جنوب إفريقيا..الخطاب حول حالة الأمة مناسبة للرئيس زوما لإثبات مدى قدرته على حل الأزمة الاقتصادية

بقلم عبد الغني عويفية
جوهانسبورغ- ينتظر المحللون السياسيون وكافة الشعب الجنوب الإفريقي، الخطاب الذي سيلقيه غدا الخميس، الرئيس جاكوب زوما حول حالة الأمة الذي يشكل بالنسبة إليه محكا لإثبات مدى قدرته على حل الأزمة الاقتصادية التي ما فتئت تتفاقم في هذا البلد الصناعي الأول في القارة الإفريقية.
ويأتي الخطاب الذي سيلقيه زوما أمام البرلمان بمدينة كاب، في ظرفية صعبة، تتسم على الخصوص، بتنامي التوترات الاجتماعية، على خلفية أزمة اقتصادية عميقة باتت تثير تساؤلات ملحة حول المسار المستقبلي لبلاد قوس قزح.
وحسب التوقعات الأخيرة للبنك الدولي ولصندوق النقد الدولي، فإن الناتج الداخلي الخام لجنوب إفريقيا، سيسجل نموا ضعيفا هذه السنة.
ويتعلق الأمر بتراجع حاد سيحمل معه الكثير من المشاكل لبلد يعاني 25,5 من ساكنته النشيطة من آفة البطالة، حسب إحصائيات رسمية، فيمات يعيش أزيد من 60 في المئة من شبابه في مناطق هشة وفقيرة، حسب مصادر مستقلة.
وتكابد جنوب إفريقيا أيضا من أجل التخفيف من حدة الفقر المزمن الذي تعاني منه 39 في المئة من الساكنة، وهو ما يفسر مشاعر الاحباط السائدة لدى فئات عريضة من الساكنة التي نفذ صبرها وخاب أملها في تحقيق حلم الانعتاق الاجتماعي بعد 22 سنة من سقوط نظام الميز العنصري (الأبارتايد).
وحسب محللين ، فإن التوتر الاجتماعي، ما فتئ يتنامى بالبلاد لخلق مرتع خصب لشعبوية خطيرة توشك أن تزيد من حدة الانقسامات داخل مجتمع لم يتخلص كليا من ويلات ماض عنصري مؤلم.
وكان السيد زوما الذي تراجعت شعبيته بسبب الأزمة الاقتصادية وتدبيره الذي اعتبر كارثيا لشؤون البلاد ، قد دعا إلى عقد اجتماع مع مدراء الشركات الرئيسية بالبلاد.
وتوخى هذا اللقاء، بالخصوص، تعبئة القطاع الخاص الجنوب إفريقي القوي لتجنب التدهور الذي بات ملحوظا من قبل كبريات وكالات التصنيف الدولية، ولاسيما (فيتش ريتينغ) و(ستاندرد أند بورز).
وأقر السيد زوما خلال هذا اللقاء بأن المناخ الاقتصادي في البلاد كان صعبا، داعيا الحكومة والقطاع الخاص إلى العمل معا لإعادة تحفيز النمو الاقتصادي، مؤكدا أن التباطؤ الاقتصادي مكلف بالنسبة للقطاع الخاص والحكومة، وعبر عن التزامه بإعادة الوهج إلى جنوب إفريقيا كوجهة مفضلة بالنسبة للاستثمارات في إفريقيا.
وبغض النظر عن التصريحات التي تعبر عن النوايا الرسمية ، يعتبر المحللون أن الرأي العام ينتظر إجراءات ملموسة تنعكس بشكل مباشر على الحياة اليومية.
ويتعلق الأمر، حسب المحللين، بوضع خطير للغاية بالنسبة للمؤتمر الوطني الإفريقي، لاسيما في ظل سنة ستتميز بإجراء الانتخابات البلدية.
وحسب استطلاعات رأي أجريت مؤخرا، فإن المؤتمر الوطني الإفريقي سيمنى بخسارة فادحة خلال هذه الانتخابات التي ينتظر إجراؤها خلال النصف الأول من سنة 2016، لاسيما في المدن الكبرى كجوهانسبورغ وبريتوريا.
ويعتقد المحللون أنه سيكون لزاما على زوما في الخطاب الذي سيلقيه غدا الخميس فعل كل ما يلزم لتجنب استفحال حالة عدم الرضا المستشرية حاليا.
وعلقت الصحف الرئيسية للبلاد في افتتاحياتها التي خصصتها للخطاب حول حالة الأمة بأن مداخلة رئيس الدولة أمام البرلمان لن تأتي بأي جديد يذكر، معتبرة أن الرئيس زوما فقد على ما يبدو كل مصداقية.
واعتبر كاتب افتتاحية جريدة (بيزنس داي) التي تعنى بأوساط الأعمال أن المصداقية تمثل التحدي الابرز بالنسبة للسيد زوما.
ويأتي الخطاب حول حالة الأمة، في الحقيقة، بعد يومين فقط من انعقاد جلسة جديدة للمحكمة الدستورية خصصت لقضية (نكلاندلا)، التي يواجه فيها الرئيس الجنوب إفريقي تهما تتعلق باستعمال أموال عمومية لتمويل عملية إعادة تأهيل إقامته الخاصة.
وقررت المعارضة، التي انتهزت مناسبة انعقاد الجلسة الجديدة للمحكمة للرفع من حدة لهجتها تجاه الرئيس زوما، مقاطعة الخطاب الرئاسي إذا لم يقدم توضيحات بخصوص إعفاء وزير المالية السابق، نهلانها نيني، في دجنبر الماضي.
وكان هذا القرار قد أدى إلى انهيار العملة الجنوب إفريقية وألحق أضرارا ببورصة جوهانسبورغ قدرت بملايير الدولارات.