تفاؤل بلا حدود للمجتمع المدني حول مستقبل المتوسط في الذكرى العاشرة لميلاد مؤسسة آنا ليند

تفاؤل بلا حدود للمجتمع المدني حول مستقبل المتوسط في الذكرى العاشرة لميلاد مؤسسة آنا ليند

السبت, 1 نوفمبر, 2014 - 10:27

نابولي – بقلم: محمد بدوي- فوران في الأفكار ودينامية أمام جميع الاختبارات، وبالخصوص تفاؤل غير محدود وملامسة حلم جعل المتوسط ملاذا للسلم وفضاء ينتصر فيه الحوار بين الثقافات والقيم المشتركة لشعوب المنطقة على المواقف المتطرفة والعدوانية.

هذا ما حمله أساسا الاحتفال الكبير للمجتمع المدني الأورو-متوسطي الذي التأم فيه، على مدى أربعة أيام (من 27 إلى 30 أكتوبر الجاري) في نابولي جنوب إيطاليا، ممثلو منظمات غير حكومية قادمين من مختلف بلدان ضفتي المتوسط لتخليد عشر سنوات من وجود مؤسسة آنا ليند ورصد حصيلة عملها والتخطيط للمستقبل.

“الحوار” و”الحرية” و”الكرامة” والتعاون” كلمات ترددت مرارا في خطابات هذه التظاهرة الكبيرة التي تندرج في إطار الرئاسة الإيطالية للاتحاد الأوروبي وشارك فيها 250 مندوبا من 42 بلدا من الاتحاد من أجل المتوسط، بمن فيهم ممثلو شبكات المجتمع المدني ومؤسسات إقليمية ووسائل إعلام وقادة سياسيون.

ويوحي شعار التظاهرة “الفصل التالي من الحوار المتوسطي” الكثير بشأن رغبة قادة المؤسسة والدول التي تدعمها ماليا ومعنويا، في الذهاب أبعد في مسار انطلق منذ عشرين سنة وأسفر، عشر سنوات بعد ذلك، عن ميلاد هذه المؤسسة.

وقد فرضت هذه المؤسسة ، كما أبرز ذلك الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية رومانو برودي ، نفسها “بقوة الشجاعة والابتكار والسلطة المعنوية” كمنظمة أورو-متوسطية بامتياز وأحدثت التقائية بين المجتمعين المدنيين شمال وجنوب المتوسط”.

وقال مستشار جلالة الملك ورئيس المؤسسة السيد أندري أزولاي، الذي يستعد بعد ولايتين على رأس المؤسسة لتسليم مهامه لخلفه من شخصيات الضفة الشمالية للمتوسط، “أنجزنا الكثير من الأشياء، إلا أنه لا يزال الكثير ينبغي إنجازه”.

وأضاف، مستعرضا عمل المؤسسة، “غيرنا الكثير من الأشياء وأظهرنا أنه بالإمكان دائما تغييرها. وفرنا للمتوسط نقاطا مرجعية وتوجيهات حول إمكانية العيش معا وبحرية، والتعبير عن آرائنا الخاصة مهما اختلفت”.

وأبرز السيد أزولاي، في ختام هذا التجمع الكبير للمجتمع المدني، أن “الحوار أساسنا في أي عمل”، مشيرا إلى أن “الثقافة ينظر إليها فقط كعاطفة وجمالية”، في حين أنها تعني أيضا “وقف الإقصاء والتراجع وانهيار العلاقات بين الأشخاص، الأمر الذي لا يؤدي بنا سوى إلى العودة إلى العصر الحجري وتعميق الهوة بيننا وبين الآخر”.

كما أكد أن عمل مؤسسة آنا ليند يهم أيضا التنمية “ليس فقط من باب الترف، وإنما باعتبارها ضرورة”.

وبالنسبة للمدير التنفيذي للمؤسسة السيد أندرو كلاري، فإن المتوسط لا ينبغي إثارته فقط كبؤر للتوترات، بل إنه من الضروري جعله فضاء يسود فيه السلم والحوار.

وصرح لوكالة المغرب العربي للأنباء بأنه “يوجد هناك متوسط آخر فيه رجال ونساء يرغبون في العيش معا في كنف السلم ويبحثون عن عمل وتبادل الأفكار والتجارب. هذا هو المتوسط الذي تدعمه مؤسسة آنا ليند”.

وأشار السيد كلاري، مذكرا بأن تظاهرة نابولي أرضية لتبادل المقترحات، وتنسيق الجهود الدولية وتحديد المرحلة المقبلة للحوار بين الثقافات من أجل المتوسط في مواجهة الأزمة الاجتماعية، والتراجع الثقافي والعنف غير المسبوق بالمنطقة، إلى أنه خلافا لما يعتقده البعض، فإن شعوب المنطقة توحدها العديد من القيم.

وقال إن المواطنين الأوروبيين ونظراءهم من الضفة الجنوبية للمتوسط لديه “شهية متنامية” من أجل التعارف المتبادل، إلا أن أنهم يواجهون واقع تصاعد منذر لتوترات مثيرة لكراهية الآخر والطائفية، مما يؤثر على التماسك الاجتماعي بالمنطقة.

وتؤكد تصريحات السيد كلاري خلاصات تقرير مؤسسة أنا ليند لسنة 2014 التي شكلت محاوره موضوع نقاش عمومي على المستوى الدولي، خاصة التغيير الاجتماعي في المنطقة الأورو متوسطية، وأوجه الشبه والاختلاف بين أنظمة القيم، والعامل الديني في العلاقات بين الثقافات، والتنقل البشري، ودور الثقافة في العلاقات المتوسطية، والمواطنة بين الثقافات، والاتحاد من أجل المتوسط والتعاون الإقليمي.

وتتمثل أحد أهم استنتاجات التقرير في أن الثقافة وقيم الأشخاص المنتمين لشعوب مختلفة في المتوسط تتجه نحو المزيد من التقارب، خلافا لما تروجه وسائل الإعلام والسياسة عبر اللجوء المتواتر جدا للصور النمطية.

وتظهر خلاصات التقرير بالفعل “شغفا متناميا” لمعرفة المتوسطي الآخر كأرضية للتعاون بالمنطقة. وارتفع اهتمام الأوروبيين بمعرفة المزيد حول الشؤون السياسية والاقتصادية والدينية والثقافية منذ 2009 إلى حوالي 80 في المئة، في حين بلغ المعدل المتوسط لهذا الاهتمام حوالي 65 في المئة في جنوب وشرق المتوسط.

وبالمقابل تراجعت المرتبة التي احتلتها المعتقدات الدينية في قائمة الأولويات منذ عام 2009، حيث احتلت الأسرة المرتبة الأولى في قائمة الأولويات (56 بالمائة) يليها احترام الثقافات الأخرى (5، 39 بالمائة) فيما تراجعت المعتقدات الدينية إلى المركز الثالث (33,5 بالمائة).

واعتبر التقرير أن التنوع الثقافي يعد أحد مصادر الرخاء في المجتمعات (82 بالمائة)، رغم أن نصف الأشخاص تقريبا يعتقدون أن للتنوع الثقافي أثرا سلبيا على الاستقرار الاجتماعي (47 بالمائة).

وأبدى مواطنو دول المنطقة تفاؤلا بالمستقبل، وظهر ذلك بشكل خاص في دول ساحل جنوب وشرق البحر المتوسط، حيث يعتقد 65 بالمائة منهم أن حياتهم ستتحسن إلى الأفضل خلال السنوات الخمس القادمة، كما عبر أغلبهم عن استعدادهم لبدء حياة جديدة في وطنهم الأصلي إذا سنحت لهم الفرصة.

وسواء في أوروبا أو في دول جنوب وشرق البحر المتوسط ، يعتقد الأشخاص أن الأفعال الفردية هي أكثر الأدوات فاعلية في تحسين المشاكل الاجتماعية (بنسبة 18,5 بالمائة) فيما يعتقد 13,5 بالمائة أن الأحزاب السياسية التقليدية يمكن أن تشكل الوسيلة الكفيلة بحل المشاكل، وآمن 11,5 بالمائة بفاعلية الحركات الاجتماعية.

وربط حوالي 80 بالمائة الصورة الإيجابية عن دول البحر المتوسط بسمات الضيافة والإرث الثقافي المشترك وأسلوب الحياة والطعام والمشاركة المجتمعية.

وقد تم خلال هذه التظاهرة تقديم حصيلة المؤسسة ومشاريعها المستقبلية وتنظيم نقاشات، وتميزت بالخصوص بالتنويه بالعمل الذي قام به السيد أزولاي على رأس مؤسسة (آنا ليند).

واعتبر السيد ستيفان فول، المفوض الأوروبي المكلف بشؤون التوسيع وسياسة الجوار الأوروبية، أن المكاسب التي راكمتها المؤسسة “ثمينة للغاية وضرورية أكثر من أي وقت مضى من أجل مقاومة كل الانحرافات وكل محاولات النكوص الهوياتي والإقصاء والانقسام الثقافي التي تلغم الفضاء المتوسطي وتجعله هشا”.

أما رئيس اللجنة الأوروبية السابق، رومانو برودي، فقال من جهته إنه “في زمن ما وفي فضاء يمزقه الانشقاق والإقصاء والمخاوف، أعطت مؤسسة أنا ليند، برئاسة السيد أزولاي، صوتا وعنوانا لمتوسط الكل، وللمتوسط الذي يعرف كيف يتعبأ وينخرط من أجل الاحترام والكرامة المتبادلين والمساواة التي يتعين أن يتأسس حولها مستقبل الشراكة الأورو متوسطية”.

وحسب السيد برودي، فإن الإنجازات التي تحسب لمؤسسة “آنا ليند” والتوافق الاجتماعي والسياسي للمؤسسة الذي نجحت في بنائه، انطلاقا من شبكة تضم 4000 منظمة غير حكومية، يمنح للاتحاد الأوروبي وشركائه، في جنوب المتوسط، “فرصة تاريخية” للسير قدما من أجل إعادة بناء فضاء مسالم ومتصالح مع قيم القرب والتضامن والمساواة التي ستحدد غدا ديمومة الشراكة الأورو متوسطية.

كما قام السيد محمد فهمي رئيس الشبكة المغربية لمؤسسة “أنا ليند” باستعراض أنشطة أزيد من 240 من المنظمات غير الحكومية المغربية التابعة للشبكة، مذكرا بالخصوص بأن هذه التظاهرة المنعقدة بنابولي تأتي في “ظرفية خاصة”.

وتابع السيد فهمي أن الاحتفاء بالذكرى العاشرة لتأسيس المؤسسة بنابولي الإيطالية يتزامن مع انتهاء فترة ولاية رئيس ومدير المؤسسة ، ويأتي أيضا في سياق يتميز بسلسلة من الاستحقاقات الانتخابية التي جرت في أنحاء أوروبا، والتي أفرزت في المجمل تقدما واضحا لليمين المتطرف، وتدهورا للأوضاع في عدد من بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط.

وقال إن “الشبكة المغربية التابعة لمؤسسة “آنا ليند” أبانت على نجاعتها وفاعليتها وقدرتها على التدبير وعلى توجيه النقاش وتوحيد القوى”، داعيا في هذا الصدد الى تقديم مزيد من الدعم للشبكة حتى تتمكن من مواصلة إتمام مهامها.

اقرأ أيضا

الاحصاء العام للسكان والسكنى.. انطلاق المرحلة الثانية من التكوين الحضوري للمشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين بجهة الرباط -سلا – القنيطرة

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 14:58

انطلقت، اليوم الإثنين بالرباط، المرحلة الثانية من التكوين الحضوري الخاصة بتكوين المشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين المشاركين في عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 بجهة الرباط – سلا – القنيطرة.

أولمبياد باريس 2024.. راكب الأمواج المغربي رمزي بوخيام يتأهل إلى الدور الثالث

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:49

تأهل راكب الأمواج المغربي، رمزي بوخيام ، ليلة الأحد – الاثنين، بتيهوبو في تاهيتي، إلى الدور الثالث لمسابقة ركوب الأمواج، ضمن دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024).

بورصة الدار البيضاء : أداء إيجابي في تداولات الافتتاح

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:23

استهلت بورصة الدار البيضاء تداولاتها اليوم الإثنين بأداء إيجابي، حيث سجل مؤشرها الرئيسي “مازي” نموا بنسبة 0,38 في المائة ليستقر عند 13.824,97 نقطة.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية