تباطؤ النمو بجنوب إفريقيا يعيق تحقيق أهداف خطة التنمية الوطنية

عبد الغني عويفية

  جوهانسبورغ – يظل تحقيق الأهداف المحددة في إطار خطة جنوب إفريقيا للتنمية التي أبرزها الرئيس جاكوب زوما في خطابه عن حالة الأمة الأسبوع الماضي، مجرد تمنيات في ضوء التباطؤ المستمر للنمو الاقتصادي في البلاد، حسب المحللين.

    وسعى الرئيس زوما، في خطاب ألقاه أمام البرلمان في كيب تاون إثر احتجاجات المعارضة الشرسة، لتركيز الاهتمام على هذه الخطة التي وضعتها الحكومة قبل عدة سنوات والتي يثير تنفيذها الكثير من الشكوك.

   ووفقا لزوما، فإن أمل إحياء هذه الخطة سيتعزز في 2017 مع انتعاش النمو الاقتصادي الذي يفترض أن يصل إلى 1,3 في المئة، مقابل معدل نمو شبه منعدم ب 0,5 في المئة في عام 2016.

    ويرى زوما أيضا أن جنوب إفريقيا تستعد لدخول مرحلة نمو جديدة، وهو التأكيد الذي لا يبدو أن مكاتب التحليل تؤيده.

   وتتوقع بعض هذه المكاتب أن يواصل النمو الاقتصادي في البلاد مواجهة عدد من العقبات، أساسا نتيجة أجواء عدم اليقين التي استقرت في البلاد مع اقتراب موعد انتخاب زعيم جديد لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم.

    وتتضمن الخطة، التي اعتمدت في عام 2012، سلسلة من الإجراءات للحد من الفقر ومظاهر اللامساواة التي لاتزال صارخة في البلاد بعد أكثر من 22 عاما على نهاية نظام الفصل العنصري في عام 1994.

   وتهدف الخطة، في هذا السياق، إلى إحداث 11 مليون فرصة عمل جديدة بحلول عام 2030 لاحتواء البطالة التي تطال، وفقا للأرقام الرسمية، 27,1 في المائة من السكان النشيطين في هذا البلد الذي يعد الأكثر تصنيعا بالقارة الإفريقية.

   ومع ذلك، ستحتاج جنوب إفريقيا، من أجل تحقيق هذه الأهداف، معدل نمو اقتصادي سنوي يبلغ حوالي 5.4 في المئة حتى عام 2030.

   وتقول كاميلا كابلان، الخبيرة الاقتصادية في مكتب إنفستيك إنه “سيكون من الصعب جدا تحقيق هذا الهدف على الأقل في المستقبل القريب”.

   وحسب المحللة، تتنبأ التوقعات الأكثر تفاؤلا بزيادة طفيفة في الناتج الداخلي الخام لجنوب إفريقيا بنسبة 2 في المئة في عام 2020.

   وأضافت أن “الأجواء الراهنة تدفعنا للقول إن المهمة ستكون شاقة لتحقيق أهداف الخطة الحكومية”، مشيرة إلى أنه من أجل “تحريك الأمور”، يجب على الحكومة أن تنفذ، دون تأخير، إصلاحات هيكلية قادرة على وضع البلاد مجددا على مسار النمو.

   ويؤكد معلقون آخرون على ضرورة أن يبدد الحزب الحاكم الشكوك السياسية التي تلقي بظلالها على الآفاق المستقبلية للبلاد.

   وقالت كابلان “هذا يمر بالضرورة عبر انتقال هادئ وسلمي نحو اتجاه جديد”.

   ويشهد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي حاليا انقسامات عميقة حول خلافة زوما. ويتنافس اثنان من المرشحين على هذا المنصب، هما نكوسازانا دلاميني-زوما، الوزيرة السابقة والرئيسة السابقة لمفوضية الاتحاد الإفريقي، وسيريل رامافوزا، نائب الرئيس الحالي.

    من جهة أخرى، يدعو المحللون لتوسيع دور القطاع الخاص في الجهود المبذولة للحد من البطالة والفقر في البلاد.

   وقال الرئيس زوما في خطابه أمام البرلمان إن حكومته ستنفذ برنامجا لتحفيز الاقتصاد من خلال تعزيز التصنيع وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة.

   ومع ذلك، لا يبدو أن التدابير التي استعرضها الرئيس مقنعة للمحللين كأندري رو، الباحث في جامعة ستيلينبوش.

   ويرى هذا الأخير أن اقتصاد جنوب إفريقيا يحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة وعميقة، مشيرا إلى أن تبعية الاقتصاد لصادرات المواد الأولية لا تزال يشكل عائقا كبيرا.

   وأضاف أنه يتعين على جنوب إفريقيا إحداث تنويع حقيقي في اقتصادها، مؤكدا أن هذا التنويع لن يكون ناجحا سوى عبر تشجيع الاستثمار.

   ورغم ذلك، يضيف المحلل، فإن أجواء عدم اليقين السائدة لا تبدو مشجعة لانتعاش قريب في الاستثمار.