تبني خيار التعددية الحزبية في مرحلة مبكرة مكن المغرب من بناء تجربة برلمانية متينة ورائدة (رؤساء سابقون لمجلسي البرلمان)
الرباط – قال رؤساء سابقون لمجلسي البرلمان، يوم الاثنين بالرباط، إن تبني خيار التعددية الحزبية في مرحلة ومبكرة وفي سياق تاريخي مناهض لها مكن المغرب من بناء تجربة برلمانية متينة ورائدة في محيطها العربي والإفريقي.
واعتبر هؤلاء، خلال شهاداتهم حول حصيلة 50 سنة من العمل البرلماني في إطار أشغال ندوة دولية يعقدها البرلمان المغربي تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة تخليد الذكرى الخمسين لإحداثه، أنه تأكد اليوم أن هذا الاختيار كان اختيارا صائبا ضمن للبلاد “استقرارا ثابتا وأمنا مكينا”.
وفي هذا الإطار، أكد مصطفى المنصوري، الذي ترأس مجلس النواب بين 2007 و2010، أن المغرب بتبنيه لقرار التعددية الحزبية والسياسية والأخذ التدريجي بالنظام البرلماني المنفتح تمكن من بناء تجربة رائدة في محيطه العربي والإفريقي.
وأضاف أن هذه التجربة تميزت بنهج مسار متدرج توخى تكريس خيار البرلمانية الديمقراطية التعددية بشكل جعل منها تجربة متميزة عن غيرها من التجارب.
وذكر بأن هذا القرار الجريء اتخذ في سياق إقليمي وعربي ودولي مناهض للتعددية الحزبية وللنظام البرلماني الديمقراطي ارتباطا بتعاظم نفوذ المعسكر الشرقي آنذاك. ودعا من جهة أخرى إلى إحداث قناة إعلامية خاصة للتعريف بالمجهودات “التي تبذل تحت قبة البرلمان دفاعا عن قضايا المواطنين والوطن الاستراتيجية، وما تشهده كذلك قاعات اللجان الدائمة من مناقشات ومرافعات قانونية ومن بسط لمختلف القضايا الوطنية”.
وأبرز أهمية الانتقال بالدبلوماسية البرلمانية المغربية إلى “دبلوماسية مبادرة ومرافعة عن القضايا الأساسية للبلاد ومعرفة بأوراشه الكبرى في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، معتمدة في ذلك على ما راكمته من علاقات متميزة ورصيد مهم من الصداقات والشراكات مع مختلف بلدان العالم”.
من جانبه، أكد أحمد عصمان الذي ترأس مجلس النواب ما بين 1984 و1992، أن هذا الاختيار السياسي التعددي النابع من إرادة الأمة بكافة فئاتها مدعومة بإرادة وتوجيه من المؤسسة الملكية السامية في ظرف إقليمي وجهوي وعربي كان قد أمسى ميالا إلى الحكم الشمولي والابتعاد عن التعددية والديمقراطية والشورى “لأقوى دليل على النهج السليم الذي أرسى دعائمه صاحب الجلالة المغفور له الحسن الثاني، والذي يصونه ويرعاه خلفه صاحب الجلالة الملك محمد السادس”. وأوضح أن المغرب بنى ديمقراطية بصفة تدريجية ووضع لبناتها وفق حاجيات وتقدم المجتمع، معربا، في هذا السياق، عن اعتزازه برئاسة هذه المؤسسة “في ظرفية صعبة من تاريخ المغرب، كان لها ما بعدها، وأسست بحق للتناوب التوافقي”.
من جهته، قال جلال السعيد، الذي ترأس مجلس النواب ما بين 1993و 1997، إن الولاية التشريعية التي تولى فيها رئاسة مجلس النواب عرفت مجموعة من الإنجازات المهمة، مذكرا بالخصوص بما تحقق على مستوى العمل التشريعي وتلك المرتبطة بالدبلوماسية البرلمانية.
وأبرز، أنه على صعيد العمل التشريعي، سجل خلال تلك الولاية تزايدا في مستواه كما وكيفا، حيث انصب الاهتمام على مواضيع منها على الخصوص إصلاح التعليم وإصلاح نظام التقاعد المدني والعسكري، والإصلاح الجبائي.
وأضاف أن هذا العمل عرف أيضا المصادقة على مجموعة من القوانين تهم الشأن الاقتصادي، منها المدونة الجديدة للتجارة، وقوانين تنظم عمل الشركات، بما يجعل التشريع المغربي آنذاك منسجما مع متطلبات العولمة والقوى الاقتصادية التي يتعامل معها خاصة منها الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن العمل التشريعي طال أيضا مجال الحقوق والحريات، عبر المصادقة على قانون حماية المرأة والطفل، وقانون حماية الحرية الفردية في نطاق الخصومة الجنائية، مبرزا أن هذه الإصلاحات ستتعمق في بداية الألفية الثالثة بصدور مدونات جديدة مثل مدونة الأسرة.
وفيما يتعلق بالدبلوماسية البرلمانية خلال تلك الفترة، قال السيد جلال السعيد إن البرلمان المغربي كان يعاني شبه حصار سيما وأن الجارة الشرقية سخرت كل الإمكانات لمساندة الأطروحة الانفصالية، مبرزا أن هذا الوضع ما لبث أن تغير حيث استطاع البرلمان المغربي أن يلج المكاتب التنفيذية لعدة مؤسسات رسمية وإطارات دولية مشيرا إلى أن الوفد المغربي تمكن بتعاون وتنسيق مع الوفد الإسباني بالاتحاد البرلماني الدولي من إدراج اللغتين العربية والإسبانية ضمن اللغات المعتمدة بهذا الجهاز إضافة إلى الإنجليزية والفرنسية، وصولا إلى ترؤس ممثل المغرب السيد عبد الواحد الراضي للاتحاد .
من ناحيته، توقف السيد عبد الواحد الراضي، الذي ترأس مجلس النواب من 1997 إلى 2002، ثم إلى 2007، عند بدايات البرلمان المغربي، معتبرا أن النشأة اتسمت بالصراعات والمواجهات التي استمرت لسنين وكانت لها عواقب على الحياة السياسية المغربية.
وتحدث عن ظروف العمل في تلك المرحلة ، مذكرا في هذا الإطار بأن نواب الأمة الأوائل “كانوا يقيمون جلساتهم في مدرج كلية العلوم بالرباط، أما المكاتب فكانت موجودة في الممرات، إذ لم نكن نتوفر على الوسائل اللوجسيتية والبشرية المتوافرة الآن”.
واعتبر السيد الراضي أن التجربة البرلمانية والسياسية المغربية تطورت كثيرا على مر العقود وشهدت أوجها سنة 2011 مع تبني دستور جديد شاركت في إعداده كل القوى الحية للمجتمع المغربي.
أما السيد المعطي بن قدور، الذي تم انتخابه في يناير2009 رئيسا لمجلس المستشارين، فاعتبر أن البرلمان بمجلسيه “يمثل ذاكرة حية شاهدة على المواقف الثابتة في اتجاه تكريس المسار السياسي التعددي”.
وسجل بأسف استمرار تحكم الحكومة في التشريع في ظل ضعف الإنتاج التشريعي البرلماني، واستمرار بعض الظواهر التي تشوش على صورة العمل البرلماني من قبيل التغيب عن الجلسات.
وأبرز أن العمل الدبلوماسي للبرلمان يواجه مشاكل تتعلق بعدم التوفر على ملفات جاهزة عن بعض القضايا، وعدم التنسيق مع القطاعات الوزارية المعنية، داعيا إلى إحداث خلية للتنسيق بين مجلسي البرلمان والقطاعات الحكومية، خاصة وزارة الخارجية، للرفع من جودة العمل الدبلوماسي البرلماني.
ويشارك في هذه الندوة الدولية التي تنظم حول موضوع “50 سنة من العمل البرلماني بالمغرب وتطور الممارسة البرلمانية في العالم” خبراء ومسؤولون سياسيون مغاربة وأجانب. وسيسعى هؤلاء إلى جرد حصيلة 50 سنة من العمل البرلماني بالمغرب، ومناقشة سبل تطويره والرقي به على ضوء التجارب البرلمانية مع استحضار المرجعيات والدراسات التي أعدتها مختلف المنظمات المختصة في المجال.
كما سيتدارسون مواضيع مختلفة من بينها “البرلمان على ضوء الدستور الجديد لسنة 2011″ و”التجربة البرلمانية الأولى 1963-1965: المآل والدروس المستقاة” و”مقاربة سوسيولوجية ل 50 سنة من التشريع” و”تطور بنية ووظيفة البرلمان المغربي” و”الدلالات الدستورية والسياسية للتجربة البرلمانية المغربية”.
اقرأ أيضا
التحول الرقمي.. المغرب قطع أشواطا كبيرة في ظل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك (السيدة الفلاح السغروشني)
أكدت الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة، المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، اليوم الثلاثاء بباريس، أن المغرب، في ظل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، قطع أشواطا كبيرة في ورش تحوله الرقمي الطموح.
المغرب، محرك للنمو في إفريقيا بفضل التكامل الإقليمي (الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية)
أكد الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، ميني وامكيلي كيابيتسوي، اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء، أن المغرب يتموقع كمحرك للنمو في إفريقيا بفضل التكامل الإقليمي.
المغرب يعمل بشكل حثيث على تحقيق أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (السيد حجيرة)
أكد كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة المكلف بالتجارة الخارجية، السيد عمر حجيرة، اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء، أن المغرب، باعتباره فاعلا اقتصاديا رئيسيا في إفريقيا، يعمل بشكل حثيث على تحقيق أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
أخبار آخر الساعة
-
التحول الرقمي.. المغرب قطع أشواطا كبيرة في ظل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك (السيدة الفلاح السغروشني)
-
المغرب، محرك للنمو في إفريقيا بفضل التكامل الإقليمي (الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية)
-
المغرب يعمل بشكل حثيث على تحقيق أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (السيد حجيرة)
-
السيدة بنعلي.. الوزارة ستواصل خلال سنة 2025 العمل على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة
-
موسم الشمندر السكري 2024-2025: كوسومار تروم مضاعفة المساحات المزروعة لتصل إلى 45000 هكتار
-
الأمريكيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الـ47
-
المغرب يحظى بإعجاب كبير من النخب الفرنسية المهتمة بمستقبل إفريقيا (خبير فرنسي)
-
بانكوك: السيدة أخرباش تدعو لتقنين يصون حرية السوق الرقمية وحقوق مستخدمي الفضاء الرقمي