ذكرى استشهاد البطل علال بن عبد الله مناسبة لاستحضار سمو الروح الوطنية وقيم التضحية

    الرباط  –  يخلد الشعب المغربي، بعد غد الأحد، الذكرى الـ63 لاستشهاد البطل علال بن عبد الله، أحد أبرز رموز المقاومة الوطنية، والذي استطاع، بفضل عمل شجاع دفع حياته ثمنا له، أن يجسد ثورة شعب بأكمله على رموز الاستعمار.

    ففي يوم 11 شتنبر 1953، هاجم الراحل علال بن عبد الله، متسلحا بإيمانه ووطنيته، السلطان الوهمي بن عرفة الذي نصبه الاستعمار، حين كان متوجها إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة، ليعبر عن تشبثه الوثيق بالوطن وحماية القيم المقدسة للمملكة، وليدشن بذلك حقبة جديدة ضمن كفاح الشعب المغربي من أجل عودة جلالة المغفور له الملك محمد الخامس الذي تعرض للنفي في 20 غشت 1953.

   اعترضت قوات الاستعمار التي كانت توفر الحماية للسلطان الوهمي، سبيل المناضل الوطني، غير أنها لم تتمكن من مقاومة رغبة الشهيد في بذل النفس في سبيل الوطن.

   هذا العمل البطولي الذي قام به المناضل الكبير، والذي خلدته الصور، يشهد على شجاعة هذا المقاوم المغربي كما يدل على الروابط الوثيقة القائمة بين الشعب وملكه، والتي حاولت سلطات الحماية جاهدة فكها دون جدوى. فهذا العمل التلقائي نبع من مواطن مغربي لم ينتم إلى حزب سياسي أو منظمة معينة.

   وقد دشن هذا العمل البطولي انطلاقة المقاومة المسلحة التي ستدوم سنتين، بتأسيس جيش التحرير الوطني وانخراط آلاف المغاربة في المقاومة، مما أجبر القوات الاستعمارية على الانخراط في مفاوضات طويلة للموافقة أخيرا على عودة جلالة المغفور له الملك محمد الخامس في نونبر 1955.

   ازداد علال بن عبد الله في كرسيف (قبيلة هوارة) بإقليم تازة سنة 1916، وبعد أن عاش حياة بسيطة زاول خلاله مهنة صباغ في مسقط رأسه، انتقل إلى الرباط بحي العكاري حيث اشتهر بتشبثه بالقيم النبيلة والروح الوطنية، مما مكنه من نسج علاقات مع العديد من الوطنيين.

    وبهذا الصدد، كان جلالة المغفور له الملك محمد الخامس قد قال “إن الشعب المغربي مفطور على الاعتراف بالجميل ولن ينسى عمل أولئك الذين كان لهم فضل المقاومة سواء بالسلاح أو اللسان، أو المال، وإنه لجدير بذكرى المكافحين أمثال الزرقطوني وعلال أن يخصص لهم يوم يكـون أحد أيامنا المشهـودة لتكون ذكرى لائقة بنضالهم، ناطقة بعظمة كفاحهم”.

   لقد كان لهذه العملية البطولية والجريئة للشهيد علال بن عبد الله أثرها البالغ في زعزعة كيان الاستعمار، إذ تلقى المغاربة أصداء هذه المعلمة التاريخية باستبشار وفرح عارم اندلعت على إثرهما المقاومة المغربية وتوالت فصولها من خلال عمليات نضالية رائدة بمباركة من الملك المجاهد الذي كان يؤمن بحتمية الانتصار على الظلم والطغيان.