بعد سنة على اغتيالهم لمغني الراب بافلوس فيسياس اليونان تستعد لمحاكمة النازيين الجدد

(من مراسل الوكالة الدائم باليونان عبد الرزاق طريبق)

أثينا – مرت خلال الاسبوع المنصرم الذكرى الأولى لمقتل مغني الراب اليوناني المناهض للفاشية بافلوس فيسياس (34 سنة) في 18 شتنبر 2013، بينما يترقب الرأي العام بدء محاكمة قادة حزب النازيين الجدد “الفجر الذهبي” والذين عجلت عملية الاغتيال تلك باعتقال غالبيتهم.
ومددت محكمة الاستئناف بأثينا لستة أشهر أخرى اعتقال جيورجوس روباكياس (45 سنة) عضو الحزب المتهم بقتل فيساس. ويتم التحضير لمحاكمته الى جانب 78 من قياديي الحزب وأنصاره وهي المحاكمة التي يتوقع أن تنطلق في نونبر المقبل.
وشهدت المدن اليونانية عدة تظاهرات بمناسبة حلول الذكرى الأولى لمقتل فيسياس، وشارك أزيد من 4000 شخص الخميس الماضي في مظاهرة ضد الفاشية في شوارع أثينا ارتدى خلالها متظاهرون أقمصة كتبت عليها عبارة “لن ننسى”، فيما تظاهر نحو 6000 شخص في مدينة تيسالونيك ثاني أكبر مدينة في البلاد.
كما أقيم حفل موسيقي نهاية الاسبوع في وسط أثينا بحضور منظمات وجمعيات مناهضة للفاشية. وقال بعض المتظاهرين “كنا نعتقد أننا نعيش الديموقراطية في اليونان لكننا اكتشفنا أنه يوجد بيننا نازيون أكثر مما كنا نتوقع. لقد مثل ذلك صدمة”.
واعتقلت الشرطة 73 شخصا ليل الخميس الجمعة إثر مواجهات مع نازيين جدد، ووجهت لهم تهم الاخلال بالأمن، وإتلاف ممتلكات عامة وحيازة المتفجرات. كما وجهت لاحدهم تهمة قذف أفراد الشرطة بقنبلة “كوكتيل مولوتوف” ما ألحق أضرارا جسيمة بمباني.
وكان مقتل فيسياس قبل سنة من الآن الدافع وراء قيام السلطات بتحقيقات موسعة شملت قادة حزب “الفجر الذهبي” وممثليه في البرلمان وأنصاره، حثي تم اعتقال 78 شخصا على خلفية تلك الجريمة.
كما أقدمت السلطات على وقف دعم الدولة للحزب المقدم في إطار الدعم العمومي للأحزاب والمنظمات السياسية.
ووجهت التهم ل 16 من قادة الحزب المتطرف ونحو 60 من أنصاره بالانتماء لمنظمة إجرامية. لكن رغم ذلك يظل الحزب في وضع جيد في استطلاعات الرأي.
وكانت الصدمة التي خلفتها جريمة قتل فيسياس داخل اليونان وفي الخارج وراء إقدام السلطات للمرة الأولى على فتح تحقيقات موسعة في أنشطة الحزب الذي غالبا ما ارتكب أعضاؤه ومناصرون أعمالا عنصرية وعدائية ضد المهاجرين والأجانب ومناضلي اليسار خلال السنوات الماضية بدون أن يتم فتح أي تحقيق.
وغالبا ما اشتكى المهاجرون بالخصوص من الممارسات العنصرية لأعضاء الحزب والاعتداءات العنيفة لمناصريه والتي خلفت العام الماضي مقتل أربعة أشخاص وتسجيل أكثر من 300 اعتداء.
وأمام ضغط الشارع، وبالخصوص الضغط الأوربي، أقدمت سلطات أثينا بعد خمسة عشرة يوما من جريمة مقتل المغني المناهض للفاشية الى اعتقال الزعيم المؤسس ل”الفجر الذهبي” نيكوس ميشالولياكوس وعدد من النواب البرلمانيين التابعين للحزب بتهم تشكيل والمشاركة في منظمة إجرامية.
وحركت المتابعة في حق 16 نائبا برلمانيا من “الفجر الذهبي” واثنين من البرلمانيين السابقين الذين غادرا الحزب. وما يزال ثمانية منهم حاليا رهن الاعتقال وجميعهم يشكلون قيادة الحزب.
وفي السياق ذاته، وجهت النيابة العامة للمعتقلين 78 تهمة أبرزها تشكيل منظمة إجرامية.
لكن على الرغم من هذه الحملة ظل الحزب متقدما في استطلاعات الرأي. وخلال الانتخابات الأوربية الأخيرة لماي الماضي تمكن الحزب من الحصول على ثلاثة مقاعد في البرلمان الأوربي.
ويتوفر الحزب حاليا على 21 نائبا في البرلمان اليوناني وهو ما يمثل 39ر9 في المائة من الأصوات ويأتي مباشرة بعد حزب اليسار الجذري “سيريزا” وحزب الديموقراطية الجديدة المحافظ الحاكم.
وأسس حزب “الفجر الذهبي” في الثمانينات على أساس إيديولوجية عنصرية وخرج الى العلن مستفيدا من الغضب الشعبي العارم جراء الازمة الاقتصادية التي يعرفها البلد. ومعه ارتفعت خلال السنوات الأخيرة الأعمال العنصرية في اليونان.
وحسب وسيط الجمهورية فقد تم التوصل منذ سنة 2012 وبداية 2013 بنحو 300 شكاية لهجمات عنصرية كما قتل أربعة أشخاص في اعتداءات عنصرية.
وتقول شبكة رصد الاعتداءات العنصرية في اليونان، إن تلك الاعمال لها صلة بالمد المتزايد للحزب النازي الجديد “الفجر الذهبي”.
وأضافت في تقريرها الأخير أن الفترة التي شهدت فيها البلاد اعتداءات عنصرية أقل في بداية 2013 كان خلالها العديد من قادة وأنصار هذا الحزب اليميني المتطرف خلف القضبان.