بنما والمغرب .. إرادة مشتركة لإرساء علاقات ثنائية رفيعة المستوى

بقلم .. هشام المساوي

بنما – لم يكن اختيار بنما لعاصمة المملكة المغربية، الرباط، لافتتاح أول سفارة لها بشمال إفريقيا سنة 2014 اعتباطيا، بل كان بعد دراسة لوزارة الخارجية البنمية أسفرت عن وضع مخطط استراتيجي لتوسيع شبكة تمثيلياتها الدبلوماسية بالقارة الإفريقية.

ويرى عدد من المراقبين بأن قرار الخارجية البنمية لافتتاح سفارة بالمغرب نابع من مكانة المملكة كقوة إقليمية مؤثرة في محيطها، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الثقافي، فضلا عن موقعها الاستراتيجي بشمال القارة الإفريقية بملتقى المحيط الأطلسي بالبحر الأبيض المتوسط، أي في ملتقى أهم الطرق البحرية في العالم.

وتعززت العلاقات بين البلدين إثر الزيارة الرسمية الأخيرة لوزير الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، بدعوة من حكومة بنما يومي 11 و12 يناير الجاري، والتي تميزت بالتوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون الثنائي، وافتتاح سفارة المغرب ببنما لتكون صلة وصل نحو مزيد من التنسيق والتعاون في عدد من الملفات المشتركة.

بهذا الصدد، أكد السيد مزوار أن “العلاقات بين بنما والمغرب تشهد دينامية جديدة تقوم على رؤية متجهة نحو المستقبل”، موضحا أنه “اليوم، هناك إرادة بين البلدين للمضي قدما، في إطار تعاون متين يندرج في رؤية نحو المستقبل”.

وشدد على أن “هذا خيار واضح بالنسبة للمغرب، وهو يدخل ضمن توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس للرقي بعلاقات التعاون جنوب جنوب، التي جعلت منها الدبلوماسية المغربية أولوية في مجال العلاقات الدولية”.

واعتبر أن زيارته لجمهورية بنما، التي جاءت استجابة لدعوة تم الاتفاق عليها قبل 3 أشهر، تندرج في سياق “رؤية المغرب واختياره إرساء علاقات غير ظرفية مع بنما (…) بل علاقات ترتكز على الرغبة في التأسيس لشراكة بين دولتين”، مبرزا أن “من مصلحة بنما التركيز في العلاقات مع المغرب، الذي يضطلع بدور إقليمي هام”.

ومن جانبها، اعتبرت نائبة رئيس الجمهورية ووزيرة الخارجية البنمية، إيزابيل سان مالو دي ألفارادو، أن الرئيس، خوان كارلوس فاريلا، يولي أهمية خاصة لتعزيز علاقات التعاون مع المغرب.

وأعربت للسيد مزوار عن “شكر” حكومة بلدها للمغرب لوضع بنما “ضمن أجندة السياسة الخارجية” للمملكة، معتبرة أن “علاقات الصداقة بين البلدين جد مهمة بالنسبة لبنما”.

وأشارت إلى أن التوقيع على اتفاقيات التعاون في مجال الثقافة والتكوين الدبلوماسي الأكاديمي والتبادل بين المناطق الحرة والصناعية، والتي تبرز الدينامية الجديدة في العلاقات الثنائية، من شأنه أن يضع الإطار المناسب لتعاون أكثر قوة في المستقبل.

ومن خلال بوابة المغرب، القوة الاقتصادية الإقليمية الكبرى بشمال إفريقيا، تسعى بنما إلى تعزيز وجودها بالأسواق الإفريقية والبحث عن فرص أعمال جديدة، عبر الرفع من حجم التبادل بين المنطقة الحرة لكولون الواقعة على الساحل الأطلسي، والأرضية المينائية لطنجة المتوسط.

وتتجاوز العلاقات بين البلدين المستوى الحكومي لتمتد إلى المؤسسة التشريعية، حيث يسود التفاهم والدفاع عن المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.

في هذا الصدد، لم يفت رئيسة لجنة العلاقات الخارجية بالجمعية الوطنية للنواب (البرلمان)، دانا كاستانييدا، التأكيد على أن مخطط الحكم الذاتي، الذي اقترحه المغرب لتسوية نزاع الصحراء، سيضمن الاستقرار ويساهم في ازدهار المنطقة.

وشددت كاستانييدا، في تصريح صحفي عقب مباحثات مع السيد مزوار، على أن تطبيق مخطط الحكم الذاتي، الذي وصفته بالمهم، سيسمح للمغرب بممارسة سيادته على أقاليمه الجنوبية، مبرزة أن من شأن ذلك أن يخلق دينامية تضمن التنمية الاقتصادية، والاستقرار أيضا بالنسبة لسكان المنطقة.

وأعربت كاستانييدا، التي سبق لها أن زارت الأقاليم الجنوبية، عن إعجابها بالتنمية الاقتصادية والدينامية التي يشهدها المغرب، وخاصة منطقة الصحراء، وذلك طيلة السنوات الماضية، مشيرة إلى المكانة التي أصبحت تحتلها المرأة في النسيج السياسي والاقتصادي المغربي.

وقالت المسؤولة .. “أعتقد أن المغرب مقبل على سنوات من التنمية والتقدم، وسينعم شعبه بالديمقراطية والتنمية والازدهار”، موضحة أن من شأن ذلك أن يجعل من المملكة مثالا يحتذى في هذا المجال.

كما احتفت العديد من الصحف البنمية بالزيارة الرسمية للسيد صلاح الدين مزوار، الأولى من نوعها لوزير خارجية مغربي إلى هذا البلد الواقع بامريكا الوسطى، باعتبارها خطوة نحو علاقات متينة تقوم على “الثقة والمصالح المتبادلة” وتتجاوز الحسابات الظرفية، كما تفتح الباب أمام آفاق واعدة بالنسبة للبلدين والشعبين.