آخر الأخبار
حكامة الهجرة : مقاربة مغربية شاملة للاستجابة لظاهرة تزداد تعقيدا

حكامة الهجرة : مقاربة مغربية شاملة للاستجابة لظاهرة تزداد تعقيدا

السبت, 24 يونيو, 2023 - 12:02

(نور الدين حساني)

الرباط – لمواجهة ضغط الهجرة، التي ما فتئت تتزايد وتتعقد، يبذل المغرب جهودا جبارة في إطار مقاربة شاملة تغطي جميع أبعاد هذه الظاهرة ويحتل فيها صون الكرامة الإنسانية مكانة محورية.

فالمغرب الذي يواجه ضغطا متزايدا من التدفقات الهائلة للمهاجرين غير الشرعيين ، القادمين من إفريقيا وقارات أخرى ، أصبح منذ أكثر من عقد من الزمن ليس فقط بلد عبور نحو أوروبا ، بل وجهة للإقامة واللجوء بالنسبة للعديد من المهاجرين واللاجئين الفارين من أهوال النزاعات المسلحة وتبعات التقلبات المناخية.
– مقاربة إنسانية شاملة ومتضامنة
ومن منطلق قناعته بأنه لا يمكن تدبير الهجرة من خلال مقاربة أمنية صرفة فقط، انخرط المغرب في إرساء حكامة انسانية ومدمجة وشاملة للهجرة، قوامها التضامن واحترام التزامات المملكة الدولية في مجال حقوق الإنسان.

وفي الوقت الذي تتناقل فيه وسائل الإعلام في أحدث تقاريرها صورا حزينة عن الكرامة الإنسانية للمهاجرين ومواقف سياسية وإعلامية وانتخابية تعتبر المهاجر كبش فداء في مناطق تستثمر أكثر فأكثر في التحصينات والحواجز ، تأتي مبادرات المغرب لتقطع مع ذلك الرفض الغريزي للمهاجرين، وتعزز تفرد المملكة على المستوى الإقليمي ، حيث يعترف بريادتها التي تجسدت في مبادرات غير مسبوقة.

وتشكل هذه التدابير علامات فارقة في حكامة وتدبير الهجرة عالميا ومنها إطلاق مسلسل الرباط في عام 2006 (جسر حقيقي للتعاون بين الشمال والجنوب)، وميثاق مراكش العالمي (المرجع الرئيسي للتعاون الدولي) ، والأجندة الأفريقية للهجرة والمرصد الأفريقي للهجرة والمبادرة الملكية السامية التي تجسدت في عمليات جريئة لتسوية أوضاع أكثر من 50 الف مهاجر ، وإرساء إطار مرجعي شامل لاستقبال المهاجرين والتكفل بهم.

وفي سياق المبادرة الملكية السامية، جاء إرساء الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء لضمان اندماج أفضل للمهاجرين وتدبير أفضل لتدفقات الهجرة في إطار سياسة متناسقة، شاملة، إنسانية، ومسؤولة، وكل ذلك حظي باعتراف من إفريقيا التي اختارت صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، رائدا للهجرة في القارة.

وينعكس البعد الإنساني لتدبير الهجرة في المغرب أيضًا في العودة الطوعية المتاحة للمهاجرين الذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم مع الاحترام الكامل لحقوقهم وكرامتهم. فمنذ عام 2018 ، استفاد أكثر من 8.100 مواطن أفريقي من هذه العمليات التي نظمتها ومولتها وزارة الداخلية، جواً وبراً.
– المغرب فاعل مسؤول في تديبر تدفق المهاجرين
وفي الوقت نفسه ، يواجه المغرب ، بصفته شريكًا مسؤولاً للاتحاد الأوروبي ، بصرامة، محاولات استخدام أراضيه كقاعدة لعبور غير شرعي إلى أوروبا ، دون أن يحصل على المواكبة اللازمة من شركائه عبر المتوسط.

وفي هذا السياق، وبالرغم من محدودية الموارد المتاحة ، تم منذ 2017 إحباط أكثر من 360 ألف محاولة هجرة غير شرعية وتفكيك حوالي 1300 شبكة لتهريب البشر ، وكلها عمليات جرت في ظل الاحترام الكامل لكرامة الإنسان وحماية ضحايا المافيات والجريمة المنظمة. ويشهد على ذلك عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين أنقذتهم البحرية الملكية المغربية، والذي بلغ قرابة 15 ألف شخص في سنة 2021 فقط.

إن مقاربة المغرب الحازمة والمتمحورة حول احترام البعد الحقوقي تفرغ من أي محتوى تلك الذرائع التي يتمترس وراءها بعض الفاعلين أو الجمعيات المعروفين بمواقفهم الدوغمائية، وبراديكاليتهم وتطرفهم في التحليل بشكل يخالف المنطق القائم على السياق والوقائع في أحداث مأساوية ، مثل اقتحام 24 يونيو 2022 على مستوى الناظور.

وتعد هذه الأحداث تجسيدا مأساويا لحجم التحديات التي تطرحها إدارة تدفقات الهجرة، مع العلم أنها تنفذ من قبل شبكات تهريب تتبنى أساليب عنيفة جدا وخصوصا خلال عمليات الاقتحام التي تنفذ بطريقة شبه عسكرية ينخرط فيها مقتحمون يعتمدون أساليب ترسخ الاعتقاد بأنهم عناصر مليشيات أو عسكريون سابقون قدموا من بلدان تعيش حروبا ونزاعات.

ففي الفترة ما بين عامي 2016 و 2022 وحدها ، تمكن المغرب من احباط أكثر من 145 اقتحاما من هذا النوع في محيط سبتة ومليلية المحتلتين.
– الشبكات الإجرامية واستغلال المهاجرين تقوض المقاربة الإنسانية التي ينهجها المغرب في مجال الهجرة
إن هذه المعطيات تظهر، كما سبق أن أكد الوالي مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية خالد الزروالي، كيف أن هذا البعد النبيل والفاضل للهجرة تقوضه الأعمال الإجرامية لشبكات الاتجار التي تستغل هشاشة الضحايا وتدفع بهم نحو مغامرات خطيرة ومميتة.

لقد سعى البعض لاستغلال المآسي الإنسانية، مثل مأساة الناظور ،في الوقت الذي كانت فيه الحاجة ملحة للبحث عن سبل لتوحيد عمل جميع المتدخلين المؤسساتيين والمجتمع المدني لدعم والارتقاء بالحكامة الوطنية للهجرة. إن الأهم كان هو استخلاص العبر وتحديد وتجاوز مكامن القصور المسجل عوض الاستمرار في الموقف المريح المقتصر على المعاينة غير المنتجة وتوجيه أصابع الاتهام بشكل ممنهج.

وعلى المستويين الإقليمي والدولي ، تدفع الدولة ثمن التراخي ، المقصود أحيانًا، من قبل جيران الشرق وتجد نفسها وحدها في مواجهة التطور المقلق لتدفقات الهجرة المقترنة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود.

إن كل هذه السنوات من تدبير الهجرة بما تحمله هذه الظاهرة من مآسي إنسانية، تؤكد أن التعامل مع قضية الهجرة يجب أن يتم في إطار المسؤولية المتقاسمة والشراكة مع أوروبا. وهذا التعاطي يتطلب علاوة على ذلك ، مقاربة أكثر استدامة ومفيدة للجميع ،تحمي حدود وسيادة البلدان وتفتح الباب بشكل رصين أمام التنقل الشرعي والمستدام للأشخاص بين الشمال والجنوب.

اقرأ أيضا

درعة- تافيلالت..انطلاق الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 في “ظروف جيدة جدا”

الأحد, 1 سبتمبر, 2024 في 21:44

انطلقت اليوم الأحد بمختلف أقاليم جهة درعة تافيلالت، وعلى غرار باقي جهات المملكة، عملية تجميع المعطيات في إطار الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024، وذلك في “ظروف جد جيدة”

الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024: انطلاق عملية تجميع المعطيات لدى الأسر بعمالة أكادير إداوتنان

الأحد, 1 سبتمبر, 2024 في 20:01

على غرار باقي أقاليم وعمالات المملكة، انطلقت اليوم الأحد على مستوى عمالة أكادير إداوتنان، عملية تجميع المعلومات من الأسر في إطار العملية السابعة للإحصاء العام للسكان والسكنى.

بني ملال.. انطلاق الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 على مستوى الجهة

الأحد, 1 سبتمبر, 2024 في 19:02

انطلقت، اليوم الأحد، بجهة بني ملال خنيفرة، وعلى غرار باقي جهات المملكة، عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024.