برازيليا الهادئة ترقص أيضا على إيقاعات الكرنفال

(بقلم نادية الهاشمي)

برازيليا – تعرف العاصمة برازيليا بكونها مدينة هادئة تنأى بنفسها عن أي صخب، لكنها مع الكرنفال فندت هذه الفكرة الخاطئة عنها، وانخرطت في احتفالية حدث هو الأكثر شعبية في البرازيل.
فإذا كانت السنة الجارية قد تميزت بعدم تنظيم استعراض لمدارس السامبا، لغياب الدعم المادي من السلطات المحلية، فإن احتفالات متنقلة نظمت من قبل مجموعات “بلوكوس” التي تنتمي لنفس الحي أو تجمع بين الأشخاص المكونين لها نفس الميولات. الجميع ضرب موعدا في الشوارع الكبرى للعاصمة برازيليا لتقديم برنامج احتفالي لا صوت فيه يعلو على نغمات الموسيقى والرقص على ايقاعات السامبا.
وتعود جذور أولى المجموعات إلى أواخر سنة 1800 حيث كانت تنظم استعراضات مصحوبة بالموسيقى المحلية والرقصات لكنها فشلت في الانتشار على نطاق واسع لكونها ظلت حبيسة منطقتها المحدودة.
ومع إنشاء برازيليا وإطلاق الكرنفال الخاص بها، فإن “البلوكوس” بدأت ترى النور في هذه المدينة على غرار باقي المدن الأخرى وكل مجموعة تتوفر على أغنية موضوعاتية وفرقة موسيقية لمرافقة المغنين.
وتجتهد كل مجموعة لاثارة الانتباه إليها كما تلجأ إلى إضافة أغاني شعبية إلى ريبيرتواراتها واليوم أصبحت الموسيقى الإلكترونية لا محيد عنها ضمن وصفة صنع البهجة في الكرنفال.
وتعمل نحو 20 مجموعة على إعطاء شوارع العاصمة الاتحادية برازيليا لونا وإيقاعا جديدين، وكثيرا ما تعمد المجموعات إلى اختيار أسماء لها لا يغيب عنها حس الطرافة والدعابة، فهناك من تطلق على نفسها اسم مجموعة “الصرصور” و”قداسة الخطيئة” و”احتضر ولكن لا تمت”.
ووفقا لتقديرات الشرطة العسكرية على مستوى العاصمة يتوقع حضور ما لا يقل عن 2, 1 مليون شخص في مختلف الاستعراضات التي تواصل المجموعات تقديمها منذ يوم السبت الماضي.
وخلال الأيام الثلاثة الأولى من الكرنفال، قامت المجموعات وببراعة كبيرة بتقديم عروض أنست المحتفلين جزءا من همومهم وخاصة تلك المرتبطة ببعوضة “الزاعجة المصرية ” التي تنقل فيروس زيكا المنتشر في هذا البلد الذي تتجاوز ساكنته 200 مليون نسمة.
ووجهت مجموعة “باكوداو” أكثر المجموعات خوضا في السياسة، سهام انتقاداتها ضد الحكومة والبرلمان خلال الكرنفال برفعها للافتات كتب عليها “البرازيل يجب أن تمر إلى تنظيف الفساد”، “ارحلي ديدي” ( في اشارة إلى اقالة الرئيسة ديلما روسيف) “غياب المال جلب الزاعجة المصرية”.
من جهتها، استطاعت مجموعة “راباريغوروس” إحدى أكبر “البلوكوس” في العاصمة برازيليا أن تستقطب ما بين 100 و150 ألف متتبع، وهو الجمع الذي ما كان لينفض دون أن يسجل وقوع أحداث من قبيل المشاجرات والسرقة بالعنف، مما أدى إلى تدخل الشرطة التي تمت تعبئتها بأعداد كبيرة.
وقد تم نشر ما مجموعه 7200 من أفراد الشرطة العسكرية، و 500 من أفراد الشرطة المدنية و 452 من رجال الإطفاء في جميع أنحاء المدينة بمناسبة الكرنفال.
وبالإضافة إلى هذه التدابير الأمنية، قامت السلطات بتعزيز عمليات جمع النفايات على مستوى العاصمة وذلك للحيلولة دون أن تصبح بؤرا خصبة لبعوض الزاعجة المصرية، أهم ناقل لفيروس الضنك وشيكونغويا وزيكا الذي تسبب في انتشار حالات الاصابة بصغر الرأس لدى الأطفال حديثي الولادة.
وخلال يوم السبت تمكنت مصالح النظافة من جمع ما يفوق 8, 31 طنا من القمامة من المكان الذي نظم به الكرنفال وهو رقم قياسي.
وخلال الاستعراضات، أعطيت تعليمات صارمة في ما يتعلق بحظر استعمال القارورات الزجاجية وما شابهها وكل ما من شأنه أن يساهم في تراكم المياه الراكدة حيث تتكاثر بعوضة الزاعجة المصرية.
وتهدف جميع هذه التدابير إلى الحد من خطر انتشار فيروس زيكا في برازيليا، حيث تم تسجيل 41 حالة مشتبها بها إلى غاية 2 فبراير الجاري، وفقا للأرقام الصادرة عن كتابة وزارة الصحة بالعاصمة.
ومن أصل 41 حالة إصابة بفيروس زيكا، فإن 36 حالة تعتبر محلية فيما تم تسجيل خمس حالات جلبت العدوى من خارج برازيليا، مما يؤشر على أنه إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الوقائية الكافية فمن المرجح أن ترتفع معدلات انتشار الفيروس وذلك بسبب وجود مناخ حار ورطب وتجمعات بشرية التأمت بمناسبة احتفالات الكرنفال.