بوادر تسوية بشأن قضية الجنديين الإيطاليين المتهمين بقتل صيادين هنديين

سعد أبو الدهاج

نيودلهي  بعد أربع سنوات من الخلافات والتوتر، يبدو أن الأزمة التي تعكر صفو العلاقات الهندية – الإيطالية، قد بدأت تأخذ منحى إيجابيا باتجاه إيجاد تسوية قانونية لقضية الجنديين الإيطاليين المتهمين بقتل صيادين هنديين اثنين.

وكانت العلاقات بين البلدين قد وصلت إلى طريق مسدود، عندما طالبت سلطات روما بالإفراج عن الجنديين، بالنظر إلى أن حادث إطلاق النار وقع في المياه الدولية، فيما رفضت نيودلهي وأصرت على محاكمتهما .

وترجع فصول هذه القضية إلى سنة 2012 ، عندما أقدم جنديان من مشاة البحرية الإيطالية، ماسيميلينو لاتوري وسالفاتوري جيروني، أثناء قيامهما بحراسة سفينة شحن، على إطلاق النار باتجاه قارب صيد ظنا منهما أنه يعود إلى قراصنة، ما تسبب في مقتل اثنين من الصيادين الهنود.

ولم تسفر المفاوضات بين الهند وإيطاليا، طيلة هذه المدة، عن نتائج مهمة، باستثناء اتفاق البلدين خلال العام الماضي على إحالة القضية على المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي، وإلزامية الامتثال لما ستصدره من قرار بشأن هذا النزاع .

وكان أحد الجنديين المتهمين، ويدعى ماسيميليانو لاتوري، قد عاد في شتنبر 2014 إلى منطقة بوغليا (جنوب إيطاليا)، بعد أن قضت المحكمة العليا في الهند بأنه “يمكن للجندي الإيطالي أن يعود إلى بلاده من أجل تلقي العلاجات اللازمة، بعدما تم إدخاله إلى أحد مستشفيات العاصمة نيودلهي بسبب قصور في جريان الدم”.

وأكدت السلطات الهندية حينها أن السفير الإيطالي في نيودلهي تعهد أمام هيئة المحكمة بأن يعود لاتوري خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر، للمثول أمام المحكمة رفقة زميله الذي ظل بالهند .

غير أن القضية شهدت، يوم الاثنين، تطورا جديدا بعدما قضت محكمة تحكيم دولية، تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، بأن تفرج الهند عن الجندي الإيطالي المعتقل لديها منذ أزيد من أربع سنوات، وتسمح له بالعودة إلى بلاده.

ونقلت وسائل إعلام هندية ودولية عن بيان لوزارة الخارجية الإيطالية قوله، إن المحكمة الدولية أصدرت حكما ابتدائيا يقضي بضرورة السماح لسالفاتوري جيروني بالعودة إلى إيطاليا، مضيفة أنها ستكون على اتصال بسلطات نيودلهي من أجل ضمان عودته في أسرع وقت ممكن إلى وطنه .

وقد اتسم رد الفعل الهندي تجاه التطورات التي شهدتها هذه القضية بنوع من التهدئة والنزوع نحو إيجاد تسوية، بعدما أعلنت وزارة الشؤون الخارجية الهندية أن “سالفاتوري جيروني، أحد متهمين من مشاة البحرية الإيطالية بمقتل صيادين هنديين اثنين أثناء مهمة لمكافحة القرصنة في 2012، قد أصبح بوسعه العودة إلى وطنه” .

وأوضح بيان الخارجية الهندية أنه “بالرغم من أنه لا يزال تحت سلطة المحكمة العليا الهندية، فإنه بوسع جيروني العودة إلى إيطاليا خلال فترة نظر القضية أمام المحكمة الدولية”، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة أكدت التزام  إيطاليا بإعادته إلى الهند إذا تبين أن لهذه الأخيرة سلطة قضائية عليه بخصوص هذه القضية.

على أن هذه القضية شكلت مادة دسمة استغلتها المعارضة البرلمانية الهندية، التي يقودها حزب (المؤتمر)، من أجل توجيه اتهامات وانتقادات لحكومة الوزير الأول، ناريندرا مودي، حول ما وصفته بـ “البطء والعجز عن اتخاذ قرارات حاسمة في هذه القضية” .

وهذا ما جعل الحكومة الاتحادية الهندية تدافع بقوة، يوم الجمعة الماضي، عن طريقة معالجتها لبعض النزاعات الخارجية، رافضة بشكل تام التقارير والانتقادات التي تتحدث عن توصل الوزير الأول إلى اتفاق مع الحكومة الإيطالية بشأن هذه القضية ذات البعد الدولي.

 وفي هذا الإطار، شدد بيان لوزير المالية في الحكومة الاتحادية، آرون جيتلي، على أن “الاتهامات الموجهة للحكومة بشأن هذه القضية هي أبعد عن الحقيقة وصادرة عن نوايا خبيثة من قبل من لا يستطيعون رؤية الوزير الأول وهو يحقق النجاحات”، نافيا ما ورد حول وجود روابط بين أحد المتهمين في تلك القضية والسكرتير الرئيسي للوزير الأول الهندي.