفر سنة 2016، في الوقت الذي لا يستبعد فيه المحللون إمكانية دخول البلاد في ركود اقتصادي خلال هذه السنة.

   واعترف المحللون، في المقابل، بالتقدم الكبير الحاصل في جنوب إفريقيا، منذ سقوط نظام الفصل العنصري سنة 1994، والمتعلق بتحسين وضعية الشباب.

   وأضافوا أن تراجع الحماس والنضال داخل دواليب الدولة منذ سنة 1999 فسح المجال في نهاية المطاف للفساد والزبونية، مشيرين إلى أن هذا الوضع، المتفاقم جراء الأزمة الاقتصادية، اصطدم بارتفاع معدلات الفقر وتهميش فئات واسعة من الشباب.

    ووجه المحللون سهام الانتقاد خصوصا إلى النظام التعليمي حيث تبرز الفوارق بشكل أكبر.

  وعبرت شايرا كالا، واحدة من قيادات الاحتجاجات الطلابية ضد ارتفاع الرسوم الجامعية في جنوب إفريقيا، عن استنكارها لما أسمته نظاما تعليميا “نخبويا” تفضل فيه الجامعات البيضاء، على غرار زمن الأبرتايد.

  وبالنسبة للمحللة بيبا غرين، فإن الجنوب إفريقيين الذين ازدادوا بعض تفكيك نظام الفصل العنصري يواجهون تحديات أصعب من تلك التي واجهها آباؤهم الذين كانوا على حافة الموت أو السجن في سعيهم من أجل التحرر من قيود نظام عنصري منتصر لأقلية بيضاء.

   وأشارت إلى أن تدهور النظام التعليمي وارتفاع معدلات البطالة تشكل العناصر اللازمة لوضعية ستولد الانفجار خاصة بالنسبة لبلد تقل أعمار نصف سكانه عن عمر 25 سنة.

      وحسب المحللة، فإن مثل هذا المعطى الديمغرافي كان سيمثل مؤهلا أساسيا في بلد يعرف نموا قويا، إلا أن جنوب إفريقيا حاليا تصارع تباطؤا اقتصاديا متزايدا.