خمسون سنة من التجربة البرلمانية المغربية….مسار متدرج لتكريس خيار الديمقراطية التعددية

خمسون سنة من التجربة البرلمانية المغربية….مسار متدرج لتكريس خيار الديمقراطية التعددية

الجمعة, 22 نوفمبر, 2013 - 11:44

الرباط – تميزت التجربة البرلمانية المغربية، منذ ميلاد أول برلمان من غرفتين مع صدور أول دستور بعد الاستقلال في 14 دجنبر 1962 وإجراء أول انتخابات تشريعية في 17 مايو 1963 ، بنهج مسار متدرج توخى تكريس خيار الديمقراطية البرلمانية التعددية بشكل جعل منها تجربة ديمقراطية ذات خصوصية تميزها عن غيرها من التجارب.
وتنبع أهمية التجربة الديمقراطية البرلمانية المغربية، التي تستمد شرعيتها من التراكمات التي تحققت على مدى نصف قرن، من كون هذا النموذج أصبح متأصلا في الدستور الجديد ل 2011 الذي سعى الى تكريسها كواقع وليس كشعارات ظرفية.
وبين البدايات الاولى للتجربة المغربية وواقع الحال اليوم، يتضح أن المنحى العام للتجربة الديمقراطية سار في اتجاه توسيع أدوار السلطة البرلمانية والارتقاء بها الى سلطة تشريعية مقارنة بالدساتير السابقة.
ففي مجال السلطة التشريعية، أصبح الدستور المغربي الجديد ينص على أن “يمارس البرلمان السلطة التشريعية” وذلك بعدما كانت هذه الأخيرة في الدساتير المغربية السابقة موزعة بين المؤسسة الملكية والبرلمان والحكومة.
فالتشريع في دستور 2011، أصبح اختصاصا  شبه حصري للبرلمان، حيث توسع مجال القانون، ليرتفع من 30 مجالا في دستور 1996، إلى أكثر من 60 مجالا في الدستور الجديد.
وعرفت اختصاصات البرلمان في مجال التشريع أيضا، توسعا موازيا في مجال الرقابة على العمل الحكومي. وهذا ما يتجلى بشكل صريح من خلال مجموعة من المقتضيات همت بالخصوص التنصيب البرلماني للحكومة، والاسئلة وملتمس الرقابة والجلسة المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة.
ومن أبرز الاختصاصات التي يتوفر عليها تلك التي تتضمنها الفقرة الثالثة من الفصل 132 من الدستور الجديد ، والتي تنص على أنه ” يمكن للملك، وكذا لكل من رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس المستشارين، أو خمس أعضاء مجلس النواب، أو أربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين، أن يحيلوا القوانين قبل إصدار الأمر بتنفيذها، إلى المحكمة الدستورية، لتبت في مطابقتها للدستور”.
ومن ضمن مظاهر التطور التي عرفتها الممارسة البرلمانية ، والتي تستهدف النهوض بالعمل البرلماني، والعمل على تطويره وعقلنته ومأسسته، تلك المتعلقة بالمعارضة البرلمانية، حيث خصها الدستور الجديد بمكانة متميزة، وخولها العديد من الحقوق، كما جعل منها شريكا أساسيا في صناعة التشريع والرقابة على العمل الحكومي إلى جانب الأغلبية البرلمانية.
وإلى جانب تعزيز وتوسيع الصلاحيات التشريعية يمكن القول أن المؤسسة البرلمانية لعبت دورا مهما على صعيد إقرار القوانين المتعلقة بالرقي بتمثيلية النساء والشباب والنهوض بدور المجتمع المدني وتخليق الحياة السياسية.
واستحضارا للمسار الذي قطعته الممارسة البرلمانية بالمغرب كان جلالة الملك محمد السادس قد أكد في خطابه الافتتاحي للدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية التاسعة في 11 أكتوبر الماضي بمقر البرلمان، “إن الممارسة البرلمانية التعددية ببلادنا ليست وليدة الأمس، بل هي خيار استراتيجي يمتد على مدى نصف قرن من الزمن، نابع من الإيمان العميق للمغرب وقواه الحية، بالمبادئ الديمقراطية. وهو ما يجعل النموذج البرلماني المغربي، رائدا في محيطه الجهوي والقاري”.
وأكد جلالة الملك أن البرلمان المغربي “ذاكرة حية، شاهدة على المواقف الثابتة والنضالات الكبرى التي عرفتها بلادنا في سبيل السير قدما بمسارها السياسي التعددي، غير أن الكثيرين لا يعرفون، مع الأسف، تاريخ مؤسساتنا، وما طبع تطورها من حكمة وبعد نظر، ضمن مسار تدريجي، وبإرادة قوية وخاصة، دون أن يفرضه علينا أحد”.
وقال جلالته إن هذا النهج هو نفس النهج السليم، الذي تم اعتماده لتعزيز مكانة المؤسسات، إذ أصبح البرلمان اليوم، المسؤول الوحيد على إقرار القوانين مؤكدا جلالته أن تطور المسار المؤسسي بالمغرب يقوم على التجديد المستمر، واستثمار التراكمات الايجابية للممارسة النيابية، على الصعيدين الوطني والمحلي، باعتبارهما مسارين متكاملين.
غير أن الرهان الحقيقي لهذه التجربة البرلمانية يبقى هو الإعمال السليم للدستور، سواء على مستوى الممارسة النبيلة للوظيفة التمثيلية التي لا يجب أن تكون متخلفة عن الدستور الجديد أو على صعيد نوعية المنتوج التشريعي وما يتعلق تحديدا بالنصوص التنظيمية المكملة للدستور على اعتبار أن المرحلة التي يعيشها المغرب اليوم تعتبر تأسيسية.
وفي هذا الخصوص دعا جلالة الملك النواب إلى ضرورة اعتماد روح التوافق الوطني خلال بلورة وإقرار هذه القوانين التنظيمية، وذلك بنفس المنهجية التشاركية الواسعة، التي ميزت إعداد الدستور، وحثهم على أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملة في القيام بمهامهم التشريعية،” لأن ما يهمنا، ليس فقط عدد القوانين، التي تتم المصادقة عليها، بل الأهم من ذلك هو الجودة التشريعية لهذه القوانين”.
وشدد جلالته على ضرورة اعتماد الحوار البناء، والتعاون الوثيق والمتوازن، بين البرلمان والحكومة، في إطار احترام مبدأ فصل السلط، بما يضمن ممارسة سياسية سليمة، تقوم على النجاعة والتناسق، والاستقرار المؤسسي، بعيدا عن تحويل قبة البرلمان إلى حلبة للمصارعة السياسوية.

اقرأ أيضا

المغرب يعمل بشكل حثيث على تحقيق أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (السيد حجيرة)

الثلاثاء, 5 نوفمبر, 2024 في 16:55

أكد كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة المكلف بالتجارة الخارجية، السيد عمر حجيرة، اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء، أن المغرب، باعتباره فاعلا اقتصاديا رئيسيا في إفريقيا، يعمل بشكل حثيث على تحقيق أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.

السيدة بنعلي.. الوزارة ستواصل خلال سنة 2025 العمل على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة

الثلاثاء, 5 نوفمبر, 2024 في 15:05

أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلي بنعلي، اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، أن الوزارة ستواصل العمل خلال سنة 2025 على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة.

موسم الشمندر السكري 2024-2025: كوسومار تروم مضاعفة المساحات المزروعة لتصل إلى 45000 هكتار

الثلاثاء, 5 نوفمبر, 2024 في 14:15

أطلقت مجموعة كوسومار الموسم السكري الجديد، مع برنامج يغطي 45000 هكتار، مقابل 23000 هكتار في العام السابق.