آخر الأخبار
تونس بعد خمس سنوات من اندلاع ربيعها .. من أحلام الثورة إلى تحديات الواقع وتوطيد الدولة

تونس بعد خمس سنوات من اندلاع ربيعها .. من أحلام الثورة إلى تحديات الواقع وتوطيد الدولة

الأربعاء, 13 يناير, 2016 - 11:21

(بقلم : عزيز لمسيح)

تونس – يحتفي التونسيون، يوم غد الخميس، بالذكرى الخامسة لثورتهم التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ولسان حالهم يردد “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل”، في سياق انتقلت معه البلاد من أحلام الثورة إلى تحديات الواقع وتوطيد مؤسسات الدولة.
واستنادا لشهادات عدد من المواطنين والخبراء والفاعلين السياسيين والمدنيين واستطلاعات رأي محلية، يمكن القول إن مواقف التونسيين وتقييماتهم لخمس سنوات بعد الثورة وللنتائج والمكاسب التي حققتها، تتراوح بين مواقف إيجابية بشكل عام تقر ببعض المكاسب المنجزة خصوصا على مستوى الحقوق والحريات، وبين آراء تعتبر أن ما تحقق لم يكن في “مستوى التضحيات والمطالب” التي رفعتها ثورة الياسمين، وأن البلاد عرفت “ترديا أمنيا واقتصاديا وخصاصا اجتماعيا غير مسبوق”.
وحسب نتائج استطلاع للرأي أنجزته مؤسسة سبر آراء تونسية شهيرة، وجوابا على سؤال “إلى أي درجة تحققت أهداف الثورة ؟”، بلغت نسبة من أجاب ب”صغيرة جدا” 9ر42 في المائة، و”صغيرة إلى حد ما” 6ر26 في المائة، و”لم يتحقق أي هدف” 4ر17 في المائة، و”كبيرة إلى حد ما” 1ر8 في المائة، و”كبيرة جدا” 1ر3 في المائة.
من هذا المنطلق أعربت العديد من الشهادات لمواطنين وحقوقيين وسياسيين ب”سيدي بوزيد”، مهد الثورة التونسية، في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام محلية، عن “خيبة أملهم” في حصيلة الثورة، معتبرين أنهم لم يجنوا منها “سوى الوعود، ومشاريع الوهم”، وأن حالهم تغير إلى “الأسوأ”، بل أكثر من ذلك يرون أن الثورة دعمت “الطبقات الثرية، وساهمت في ظهور أثرياء جدد، وتسببت في تدهور الأوضاع الاجتماعية للشرائح المتوسطة والفقيرة”.
في نفس التوجه، قال السوسيولوجي والخبير التونسي منير السعداني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن أهداف الثورة “ظلت مؤجلة”، وأن “الحصيلة بقيت محدودة” بل تم “الانحراف بالثورة على المستوى السياسي من خلال هيمنة شبكات وقوى قديمة على السلطة وعدم وجود قوى تمثل الفئات المستضعفة”، مضيفا أن الفئات الاجتماعية “لم تتمكن من جني ثمار تضحياتها وتحقيق العدالة الاجتماعية” التي ثارت من أجلها، وذلك بسبب “تكلس النخبة السياسية وتقليدانيتها، ونزوعها الانتهازي”.
وخلص إلى أن القول إن بارقة الأمل تتمثل في “قوى سياسية غير تقليدية لها قدرة على قراءة الواقع برؤى جديدة، خصوصا الشبابية منها، وإعادة بناء رهانات الثورة وتجديدها …”.
هذا الانطباع العام حول الحصيلة “المتواضعة” للثورة تردد صداه أيضا داخل أسوار “قصر قرطاج”، حيث أكد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، في لقاء مع نواب من “سيدي بوزيد” يوم 17 دجنبر الماضي، أن الثورة رفعت مطالب اجتماعية واقتصادية، وليست فقط مطالب الحرية والديمقراطية، وأن هذه الاستحقاقات الاجتماعية لم تتحقق بعد بل “ولم يتغير شيء” إلى الأفضل، مشيرا إلى ارتفاع نسبة البطالة والفقر وتهميش الجهات، بسبب “النمط التنموي المتبع في تونس منذ سنوات”.
ولتحقيق هذه المطالب، شدد قائد السبسي على ضرورة انطلاق التنمية الشاملة، “لتجنب ثورة ثانية ستقوم بسبب بطالة الشباب من أصحاب الشهادات العليا”.
تلك هي الخلاصة التي أكدها استطلاع الرأي المذكور، بخصوص سؤال حول “ما لم تتمكن الثورة من تحقيقه إلى حد الآن”، حيث أجاب 56 في المائة من المستجوبين أن الأمر يتعلق ب”الحد من البطالة”، و7ر39 في المائة ب”الأمن”، و4ر24 ب”تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد”.
من جهة أخرى ومقابل التوجهات التي رأت أن الثورة لم تحقق شيئا يذكر بالنظر إلى الخصاص الاجتماعي وضعف المنظومات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، اعتبر النائب البرلماني عادل الشاوش، في تصريح مماثل، أن الوضع لا يتقدم بالسرعة المطلوبة، ولكن على الرغم من ذلك حققت الثورة “مكاسب سياسية وديمقراطية مهمة، جنبت البلاد مآلات الحروب الأهلية”، كما حدث في مناطق أخرى من العالم العربي، مشيرا في المقابل إلى أن هذا السلم الاجتماعي يظل مهددا “ما لم يتم إطلاق مسار تنموي جديد، والاستجابة لمطالب الفئات الاجتماعية المحرومة”.
وبدوره أوضح الإعلامي والمحلل السياسي صلاح الدين الجرشي أن “ما حدث يوم 14 يناير بداية ثورة ذات نسق مفتوح، يمكن أن يحالفها النجاح كما أنه ممكن أن تفشل”، مبرزا أن من خصوصيات التجربة التونسية هو “محافظتها على الطابع السلمي، وعدم انزلاقها إلى الاحتراب”.
وأضاف أن الثورة التونسية تشوبها مفارقة تتمثل من جهة في تمكنها، على المستوى السياسي، من “تحقيق مكاسب هامة”، تمثلت في ترسيخ الانتقال الديمقراطي من خلال تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة، والمصادقة على دستور ديمقراطي، وتكريس حرية التعبير والصحافة والمعتقد، ونيل سمعة دولية من خلال جائزة نوبل للسلام، في المقابل لم تحقق أهدافها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، حيث منيت فئات اجتماعية من بينها الشباب بخيبة أمل كبرى.
ويشدد التونسيون، في غالبيتهم، على أن أهم مكسب حققته الثورة التونسية يتمثل في “الحريات والحقوق”، إذ أبرز هذا الاستطلاع أن 6ر60 في المائة من المستجوبين اعتبروا أن حرية التعبير هي “أكبر ثلاثة مكاسب حققتها الثورة”، بعدها يأتي مكسبي الديمقراطية ب4ر10 في المائة، والتشغيل ب4ر3 في المائة.
وفي هذا السياق، وبعدما توقف عند العديد من مكاسب الثورة، خصوصا فيما يتعلق بالحفاظ على “استقرار الدولة وعدم انهيارها كما حدث في أماكن أخرى”، شدد الإعلامي محمد الحمروني على أهمية الحرية، إذ أن “الدول المتقدمة بنت نهضتها أساسا على الحرية كقاعدة عامة، وعلى الديمقراطية باعتبارها الترجمة السياسية لمعنى الحرية”.
وحذر من التسرع في الحكم على الثورة التونسية بالفشل والإخفاق في تحقيق أهدافها، “فخمس سنوات ليست بالزمن الكبير في تاريخ الأمم والشعوب”، مضيفا أن الثورة “مسيرة طويلة وشاقة، ومعاناة يومية مستمرة، من أجل أن تتحول من مجرد فعل عفوي في الواقع، ومن مجرد سقف مرتفع من الأحلام والتوقعات إلى عقلية وثقافة وعمل”.
خمس سنوات مرت على ثورتهم، أصبح معها لسان حال التونسيين يردد : “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل …”.

اقرأ أيضا

جامعة الأخوين بإفران: الابتكار والتنافس أبرز عناوين اليوم الثاني من حدث “HPS Innovation Weekend”

الأحد, 29 سبتمبر, 2024 في 12:50

تميز اليوم الثاني من حدث “HPS Innovation Weekend “، المنظم بجامعة الأخوين بإفران، بالتنافس الشديد بين المجموعات الممثلة للطلبة.

إعطاء الانطلاقة الرسمية لـ”رالي” السيارات الكلاسيكية من طنجة

الأحد, 29 سبتمبر, 2024 في 12:21

أعطيت، السبت بطنجة، انطلاقة النسخة المتوسطية لـ”رالي” السيارات الكلاسيكية، الذي ينظمه نادي السيارات العتيقة بطنجة، بحضور مشاركين مغاربة وأجانب، وجمهور غفير من عشاق هذا النوع من السيارات.

الدار البيضاء..افتتاح معرض التصوير الفوتوغرافي “The Gunpowder Game” للمصور الأمريكي ريكي لافيرن مارتن

الأحد, 29 سبتمبر, 2024 في 12:08

جرى، اليوم السبت بمركز الفنون الأمريكي بالدار البيضاء، افتتاح معرض التصوير الفوتوغرافي “The Gunpowder Game” (التبوريدة)، للمصور الأمريكي ريكي لافيرن مارتن.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية