حوار التوافق الوطني بالبحرين متعثر، ولا بوادر لعودة المعارضة إلى جلساته

حوار التوافق الوطني بالبحرين متعثر، ولا بوادر لعودة المعارضة إلى جلساته

الثلاثاء, 24 ديسمبر, 2013 - 10:30

(من المراسل الدائم للوكالة بالمنامة، أحمد الطاهري)

المنامة -من المقرر أن تعقد أطراف حوار التوافق الوطني بالبحرين جلستها القادمة، يوم غد الأربعاء بالمنامة، في وقت لا تلوح فيه بوادر لعودة المعارضة إلى هذه الجلسات، بعد أن علقت مشاركتها فيها في شهر شتنبر الماضي.

وكانت (القوى الوطنية الديمقراطية) المعارضة، المكونة من خمس جمعيات أبرزها (جمعية الوفاق الإسلامية) الشيعية، قد اتخذت هذا القرار إثر حبس أحد قادة الجمعية، احتياطيا لمدة شهر، بتهمة التحريض على الإرهاب.

وأعلنت هذه القوى أنها ستخضع قرارها للمراجعة المستمرة “في ضوء التطورات السياسية والحقوقية على أرض الواقع والتفاعل معها وفقا للمعطيات والمستجدات التي تشهدها الساحة السياسية والأمنية في البحرين”، عازية القرار وقتها إلى “الانتهاكات التي تقوم بها السلطة، ورفضها الالتزام بما ألزمت نفسها به”.

في المقابل، وبعد تعليق جلسات الحوار عدة مرات إمهالا لقوى المعارضة لتحديد موقفها النهائي من المشاركة في استكمال الحوار في محوره السياسي، تبدو الأطراف الثلاثة الأخرى (ائتلاف الجمعيات الوطنية السياسية المكون من تسع جمعيات، والحكومة، والبرلمان) مصرة على إكمال الحوار حتى من دون حضور المعارضة.

وتوافقت هذه الأطراف على بحث “أولويات العمل السياسي في ضوء المتطلبات الدستورية في المرحلة القادمة” وإدراجه كبند رئيسي في جدول الأعمال، بعد أن ألقت باللائمة على المعارضة في “تعثر الحوار وإضاعة الفرص”.وأكدت هذه الأطراف حرصها على دعم التطور الديمقراطي، في ضوء الاستحقاقات الدستورية خلال المرحلة القادمة وفي ظل ما تشهده البلاد من “انتقال إلى فصل جديد من هذا التطور في ضوء التعديلات الدستورية التي جاءت تنفيذا لنتائج حوار التوافق الوطني الأول”.

واعتبرت أن أي حوار وطني لا يقوم إلا على تأكيد جميع من يشارك فيه على مرجعية الميثاق الوطني واحترام الدستور وحكم القانون والمؤسسات التشريعية القائمة وجميع ما نتج عن المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد، وأن يكون ذلك أساسا للإصلاحات السياسية التي يتم التوافق عليها.

وكان الملك حمد بن عيسى آل خليفة قد أطلق الدعوة للاجتماع على طاولة الحوار الوطني عام 2011، بهدف “تحقيق تطلعات التوافق الوطني حول قضايا شاملة من شأنها الاستمرار والدفع بعجلة الإصلاح والتنمية الشاملة في مملكة البحرين في ظل الوحدة الوطنية للشعب البحريني وقيمه المجتمعية”.وتؤكد الحكومة أنه لا بديل عن حوار التوافق الوطني لمناقشة كافة القضايا السياسية التي تهم الوطن، وأن هذا الحوار سيستمر حتى تلتحق به الجمعيات الخمس الأخرى (المعارضة) لاستكمال حلقاته، معتبرة أن فرصة التقدم نحو حل سياسي توافقي يرضي الجميع لا تزال قائمة، “إذا ما صدقت النوايا وتوقف منهج الابتزاز والمساومة السياسية والتعدي على القانون والإضرار بمصالح المواطنين”.

وقال وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، الشيخ خالد بن علي آل خليفة، في حديث صحفي، إن إعلان الجمعيات الخمس تعليق حضور جلسات الحوار يستند إلى مبررات ترتبط في مجملها بمطالب تتدخل مباشرة في عمل السلطة القضائية، مثل المطالبة بإطلاق سراح المحكوم عليهم أو الموقوفين على ذمة قضايا الحق العام أو الإرهاب.

وأشار إلى أن التصعيد الإرهابي بالبحرين والذي أقر إثره البرلمان العديد من التوصيات لمواجهته، “لم يلق أي تنديد من الجمعيات الخمس المعارضة رغم خطورته ومسه بالأمن الوطني والاستقرار الاجتماعي والسياسي، حيث لم تتخذ أي موقف صريح وحازم إزاء تلك الأعمال الإرهابية، التي يقع على عاتق الدولة مسؤولية وضع حد لها بكل حزم ووفقا لمقتضيات القانون”.

واعتبر الوزير أنه “بدلا من تعليق المشاركة في الحوار كان يجب مساندة الدولة في ما اتخذته من إجراءات قانونية ضد التحريض على الإرهاب وتغطيته ورعايته علنا، ومنها واقعة تخللت نشاطا للجمعيات الخمس، وأظهرت تبني ومساندة تنظيم إرهابي بشكل علني وسافر من أحد القيادات المعارضة، وهو أمر موثق ومعلن ولم يكن من الممكن السكوت عنه لأنه يشكل مخالفة صريحة للقانون”.

وترفض الحكومة تذرع المعارضة بوجود “سجناء للرأي” لتعليق المشاركة في الحوار، مؤكدة أنه لا يوجد في البحرين اليوم سجناء رأي، وإنما محكوم عليهم نتيجة ارتكابهم لجرائم وفقا للقانون. كما تطالب بالالتزام بما جاء في قانون الجمعيات السياسية من ضوابط، وخصوصا التوقف عن “الخلط الواضح” بين المنبر الديني والمنبر السياسي، و”وقف العبث بمسار الحوار والمحاولات المتكررة لتعطيله”، والدخول في مواضيع جدول الأعمال دون أي شروط مسبقة.

وبالمقابل، تنفي المعارضة دعمها للإرهاب، إذ جددت مؤخرا، في بيان، تمسكها بوثيقة (إعلان مبادئ اللاعنف) التي أصدرتها في نونبر 2012، والتي أعلنت فيها التزامها باحترام الحقوق الأساسية للأفراد والقوى المجتمعية والدفاع عنها، وبعدم نهج أي من أساليب العنف أو تجاوز حقوق الإنسان والآليات الديمقراطية.

واعتبرت أنه “بدلا من فتح تحقيق شفاف وجاد في الجرائم التي ارتكبت بحق المعتقلين والمواطنين الآمنين، تمارس السلطات سياسة الإفلات من العقاب بتبرئة متهمين بممارسة التعذيب أو إصدار أحكام مخففة، بينما يتم تشديد العقوبات على الناشطين والمتظاهرين السلميين من أجل تكميم الأفواه ولجم الحراك السلمي”.

وترى قوى المعارضة أن الأسباب التي دفعتها إلى تعليق حضورها جلسات الحوار الوطني “لازالت قائمة، بل وزادت بسبب التصعيد الأمني والسياسي والإعلامي الذي تمارسه السلطة، واستمرار عدم تمثيل الحكم على طاولة الحوار”.ورأى المتحدث باسم فريق هذه القوى، سيد جميل كاظم، في تصريح صحفي، أنه “في طاولة الحوار كان هناك طرف يمثل غالبية سياسية وهو قوى المعارضة وهي غائبة الآن، والحكم كذلك غير ممثل، وبالتالي فإن أهم ركنين في أي حوار وطني غير متواجدين، فما الذي يمكن أن تناقشه هذه الطاولة حاليا¿”.

ويبرز العامل الطائفي بحدة في الأزمة القائمة، إذ في الوقت الذي تؤكد فيه السلطة أن الأزمة سياسية وليست طائفية، وأن شيعة البحرين يحصلون على حقوقهم كاملة في المجتمع البحريني، ووصلوا لأعلى السلطات، تقول (جمعية الوفاق)، المتزعمة للمعارضة، إن “التمييز في البحرين سياسة ممنهجة ومتغلغلة في معظم الوزارات”.

وفي ضوء هذا المشهد، يبدو أن أزمة الثقة آخذة في التفاقم بين السلطة وجمعيات سياسية ترى أن ما تشهده البلاد ليس حراكا سلميا يتوخى تحقيق المزيد من المكاسب والمزايا الديمقراطية بل حراكا يستغل شعارات المعارضة لتأجيج الشارع والضغط عن طريق انتهاج العنف والإرهاب بدعم من أطراف خارجية، وبين المعارضة التي تقول إن تحركها سلمي داخلي لا يروم سوى إقرار المشاركة السياسية العادلة وتداول السلطة وتكريس احترام حقوق الإنسان وبناء الدولة المدنية الديمقراطية.

إلى ذلك، انبرى إعلاميون في الدفاع عن حق الدولة في ضمان الأمن والاستقرار ومواجهة الجماعات الخارجة عن القانون بتغطية من الجمعيات السياسية المعارضة، بل انتقدوا “تقصير” السلطة في التعامل مع الجهات الحاضنة والمحرضة على أعمال العنف التي تستهدف أجهزة الأمن والممتلكات العامة والخاصة في بلد وصفه بعضهم بأنه أكبر دولة في العالم تشهد استخدام الزجاجات الحارقة (المولوتوف).

ويعتبر مراقبون أنه بعد الأزمة الأمنية الخطيرة التي مرت بها البحرين، وبعد فترة الجمود السياسي التي أعقبتها، أضحت الأكثرية في طرفي السلطة والمعارضة، معا، مقتنعة بأن الوضع القائم يعد جد مكلف بالنسبة للبلاد، وبالتالي يتعين الخروج بحلول وسط، في ضوء الخشية من أن استمرار الأمور على ما هي عليه من احتجاجات وصدامات وضحايا، قد يؤدي الى إشاعة اليأس والإحباط من إمكانية الحل السلمي، وذلك مع ارتفاع وتيرة العنف في مناطق متفرقة بالبلاد.ومما يزكي ضرورة الخروج بتسوية سياسية توافقية يستعيد معها الاقتصاد قدرا كبيرا من عافيته، تشجيع القوى الدولية للحوار، بل إلحاحها عليه، واعتبار الإصلاحات السياسية في المنطقة البديل الصحيح للهزات والقلاقل الخطيرة التي تعصف بها. ويخشى المراقبون من أن فشل حوار التوافق الوطني في البحرين قد يدخل البلاد في مرحلة تصعيد تتسم بالمزيد من العنف والراديكالية، وقد يؤدي إلى اتساع الشرخ الاجتماعي الطائفي، وإلى مزيد من التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي، سواء كان من دول أو من منظمات دولية.

اقرأ أيضا

أولمبياد باريس 2024 (ملاكمة/54 كلغ).. المغربية وداد برطال تتأهل إلى ربع النهائي

الثلاثاء, 30 يوليو, 2024 في 15:03

تأهلت الملاكمة المغربية وداد برطال، اليوم الثلاثاء، إلى الدور ربع النهائي في وزن أقل من 54 كلغ، ضمن دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024).

اليوم الثالث من المهرجان الدولي للفنون والثقافة “صيف الأوداية”.. أمسية فنية حافلة بإيقات متنوعة ومتميزة

الثلاثاء, 30 يوليو, 2024 في 11:02

تواصلت فعاليات الدورة الـ12 من المهرجان الدولي للفنون والثقافة “صيف الأوداية”، بمنصة كورنيش أبي رقراق بالرباط، بسهرة فنية، أحياها، مساء أمس الإثنين، عدد من الفنانين المغاربة، وذلك بمناسبة عيد العرش المجيد.

الاحصاء العام للسكان والسكنى.. انطلاق المرحلة الثانية من التكوين الحضوري للمشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين بجهة الرباط -سلا – القنيطرة

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 14:58

انطلقت، اليوم الإثنين بالرباط، المرحلة الثانية من التكوين الحضوري الخاصة بتكوين المشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين المشاركين في عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 بجهة الرباط – سلا – القنيطرة.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية