بعد تعليق الحوار، الأغلبية الرئاسية تؤكد جاهزيتها للانتخابات البلدية والتشريعية ومنسقية المعارضة تتجه نحو المقاطعة
نواكشوط – بعد ثلاثة أيام من ” التشاور” كما تسميه الأغلبية الرئاسية في موريتانيا أو “الحوار” كما تطلق عليه منسقية أحزاب المعارضة، قررت هذه الأخيرة فجأة تعليق المفاوضات التي علقت عليها الكثير من الآمال من أجل التوصل الى اتفاق يضع حدا لحالة الجفاء بين الطرفين وينهي ” الأزمة السياسية ” القائمة ، وضمان مشاركة واسعة في الانتخابات البلدية والتشريعية المقررة في 23 نونبر المقبل و7 دجنبر في حالة الاحتكام إلى دور ثان .
لقد كان هذا الحوار الأول من نوعه بين الأحزاب المنضوية تحت لواء منسقية المعارضة (11 حزبا) والسلطة، منذ توقيع اتفاقية دكار في يونيو من سنة 2009 ، وهي الاتفاقية التي مهدت لآخر انتخابات شهدتها البلاد، الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز،لاسيما وأن الطرفين أبديا، بعد حوالي ثلاث سنوات من المواجهات والجفاء ، وعيا والتزاما برفع تحدي الحوار المستحيل، باتفاقهما على الدخول في مفاوضات يوم 29 من الشهر المنصرم .
الحكومة اختارت وفدها في هذا الحوار برئاسة محمد يحي ولد حرمه، وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان ونائب رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ( الحزب الحاكم)، فيما ترأس وفد منسقية المعارضة محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم. ومن المحاور التي تناولها النقاش حياد الإدارة وعدم استخدام وسائل الدولة لأغراض انتخابية والشروط المادية والتنظيمية والسياسية لإجراء هذا الاستحقاق المزدوج والهيئات المشرفة عليه، إضافة إلى تحديد أدوار اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والمجلس الدستوري والوكالة الوطنية للسجل السكاني.
لكن فجأة توقف اللقاء التشاوري بسبب خلاف حول مدة تأجيل الانتخابات البلدية والتشريعية التي اقترحت الأغلبية إرجاءها إلى السابع من دجنبر المقبل، فيما طالبت المنسقية كشرط أولي وقف الأجندة الانتخابية.
وعزت المنسقية تعليقها للحوار الى ” عدم جدية ” السلطة في تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة ، فيما اعتبر وفد الأغلبية المفاوض أن المنسقية “غير جادة” في مطالبها ورفضت عرض الحكومة.
وفي الوقت الذي كشف فيه حزب التجمع من أجل الجمهورية (الحزب الحاكم)، مساء أمس الخميس، عن لائحة مرشحيه للانتخابات البلدية، ومن ضمنهم وزيرة الوظيفة العمومية وعصرنة الإدارة أماتي بنت حمادي التي تم ترشيحها لرئاسة المجموعة الحضرية لنواكشوط ، التى يتولى رئاستها حاليا أحمد ولد حمزة من حزب التكتل المعارض، أعلنت مصادر مسؤولة بالمنسقية أن عشرة أحزاب من أصل الأحد عشر، المنضوية تحت لوائها، تتجه نحو مقاطعة الانتخابات المرتقبة، علما بأن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية يعد الحزب الوحيد الذي يمتلك مرشحين بجميع الدوائر الانتخابية والأوفر حظا للفوز في الانتخابات القادمة . وييقى الاستثناء الوحيد على مستوى منسقية المعارضة حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية ” تواصل” ذو التوجه الإسلامي، الذي يقوده محمد جميل منصور، حيث õآثرت غالبية أعضاء لجنته التنفيذية خيار المشاركة في الانتخابات البلدية والتشريعية المرتقبة .
وكان زعيم المعارضة الموريتانية ورئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه، قد أكد خلال مقابلة خاصة ضمن برنامج الحدث المغاربي الذي بثته قناة (فرانس 24 ) الفرنسية أمس الخميس، مقاطعة حزبه للانتخابات البرلمانية والبلدية بسبب ” تعنت ” السلطة و ” رفضها لمطالب المعارضة الرامية الى تحقيق النتخابات شفافة وحرة ونزيهة “.
غير ان وفد الأغلبية المحاور، اعتبر أن الأسباب التي عرضها وفد المنسقية كمبرر لتعليق الحوار” لم تكن مقنعة”، محملا إياها مسؤولية هذا الفشل، لأنها هي التي علقت الحوار ورفضت نقاش المسودة التي تقدمت بها الأغلبية الرئاسية كإطار للنقاش ، وتتضمن المسودة معطيات ” يؤخذ منها ويرد ” وفق تعبير رئيس وفد الأغلبية يحي ولد حرمة وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان ونائب رئيس التجمع من أجل الجمهورية، ، متهما المنسقية بأنها ظلت تقدم أرقاما “مغلوطة” لتدلل على عدم الجاهزية لإجراء الانتخابات في الوقت الراهن.
وفي هذا الصدد ، قال ان ما يناهز مليونين وسبعمائة ألف مواطن تم تقييدهم وأن مليونا وسبعمائة ألف وستة وستين ألفا، تم إصدار بطاقات تعريفهم، أي نسبة 80 في المائة ، وأن مليونا وأربعمائة ألف سحبوا بطاقات تعريفهم، عكس ما يقول أعضاء المنسقية ، وأن الإحصاء الانتخابي تجاوز تسعمائة واثنين وسبعين ألف ناخب، فيما سيتمكن أكثر من مليون ناخب من التسجيل على اللائحة الانتخابية ، بحسب المراقبين ، وهو ما يتناسب مع اللائحة الانتخابية في رئاسيات عام 2009 غير المحينة .
وكشف ولد يحي أن مشروع “الاتفاق السياسي” الذي عرضه وفد الأغلبية على وفد المنسقية خلال الأيام الثلاثة، والذي وصفه وفد الأغلبية بالقابل للتعديل، يشمل عدة مقترحات منها التزام أحزاب منسقية المعارضة بالمشاركة في الاستحقاقات البلدية والتشريعية القادمة مقابل التزام الأغلبية الرئاسية بالعمل على تفعيل كل المنظومة القانونية المتعلقة بشفافية ونزاهة الانتخابات خصوصا المتعلقة بقانون تمويل الحملات الانتخابية والنصوص المتعلقة بمعاقبة الرشوة الانتخابية والولوج المتكافئ لوسائل الاعلام العمومية والتدقيق في اللائحة الانتخابية من خلال مكتب خبرة دولي متخصص يتفق عليه الطرفان وتعديل القانون المنظم للجنة المستقلة للانتخابات بما يضمن مشاركة منسقية المعارضة فيها.
كما أكدت الأغلبية الرئاسية حرصها على توفير كافة متطلبات الشفافية والنزاهة وحياد إدارة الدولة ووسائلها ووضعها على مسافة واحدة من كل الفرقاء السياسيين وفقا للمنظومة القانونية الوطنية والأعراف الديموقراطية.
ويقضي نص الاتفاق الذي اقترحته الأغلبية ، من بين أمور أخرى ، بضرورة أن تتعهد الأغلبية الرئاسية إلى جانب المنسقية بدعوة اللجنة المستقلة للانتخابات الى تأجيل الاستحقاقات البلدية والتشريعية الى السابع من دجنبر على الأقل وتمديد آجال الإحصاء الاداري ذي الطابع الانتخابي إلى غاية 21 أكتوبر على الأقل، على اعتبار أن الأجندة الإنتخابية تحددها اللجنة المستقلة للإنتخابات التي تبقى على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية.
في المقابل أبدى الوفد المفاوض باسم منسقية المعارضة تحفظه على بعض النقاط المثارة في الحوار حيث أكد رئيسه محمد ولد مولود، رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، أن المنسقية طالبت بتعليق ما وصفه ب”الأجندة الانتخابية الأحادية”، مؤكدا أن الحوار شمل أربعة مواضيع صبت كلها في آلية تنظيم انتخابات توافقية ونزيهة.
وقال ولد مولود، خلال مؤتمر صحفي أمس الخميس ، إنهم اتفقوا مع وفد الأغلبية على تعليق الحوار حتى يتم التوصل إلى حل للخلاف، مؤكدا أنهم لم يحصلوا على ” ردود مقنعة” من الأغلبية، معتبرا أن المتحاورين من الطرف الآخر ” لم يكونوا قادرين على اتخاذ القرارات مهما كانت بساطتها “.
يذكر أن فترة إيداع لوائح الترشيحات للانتخابات البلدية ستنتهي اليوم الجمعة عند منتصف الليل وبعدها سيعرف الرأي العام الموريتاني من سيشارك في الانتخابات المحلية ومن سيقاطعها.
(محمد بن الشريف)
اقرأ أيضا
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
أعلن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، اليوم السبت، أن السلطة التنفيذية تعتزم إعلان المناطق المتضررة بشدة من الفيضانات المدمرة التي ضربت جنوب شرق البلاد “مناطق منكوبة”.
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
أصدر وزير العدل قرارا بإنشاء وتنظيم المصالح اللاممركزة للوزارة، متمثلة في مديريات إقليمية للعدل موزعة على مستوى الدوائر القضائية لكل محكمة استئناف.
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أمس الجمعة بالرباط، أن تعزيز حكامة المالية العمومية يخلق آثار إيجابية على عدة مستويات.
أخبار آخر الساعة
-
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
-
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
-
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
-
السيد بنسودة يدعو إلى تحسين نموذج الحكامة المالية العمومية
-
الصويرة تعيش على ايقاع فعاليات الدورة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية
-
المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء
-
الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية
-
الدار البيضاء.. إبراز تحديات حماية حقوق الملكية الفكرية بالتعليم في ارتباطها بالذكاء الاصطناعي (ندوة)