بيت العبيد بجزيرة (غوري) السنغالية.. ذاكرة تأبى النسيان

بيت العبيد بجزيرة (غوري) السنغالية.. ذاكرة تأبى النسيان

الأربعاء, 24 أغسطس, 2016 - 11:33

عبد اللطيف أبي القاسم

جزيرة غوري (السنغال)-  في اليوم الدولي لذكرى الاتجار بالرقيق الأسود وإلغائه والذي يصادف 23 غشت من كل سنة، ما زالت جزيرة غوري الواقعة في عرض الساحل على بعد بضع كيلومترات من العاصمة السنغالية دكار، تنتصب كشاهد على المآسي التي عاشها العبيد الأفارقة على يد الرجل الأبيض، وتقدم نفسها اليوم حارسا لذاكرة تأبى النسيان.

وشكلت هذه الجزيرة التي صنفت سنة 1978 على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) للتراث العالمي الإنساني، محطة لاحتجاز وترحيل ملايين الرجال والنساء والأطفال الذين كان يتم اقتيادهم خلال القرن ال15 وما بعده من مختلف أنحاء القارة الإفريقية نحو الأمريكيتين.

ويعتبر “بيت العبيد” الواقع بهذه الجزيرة التي تناوب على احتلالها الهولنديون والبرتغاليون والفرنسيون والإنجليز، رمزا وشاهدا على قساوة ظروف احتجاز العبيد الأفارقة، حيث تتناقل ذاكرة السكان المحليين قصص ماض أليم عاشه أجدادهم في هذه الجزيرة التي تعد اليوم بمثابة شهادة الجغرافيا على فظاعة التاريخ.

ويضم بيت العبيد الذي تم تشييده سنة 1776، غرفا ضيقة ومظلمة لا تتجاوز مساحتها أربعة أمتار مربعة أو يزيد قليلا، كان يحشر فيها العبيد مقيدين بالسلاسل والأغلال في أعناقهم وأيديهم وأرجلهم.

ويقول موسى، الشاب السنغالي المقيم في الجزيرة، والذي رافق وكالة المغرب العربي للأنباء في زيارتها للجزيرة، إن توزيع العبيد على هذه الغرف كان يتم حسب الجنس والسن والوزن أيضا، وكانت كل غرفة تخصص لاحتضان ما بين 15 و20 من العبيد لمدة تفوق ثلاثة أشهر.

ويطالع زائر “بيت العبيد” غرفة أضيق من سابقاتها وذات سقف خفيض جدا لا يمكن أن يلجها العبد إلا منحنيا. وهي غرفة يقول موسى إنها كانت مخصصة لكل من حاول التمرد من العبيد من ذوي البنية الجسمانية الضخمة أساسا.

وحسب موسى، فإن العبيد الذين كانوا يصابون بأمراض مستعصية آنذاك كانوا يعزلون في غرفة لوحدهم، قبل أن يلقى بهم في البحر عبر بوابة تحمل اسم “بوابة اللاعودة”، وهي نفسها البوابة التي يتم عبرها ترحيل العبيد.

وفي رسالة بمناسبة اليوم الدولي لذكرى الاتجار بالرقيق الأسود وإلغائه لهذه السنة، أكدت المديرة العامة لليونيسكو، إيرينا بوكوفا، أن “تاريخ الاتجار بالرقيق الأسود والاسترقاق ولد سيلا من السخط والقسوة والمرارة لم ينضب حتى الآن. ولعل طمس هذا التاريخ أو نسيانه يمثل خطأً وجريمة”.

وأكدت بوكوفا أن احتفال اليونسكو بهذا اليوم الدولي يعد “تكريما لجميع أولئك المكافحين من أجل الحرية وسعيا باسمهم إلى إدامة تدريس هذا التاريخ والقيم التي يحملها”.

وفي تجسيد لهذا الحرص على حفظ الذاكرة، يعمل السنغاليون، وسكان الجزيرة بالخصوص، على وصل الماضي بالحاضر ونقل تاريخ جزيرتهم للأجيال اللاحقة، وكذا للسياح الذين يقدمون إليها من كل دول العالم.

ويقول عبدولاي (77 سنة)، وهو إمام مسجد بالجزيرة، وله أبناء وأحفاد، في تصريح للوكالة، إن ما تعرض له الأفارقة في الماضي من احتجاز وترحيل واتجار كان قاسيا. “لقد كان المستعمرون يقتادون أجدادنا قسرا إلى هنا ويحشرونهم في بيت العبيد تماما مثل علب السردين لمدة طويلة في انتظار ترحيلهم”.

كانت الشابة مريما، وهي أصغر بنات الإمام عبدولاي، وأم أحفاده، تتكفل بترجمة ردود والدها من لهجة الولوف إلى الفرنسية، قبل أن تتولى هي نفسها وبشكل تلقائي الرد على أسئلة الوكالة. فهي كغيرها من بنات وأبناء جيلها تحفظ تاريخ الجزيرة عن ظهر قلب. تعدد الأحداث وسنوات وقوعها، والمستعمرين وجنسياتهم، وتصف عذابات الأجداد من العبيد السود كأنها عاشتها.

“هذا التاريخ سيبقى حيا”، تقول مريما. وتضيف وعيناها تتأملان أطفالها وأطفال إخوتها وهم يتناولون غذاءهم في باحة المنزل، “سننقل ذكرى الأجداد للأحفاد. وسنخبرهم بالمعاناة التي تعرض لها آباؤهم في الزمن القديم”.

وفي ردها على سؤال حول طبيعة الرسالة التي يحملها سكان الجزيرة للعالم اليوم بعد مرور أزيد من قرنين على إلغاء الاتجار في الرقيق، تقول مريما إن مجمل ما يمكن قوله يتلخص في جملة واحدة “نحن باعتبارنا أفارقة نصفح نعم، لكننا لن ننسى”.

اقرأ أيضا

السياحة المغربية.. إطار تحفيزي وإشارات قوية للمستثمرين (وزارة)

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 15:58

أفادت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بأن المغرب وضع عدة تدابير تحفيزية جذابة للرفع من جاذبية الاستثمار في الإيواء والترفيه السياحيين، مما يوفر فرصا استثمارية لا مثيل لها.

مجلس النواب يختتم الدورة الثانية من السنة التشريعية 2023-2024

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 14:45

اختتم مجلس النواب، اليوم الخميس، الدورة الثانية من السنة التشريعية 2023-2024 للولاية التشريعية الحادية عشرة (2021-2026).

التغيرات المناخية.. المغرب قادر على تقديم أجوبة مبتكرة (السيدة بنعلي)

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 14:40

أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، اليوم الخميس بالرباط، أن المغرب قادر على تقديم أجوبة مبتكرة في إطار الجهود العالمية لمواجهة التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية.